مراكز الإيواء... أوضاع كارثية تعيشها النساء والفتيات
تتفاقم معاناة النساء والفتيات في مراكز الإيواء وملاجئ الأونروا والخيام الغير صالحة للمكوث بها في قطاع غزة، حيث تتعرضن للمضايقات والعنف بكافة أشكاله ومستوياته.
نغم كراجة
غزة ـ أثرت الهجمات التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة بشكل كبير على النساء والفتيات وأدت إلى انهيار تام لحياتهم اليومية بطريقة لم تشهد مثيلاً لها من قبل، واضطرت مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية لمغادرة بيوتها والنزوح إلى مراكز اللجوء للاحتماء داخلها برغم خلوها من المقومات الأساسية والمعيشية.
أوضحت مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي رندا سنيورة أن إسرائيل تواصل ترهيب سكان غزة وإصدار أوامر بالإخلاء القسري والنزوح من المناطق الشمالية إلى الجنوبية مما أدى إلى هجرة أكثر من مليون ومئة ألف شخص من منزله خوفاً على أرواحهم لكن الكارثة تكمن في عدم وجود أماكن لهم مما اضطروا للإيواء في ملاجئ الأونروا التي تفتقر للمقومات الأساسية والمعيشية والصحية "جميع التعليمات التي أصدرتها قوات الاحتلال للسكان كانت مزعومة وأسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح إلى جانب الممارسات الممنهجة التي ارتكبت بحقهم في المناطق الجنوبية من قصف متواصل وقتل وتدمير".
وأكدت أن النساء الفلسطينيات هن المتضررات بالدرجة الأولى أثناء الحروب والصراعات، حيث تتضاعف المسؤوليات الملقاة على عاتقهن وتتحملن أعباء الأسرة بالكامل من حماية ورعاية عندما يعجز المعيل عن تقديم الحماية والأمن وتوفير القوت لأسرته "هذه الحرب وحشية للغاية طالت كل شبر في قطاع غزة، وجاءت منتهكة لكافة المعايير والقوانين الدولية ولم تميز بين صغير وكبير".
وأشارت إلى أنه وفقاً لإحصائيات مكتب الإعلام الحكومي فقد نزحت أكثر من نصف مليون امرأة وفتاة لمراكز الإيواء وملاجئ الأونروا "النساء نزحن إلى أماكن ليست أماكنهن المفترضة، فهن تمكثن في مراكز تفتقر للحد الأدنى من المقومات الأساسية والاحتياجات الشخصية ودون ضمانات ونتج عن ذلك تدهور الحالة الصحية وانتشار الأمراض الجلدية بسبب انعدام المياه النظيفة وغياب الرقابة والمتابعة الصحية".
ونوهت إلى أن انقطاع مياه الشرب قد زاد من عبء النساء بشكل كبير، حيث تجدن أنفسهن في مأزق ومهمة صعبة للحصول على المياه النظيفة لأسرهن، وتضطرّرن للبحث عن براميل المياه خارج الملاجئ لتعبئة الأواني اللازمة لأداء واجباتهن الأسرية وهذه الخطوة تعرض حياتهن للخطر والتهلكة في ظل مواصلة القصف على قطاع غزة.
وأوضحت أن مراكز الإيواء وملاجئ الأونروا قامت بطرد بعض النساء النازحات بسبب التكدس وزيادة القدرة الاستيعابية دون مراعاة للأوضاع القاسية والمروعة التي يواجهنها في هذا القطاع المنكوب.
ولفتت إلى أن النساء والفتيات تفتقدن خصوصيتهن وحريتهن عند نزوحهن حيث تتواجد ثلاث عائلات على الأقل داخل الغرفة الواحدة في مراكز الإيواء، كما وتتعرضن لأشكال مختلفة من العنف بسبب وجود أسر نازحة من مناطق مختلفة مما يعزز الخوف والقلق عليهن نظراً للاختلاط العشوائي وذلك يؤدي إلى مضاعفة العنف النفسي واللفظي ضدهن "إن معاناة المرأة أثناء الحروب مزدوجة حيث تتعرض لشتى أنواع العنف تحت ويلات واستبداد الاحتلال وفي ذات الوقت تتحمل مسؤولية إعالة أسرتها".
وأشارت إلى غياب وسائل الحماية في مراكز الإيواء كالستائر وقفل الأبواب وتأمين النوافذ والرقابة الأمنية مما قد يزيد قلق وخوف النساء والفتيات بشأن احتمالية تعرضهن للتحرش والاعتداءات، كذلك عدم وجود رقابة فعّالة على أداء إدارة مراكز الإيواء أفقدهن الأمان والراحة.
وأوضحت أنهن تذهبن إلى المراحيض العامة برفقة أحد من ذويهن خوفاً من تعرضهن للتحرش والاستغلال، فهذه المراكز والملاجئ غير صالحة لإيواء النساء والفتيات بها لأنها تفتقر الإمكانيات الأساسية وعدم توفير مساحات آمنة لهن مثل تخصيص مراحيض وأماكن للنوم خاصة بهن فقط، حفاظاً على خصوصيتهن وسلامتهن وتخفيفاً لوتيرة العنف الموجهة ضدهن من قبل السطوة الذكورية.
وبينت أن حالات العنف الأسري ترتفع بشدة خلال الحروب حيث تصبح المرأة فريسة الحكم الذكوري المجحف نتيجة غياب غالبية الرجال عن العمل وتدهور الوضع الاقتصادي والمادي بالإضافة إلى تعرضهن للعنف الجسدي والنفسي واللفظي داخل محيط الأسرة وفي كثير من الأحيان تضطر النساء التزام الصمت عن تعنيفها رهبة من رد فعل أسرتها وخوفاً من وصمة العار التي ستلحق بها مما يراكم الضغوطات النفسية عليها.
وأشارت إلى أن مراكز الإيواء وملاجئ الأونروا تفتقر للرعاية والمتابعة الطبية مما يؤدي إلى تفاقم معاناة النساء وزيادة مشكلاتهن الصحية بسبب انعدام متابعتهن وعدم توفر الأدوية ووسائل الوقاية "الاحتياجات الصحية للنساء كثيرة وتختلف عن الرجال نظراً لوضعهن الخاص لذا من المفترض تخصيص وحدة صحية وكوادر طبية خاصة لمتابعة الحوامل واللواتي ولدنّ حديثاً".
وتشير إحصائيات الجهاز المركزي إلى وجود 50,000 امرأة حامل في مراكز الإيواء في قطاع غزة، حيث تعانين من صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية ومتابعة حالتهن، و5500 منهن ستلدن خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري واحتمالية كبرى أن تواجهنّ مضاعفة صحية بعد الولادة نظراً لقلة الدعم والرعاية والإمكانيات المتاحة واستمرار القصف الذي أصبح يستهدف المستشفيات والعيادات في غزة.
وأضافت "عشرات النساء الحوامل فقدن حياتهن خلال النزوح وعند الولادة والبعض الآخر تعرضن للإجهاض نتيجة الإرهاق وكثرة النزوح من مكان لآخر وقذف القنابل الفسفورية السامة في الجو الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى تشوه الأجنة ووفاتها".
وقد أنشأت "الأونروا" يوم السبت 21 تشرين الأول/أكتوبر في خان يونس جنوب قطاع غزة مخيماً جديداً للنازحين لأن عددهم في المدارس ومقرات وكالة الغوث فاقت القدرة الاستيعابية كما أن إسرائيل قصفت 160 من ملاجئ الأونروا وتسعة منها خرجت عن الخدمة، وحول ذلك قالت "هذه الخطوة أعادت لنا مشاهد النكبة عام 1948 عند هجرة الشعب الفلسطيني قسراً من بلدته، ويبلغ عدد النازحين في الخيام نحو 20 ألف شخص".
وبينت أن هذه الخيام غير صالحة للإيواء ولا يوجد فيها مياه وكهرباء وامدادات إغاثية كافية إلى جانب اضطرار النازحين للجلوس خارج خيامهم طوال اليوم هرباً من الحر ومعاناتهم من البرد القارس ليلاً.
وترى أنه من الضروري توثيق الانتهاكات التي تعرضت لها النساء خلال النزاعات والتي تنافت مع المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية واتفاقيات حقوق المرأة، وإرسال طاقم متخصص للدعم النفسي والمعنوي في ظل انعدام الأمن في قطاع غزة وانقطاع خطوط الاستشارات النفسية المجانية التي توفرها المؤسسات والجمعيات النسوية.
ودعت إلى إنشاء وحدات صحية وكوادر طبية متخصصة للنساء والفتيات؛ نظراً لأن جميع البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ووكالة الغوث تشير إلى خطورة وتدهور الوضع الصحي في مراكز وملاجئ الأونروا نتيجة الإهمال الطبي وانعدام مقومات الحياة الأساسية وغياب النظافة العامة.
ولفتت إلى أن هنالك ضرورة ملحة لتوفير خدمات وحماية خاصة للفتيات والنساء النازحات في مراكز الإيواء وملاجئ الأونروا والخيام من أجل الحفاظ على خصوصيتهن وسلامتهن وكرامتهن ونظافتهن الشخصية.