وفيات الأمهات في المغرب تثير قلقاً ودعوات لإطلاق خطة وطنية عاجلة
أعربت فيدرالية رابطة حقوق النساء عن قلقها من تكرار وفيات النساء أثناء الولادة في المغرب، معتبرةً أن ذلك يكشف هشاشة المنظومة الصحية، خصوصاً في المناطق القروية.

المغرب ـ دعت رابطة حقوق النساء إلى تفعيل الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية، مؤكدة أن حماية حياة النساء مسؤولية وطنية تمس جوهر العدالة الاجتماعية.
أعربت فيدرالية رابطة حقوق النساء عن قلقها العميق وغضبها من تكرار حوادث وفاة النساء أثناء الولادة في عدد من مناطق المغرب، معتبرةً أن هذه الوقائع تكشف استمرار هشاشة المنظومة الصحية الوطنية، خاصة في المناطق القروية والجبلية، رغم مرور سنوات على إطلاق خطط وطنية لتحسين الرعاية الصحية للأمهات.
وجاء موقف الفيدرالية في بيان أصدرته اليوم الجمعة العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، عقب وفاة امرأة قبل عدة أيام بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بمدينة أكادير، في حادث وصفته بأنه "مأساوي" وينضاف إلى سلسلة من الحالات المماثلة التي تسجلها مستشفيات البلاد بشكل متكرر.
ورغم إعلان وزارة الصحة عن فتح تحقيق واتخاذ إجراءات عاجلة، ترى الفيدرالية أن هذه التدابير تبقى "محدودة وغير كافية"، لأنها لا تعالج الأسباب البنيوية التي تعرض حياة النساء الحوامل للخطر، من ضعف البنى التحتية وغياب وسائل النقل الآمنة، إلى نقص الكوادر الطبية واستمرار التفاوتات بين المدن والمناطق القروية في الولوج إلى خدمات الرعاية.
وأشارت الهيئة النسوية إلى أنها سبق أن قدمت مجموعة من المقترحات العملية بهذا الخصوص إلى سبعة أحزاب سياسية، من بينها أطراف تشارك حالياً في الحكومة، بالإضافة إلى ثلاث مركزيات نقابية، وذلك في إطار ما أطلقت عليه "أرضية وبرنامج المواطنة المسؤولة"، إلا أن الفيدرالية عبّرت عن أسفها لما وصفته بـ"الواقع المؤلم"، الذي يعكس غياباً واضحاً في المتابعة والتنفيذ، ويبرز الحاجة الملحة إلى إرادة سياسية جادة تضع صحة النساء والفتيات في قلب السياسات العمومية.
وأكدت الفيدرالية أن كل وفاة لامرأة حامل تمثل فشلاً جماعياً في حماية الحق في الحياة والكرامة، داعية الحكومة ووزارة الصحة إلى إطلاق خطة وطنية عاجلة للرعاية الصحية الآمنة للنساء الحوامل، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للصحة الجنسية والإنجابية، إلى جانب تفعيل آليات المراقبة والمساءلة بشراكة مع المجتمع المدني.
كما شددت على ضرورة تنفيذ الالتزامات السابقة ضمن برنامج المواطنة المسؤولة، واعتبار صحة النساء والفتيات أولوية وطنية غير قابلة للتأجيل، مع إشراك الجمعيات الوطنية والمحلية في وضع وتنفيذ وتتبع السياسات لضمان فعاليتها وشموليتها.
ووفقا لأحدث المعطيات الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط ومنظمة الصحة العالمية، يبلغ معدل وفيات الأمهات في المغرب نحو 72 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، أي ما يعادل ضعف المتوسط الإقليمي في شمال إفريقيا، وتصل هذه النسبة إلى أكثر من 100 حالة وفاة في المناطق القروية والجبلية، حيث تعاني النساء من صعوبة الوصول إلى المراكز الصحية، خاصة في حالات الطوارئ.
ورغم التراجع النسبي في الأرقام مقارنة بما كانت عليه قبل عقدين، تشير تقارير أممية إلى أن المغرب ما زال بعيداً عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بخفض معدل وفيات الأمهات إلى أقل من 70 حالة لكل 100 ألف ولادة حيّة بحلول عام 2030.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة عملها على توسيع العرض الصحي وتحسين الخدمات في المستشفيات الإقليمية، ترى منظمات نسوية وحقوقية أن الخلل بنيوي، ويتعلق أساسا بضعف التمويل الموجه للصحة العمومية، ونقص الكوادر الطبية في المناطق النائية، وضعف التنسيق بين مصالح وزارة الصحة والسلطات المحلية.