صمود النساء الفلسطينيات... تجارب ملهمة في مواجهة الأزمات والتحديات اليومية
في مواجهة الأزمات والتحديات المتفاقمة تواصل المرأة الفلسطينية نضالها بثبات، مؤكدة دورها المحوري في الصمود والتنمية وتحقيق العدالة.

نغم كراجة
غزة ـ شددت ناشطات في المجتمع المدني خلال مشاركتهن في جلسة عبر الزوم، على ضرورة إشراك الفلسطينيات بشكل فعال في الحوارات السياسية والتعامل مع قضايا النساء بشكل جاد.
في إطار فعاليات يوم المرأة العالمي، نظمت جمعية التنمية الزراعية "الإغاثة الزراعية" ويبناراً تحت عنوان "صمود النساء الفلسطينيات، تجاربهن في إدارة الأزمات وتحديات الحياة اليومية في غزة والضفة الغربية"، بمشاركة العديد من النساء الفلسطينيات من مختلف المناطق، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات نسائية محلية ودولية، بهدف تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المرأة الفلسطينية في الصمود أمام الأزمات المترتبة على الاحتلال والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، مع التأكيد على ضرورة دعم حقوقها وتمكينها على مختلف الأصعدة.
وبدأ الويبنار بكلمة افتتاحية ألقتها منسقة الضغط والمناصرة في الإغاثة الزراعية في غزة نهى الشريف، التي أكدت على أهمية إبراز التحديات اليومية التي تواجه الفلسطينيات في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، مشيرةً إلى أن المرأة الفلسطينية تتمتع بقدرة استثنائية على الصمود، ولكنها في الوقت نفسه بحاجة إلى دعم مستمر على المستوى الإقليمي والدولي لتجاوز العقبات التي تعترضها، سواءً على صعيد الحقوق الاقتصادية أو المشاركة السياسية.
وأوضحت أن الفلسطينيات تواجهن معركة مزدوجة، فهي أولاً تتصارع مع القوات الإسرائيلية، الذي يسلبها حقوقها وحريتها، وثانياً مع الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تزداد تعقيداً في كل يوم، لذلك نحن بحاجة إلى حشد أكبر لدعم المرأة الفلسطينية في كافة المجالات".
شهادات حية
في الجزء الرئيسي من الويبنار، كانت هناك فرصة لعدد من النساء الفلسطينيات لمشاركة تجاربهن الشخصية في إدارة الأزمات، حيث ناقشت كل واحدة منهن كيف تمكنت من تجاوز الأوقات الصعبة بفضل الإرادة الحديدية والدعم المجتمعي.
وأثارت الناشطة في مجال حقوق المرأة من الضفة الغربية سيرين حوسو، تساؤلات حول سبل تمكين النساء اقتصادياً وقالت إن "العديد من النساء تعانين من التهميش الاقتصادي، ولذلك نحتاج إلى سياسات دعم حقيقية تُعزز من فرص العمل والتدريب المهني لهن، بما يتيح لهن بناء استقلالية اقتصادية، وهو أساس في تجاوز تحديات الحياة اليومية".
أما عفاف غطاشة المنسقة في إحدى المنظمات النسائية المحلية، فقد تناولت موضوع الدور الفاعل للمؤسسات المدنية في تعزيز صمود النساء الفلسطينية "أن هذه المؤسسات تلعب دوراً أساسياً في توفير الدعم النفسي والاجتماعي للنساء، خاصة في أوقات الأزمات"، مضيفةً أنه إذا لم تتوفر بيئة داعمة للنساء في المجتمع، فلن تستطيع المرأة المشاركة بفعالية في عملية التنمية المجتمعية، فالمؤسسات النسوية هي الخط الأول في تمكينهن.
ضرورة التفعيل والتحسين
أما الحقوقية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة سحر ياغي، فقد أكدت على ضرورة تفعيل التشريعات التي تضمن حماية النساء الفلسطينيات من كافة أشكال العنف، مشيرةً إلى أن النساء في غزة على وجه الخصوص، تعانين من تصاعد الانتهاكات والاعتداءات "ما نشهده من عنف موجه ضد النساء لا يمكن تجاهله، فالحروب والمشاكل اليومية تزيد من العنف داخل الأسر والمجتمعات، وبالتالي يجب توفير آليات قانونية تحمي النساء من هذه الانتهاكات".
وأضافت أنه على الرغم من وجود بعض التشريعات التي تحمي النساء، إلا أن هذه التشريعات بحاجة إلى تحسين وتفعيل عملي في الميدان، خاصةً في المناطق التي تشهد توترات أمنية وحروباً مستمرة.
الإرادة المجتمعية سلاح المرأة
بدورها قالت ميرفت الغلايني إحدى الناشطات في مجال التنمية المجتمعية عن تجربتها الشخصية في التغلب على التحديات خلال الحروب "مررت بتجربة صعبة خلال الحرب الأخيرة، وكان الدعم المجتمعي والتضامن بين النساء هو السبب الرئيس في تجاوز تلك المحنة، لقد كانت المرأة الفلسطينية دائماً مثالاً للقوة والصبر، لكننا بحاجة إلى استثمار هذه القوة من خلال برامج تعزز من دورها في المجتمع".
توصيات هامة إشراك المرأة في الحوارات السياسية
وناقشت المشاركات في الويبينار عدة محاور هامة وأوصين بضرورة إشراك الفلسطينيات بشكل فعّال في الحوارات السياسية، سواء على مستوى الأحزاب أو المنظمات الدولية، وركزت التوصيات على ضرورة الاعتراف بالدور الأساسي للمرأة في عمليات التعافي وإعادة الإعمار في غزة، مع التأكيد على أهمية تمثيلها في جميع اللجان الوطنية والمحلية.
وأكدت المشاركات على أهمية أن تتعامل الحوارات السياسية مع قضايا النساء بشكل جاد، وأن تُدرج النساء في صُنع القرار من خلال زيادة تمثيلهن في المواقع القيادية، وشددت العديد من المتحدثات على ضرورة أن تكون الأولوية لإيجاد حلول حقيقية للتحديات التي تواجهها النساء في المناطق المنكوبة.
وعبرت المشاركات عن أهمية استمرار مثل هذه الورش والفعاليات التي تساهم في رفع الوعي المجتمعي حول قضايا المرأة الفلسطينية، وأكدن على ضرورة العمل الجماعي لتحقيق العدالة والمساواة، كما تم التأكيد على أن هذه الجهود هي جزء من نضال أكبر تسعى النساء الفلسطينيات من خلاله إلى تحسين واقعهن، وتحقيق حقوقهن المشروعة في ظل التحديات التي تواجهنها يومياً.
وأبرز الويبنار الذي جمع تجارب متعددة من غزة والضفة الغربية، أن المرأة الفلسطينية ستبقى عنصراً حاسماً في نضال الشعب الفلسطيني، وأن تمكينها هو الطريق لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.