'قضية كوباني سلاح قانوني بيد الدولة التركية لمواصلة القمع'
أكدت نساء كوباني أن الدولة التركية تستخدم قضية كوباني كأداة قانونية لاستمرار سياسات القمع والإنكار، معتبرات أن هذه القضية تمثل كرامة ووجود الشعب الكردي، ومشددات على دور الوحدة الكردية والمقاومة الشعبية التي انطلقت عام 2014 رغم الملاحقة.

برجم جودي
كوباني ـ منذ سنوات، تستخدم الدولة التركية أساليب متنوعة في شن عمليات تطهير سياسي ضد حزب DEM وتنظيماته وكذلك ضد حركات المعارضة المدنية في شمال كردستان وتركيا، ومن القضايا الرئيسية في هذا السياق، قضية كوباني.
ففي 15 أيلول/سبتمبر 2014، شنّت داعش هجوماً على مدينة كوباني في بمقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا، وقابل هذا الهجوم مقاومة شعبية كبيرة من الشعب والمقاتلين والقادة المحليين، وانتهت هذه المقاومة بالانتصار في 26 كانون الثاني/يناير 2015، ونالت دعماً واسعاً من كل الحركات المدنية والسياسية والحقوقية في شمال كردستان، وبعد هذا الانتصار، بدأت الدولة التركية حملة اعتقالات واسعة ضد من قدموا الدعم لهذه المقاومة، تحت اسم "قضية كوباني"، والتي لا تزال مستمرة منذ سنوات، وقد حوكم أكثر من 100 سياسي في هذه القضية وتم استجواب المئات من الأشخاص.
"قضية كوباني هي قضية كرامة ووجود"
ورداً على ضغوط وسياسات الدولة التركية، عبّرت نساء كوباني من خلال وكالتنا عن تضامنهن مع المعتقلين في هذه القضية، قالت هدلة حسن إن الدولة التركية تُظهر عداءها لانتصار كوباني بأساليب مختلفة "كنساء كوباني، نوجه التحية من أعماق قلوبنا لكل النساء المناضلات اللواتي اعتُقلن بسبب هذه القضية ونتضامن مع مقاومتهن من أجل الحرية".
واعتبرت أن "قضية كوباني قضية كرامة، ففي عام 2014، قدّم كل شخص دعمه لكوباني كدليل على الكرامة وحماية مصير الشعب الكردي والإنسانية، فالمقاتلات وقادة وحدات حماية المرأة YPJ اللواتي قدمن حياتهن في القتال ضد داعش أصبحن مصدر إلهام لكل نساء العالم، ومنذ ذلك الحين، لعبت نساء شمال كردستان دوراً كبيراً في هذا المجال، وما زالت كل النساء والأشخاص الذين يواصلون دعمهم لكوباني يتعرضون للملاحقة من قبل الدولة التركية وتستمر محاكماتهم في إطار هذه القضية، وبذلك تُظهر الدولة التركية عداءها لهذا الانتصار بأساليب مختلفة، وإحدى هذه الطرق هي اعتقال الداعمين لتلك المقاومة".
"الدولة التركية تواصل الاضطهاد بدل السير نحو السلام"
شددت هدلة حسن على أن الدولة التركية، بدلاً من الانخراط في مسار السلام والديمقراطية، تواصل سياساتها القمعية "للأسف، لا تزال ممارسات الدولة التركية في شمال كردستان مستمرة، وقضية كوباني واحدة من تلك السياسات، ورغم أن القائد أوجلان دعا منذ أكثر من ثلاثة أشهر إلى السلام والمجتمع الديمقراطي، ورغم أن حركة التحرر الكردستانية عبّرت عن التزامها بهذه الرؤية، فإن الحكومة التركية لم تتخذ أي خطوة نحو السلام، بل على العكس، ما زلنا نرى أن نفس السياسات والاعتقالات والمواقف القمعية مستمرة".
"النداء الذي بدأ عام 2014 يجب أن يُتوّج بالنجاح في 2025"
واختتمت هدلة حسن بقولها إن نداء القائد عبد الله أوجلان يجب أن يتحول إلى انتصار بروح التعبئة الشعبية في كوباني "في عام 2014، حين كانت المعارك في كوباني صعبة جداً، أطلق القائد أوجلان نداءً تاريخياً للتعبئة الشاملة من أجل الدفاع عن كوباني والتحرك كالسيل لدعمها، في ذلك الوقت، حاولت الدولة التركية بشتى الوسائل إفشال هذا النداء والحد من نتائجه، ولهذا تم فرض العديد من العقبات، لكن رغم ذلك، نجح النداء، وتجمّع الكُرد حول كوباني، وتمكنوا من تحقيق النصر في المقاومة، ولهذا نحن نؤمن مجدداً أن نداء القائد أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي سينجح، وسيساهم في تغيير مصير الشعب الكردي، كونها تمثل نداءً من أجل الكرامة والبقاء، وبالتالي سنكرّس هذه الدعوة أيضاً بروح التعبئة الشعبية من أجل كوباني ونحتفل به كنصر جديد".
"مندمجين كالجسد والروح"
بدورها، سلّطت سميرة أحمد، التي كانت شاهدة على مقاومة كوباني، الضوء على وحدة شعب شمال كردستان مع كوباني "كنت شاهدة على حصار كوباني عام 2014، وكنت جزءاً من لوحة المقاومة تلك، رأينا بأعيننا دعم شعب شمال كردستان لنا، وخلال 134 يوماً، لم يستسلم شعبنا، ووحدنا جهودنا مع شمال كردستان، حيث شارك مئات من شبابهم في القتال على أراضي كوباني، وضحوا بأرواحهم، ومجزرة برسوس واحدة من أبرز علامات الوحدة بين شمال كردستان وكوباني، حيث عبّروا عملياً عن نداء القائد أوجلان وأدّوا دورهم الأخلاقي والقومي بصدق".
"في ظل قضية كوباني يستمر الاضطهاد السياسي"
وتابعت سميرة أحمد حديثها بالقول إن الدولة التركية اعتقلت كل من دعم كوباني وفتحت ضدهم قضايا "من قدّم أي دعم لكوباني في 2014، أصبح هدفاً لسياسات الإبادة السياسية للدولة التركية، حتى الذين أرسلوا تحيات أو كلمات تضامن مع كوباني، جرى اعتقالهم اليوم في السجون التركية تحت اسم قضية كوباني".
وتساءلت "كيف يمكن أن تكون هذه قضية إذا كانت الدولة التركية قد اعتقلت مئات الأشخاص بسببها حتى الآن؟ منذ حملة التعبئة لكوباني وحتى اليوم، قدّم الناس من كردستان والشرق الأوسط وأوروبا دعمهم لكوباني خصوصاً وإقليم شمال وشرق سوريا عموماً، ومئات المقاتلين من العديد من الدول شاركوا في القتال ضد داعش، لماذا هؤلاء الأشخاص لم يُعتقلوا من قِبل حكومات بلدانهم؟ هذا يدل على أن الدولة التركية استخدمت ملف كوباني كأداة لمواصلة سياساتها في الإبادة والإنكار عبر أدوات قانونية، وما لم يتم تغيير هذا الفهم وهذه السياسات، لذلك لا يمكننا الحديث عن السلام والديمقراطية معاً".