الحدادة ليست للرجال فقط... شابة تثبت أن الإرادة تصنع الطريق

بقوة لا تصنع بالحديد بل بالخيال والفن، تشق آية حمزة من مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، التي تعمل بمهنة الحدادة منذ سنوات، طريقها الخاص وتلهم الشابات.

سوركل شيخو

الحسكة ـ في خضم الحروب والأزمات الدائرة في سوريا، تتألق نجاحات النساء كشعاع أمل. النساء اللواتي يُقاتلن بسلاحهن ضد العقلية الجهادية، يُحطمن أيضاً الأنماط السائدة في المجال الاجتماعي من خلال السعي وراء أحلامهن.

فتحت ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا مجالاً للنساء لتحقيق أحلامهن من خلال نضالهن، ويختلف هذا النضال ممن يراه بسيطاً في مجتمع ما قد يكون ثورة في مجتمع منغلق تحكمه العادات والتقاليد البالية.

 

حلم امرأة وقوة حديدية

آية حمزة، البالغة من العمر 18 عاماً، من أوائل النساء العاملات في مجال الحدادة في سوريا، وتعيش في مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، هذه الشابة ليست مجرد حدادة، بل هي أمل لجميع النساء، وبخبرتها في مهنة الحدادة، أصبحت قدوة للشابات وجميع النساء لتحقيق أحلامهن.

تقول أنها أول مرة تتحدث عن قصتها للإعلام ومن خلال وكالتنا عبرت عن حبها للمهنة التي أتقنتها لمدة 5 سنوات وتطورت فيها حتى بلغت الثامنة عشرة من عمرها. آية هي الابنة الكبرى في العائلة، والأقرب إلى والدها الذي علمها الحدادة "الحدادة شغفي. في أصعب الظروف، كانت سندي ورفيقتي".

وتعمل بالحدادة منذ أن كانت في الخامسة من عمرها "إذا رحل والدي، يطمئن قلبه. فهو يعلم أنه ترك من يدير العمل من بعده، وهو أنا"، وتُنجز آية حمزة جميع المهام المطلوبة، بمفردها ومع والدها، رغم الصعوبات التي تواجهها، مشيرةً إلى قوة المرأة، وأنه لا يوجد شيء صعب أو مستحيل بالنسبة للمرأة إذا أرادت تحقيق أحلامها وأهدافها.

 

"قالوا لي أنتِ امرأة، هذه المهنة ليست لكِ"

استذكرت آية حمزة الانتقادات التي وجهها المجتمع لاختيارها مهنة الحدادة "قالوا أنتِ امرأة، هذه المهنة ليست لكِ. لكن هناك حلم ورغبة هنا، فكلما سعت المرأة نحو حلمها، اقتربت من تحقيقه. لكن جزءاً من المجتمع فخورٌ أيضًا بمهنتي ويدعمها".

تظاهرت آية حمزة بأنها شاب لمدة 8 سنوات من أصل 9 سنوات قضتها بالعمل بالحدادة وتقول "لقد تظاهرات بأني شاب لمدة 8 سنوات خوفاً من نظرات المجتمع، لكنها منذ عام تقريباً خلعت قناعي" مؤكدةً أنها امرأة تعمل في هذا المجال، منذ عام، والجميع يعرف أن آية هي محمد الحداد.

 

تؤدي عملها بثقة

بشخصية امرأة حدادة واثقة، بوجهها الجميل، تظهر أمام الحدادين والمجتمع، لأنها تتميز بحبها للتحديات والمغامرات، وتسعى لإثبات أن عمل المرأة لا يقتصر على المطبخ أو التدريس، بل تستطيع القيام بأي عمل، لذا يتعامل الجميع مع عملها بثقة.

 

اختارت لنفسها طريقاً جديداً

تقول رداً على من شببها بالرجال "أنا لا أشبه الرجال، أنا امرأة، ولدي وظيفة وأُساعد عائلتي"، وترفض تقبّل فكرة أن المرأة ضعيفة، وأنها ستتزوج غداً، وأن رجلاً سيأخذ جميع مسؤولياتها "أحقق أحلامي بنفسي، لا أنتظر أحداً ليحققها. الحياة ليست زواجاً فحسب، بل هناك أحلام وإنجازات عظيمة تنتظرني لأحققها، لديّ أحلام. من أحلامي أن أبدأ مساراً جديداً وأدعم المرأة".

تقول آية حمزة للعائلات التي تقيد حرية بناتها "أنتم تُظلمون مستقبل بناتكم بأيديكم. هناك احترام لقرارات الوالدين، ولكن ليس كل ما يفعلونه صحيحاً. أحياناً لا يكفي الزواج لتوفير الاستقرار لبناتكم، بل يحتجن إلى مهنة، فليس كل زواج ناجحاً. عندما يكون لديكم مهنة، لا تستسلمون لأحد، بل تصبحون مصدر لقوتكم".

 

"اختاري طريقاً جديداً"

تدعو آية حمزة النساء اللواتي تشعرن بالعجز إلى التحلي بالقوة، واختيار طريق لأنفسهن، والسير وتحقيق أهدافهن في مجتمع حرمهن من دورهن ويريد إغراقهن في الجهل، لأن الطريق بانتظارهن فكما تقول الحدادة ليست مجرد قطع ولحام، بل هي تعليم وفن وإبداع.

ودعت المؤسسات المعنية إلى دعمها في افتتاح مستودع "مستعدة لتعليم كل فتاة وامرأة تحب هذه المهنة. المرأة تحتاج فقط إلى الدعم، حتى تثق بنفسها وتمتلك إرادة قوية".