مفتاح البيت وعدٌ بالعودة رغم الألم والقصف

رغم مرور خمس سنوات على نزوحها، لا تزال ميليا مانو تحتفظ بمفتاح منزلها، كرمز للأمل والتمسك بالعودة، وتؤكد أن بيتها الذي دمرته الاحتلال التركي سيُعاد بناؤه، وتناشد المؤسسات الحقوقية للقيام بواجبها تجاه هذه القضية، والوقوف إلى جانب العائدين.

سوركل شيخو

زركان ـ تقع زركان في مقاطعة الجزيرة، قرب الحدود بين إقليم شمال وشرق سوريا وشمال كردستان، منذ انطلاقة ثورة روج آفا، كانت المدينة التي يسكنها الكرد والعرب والأرمن هدفاً لهجمات المرتزقة والاحتلال التركي.

في تشرين الأول/أكتوبر 2019، بعد احتلال مدينتي سري كانيه/رأس العين وتل أبيض/كري سبي، تصاعدت الهجمات على زركان من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، وأصبح وجودهم العسكري يقترب من مركز المدينة بمسافة لا تتجاوز 700 متر.

 

الضحايا والنزوح الجماعي

أدت هذه الهجمات إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، من بينهم نساء وأطفال وشيوخ، كما اضطر سكان القرى المحيطة إلى النزوح نحو وسط المدينة، حيث استقروا في ظروف قاسية، وسط تدهور إنساني وأمني متواصل.

ورغم مرور خمس سنوات من النزوح، لا تزال ميليا مانو تحتفظ بمفتاح منزلها في قرية بوبى، التي تعرضت لهجوم مباشر من قبل الاحتلال التركي، حيث أن القصف المدفعي والجوي أجبرها على النزوح مع طفليها إلى مدينة زركان، لكنها لم تفقد الأمل في العودة إلى منزلها، الذي باتت تراه من بعيد وتحدّق فيه بعينين يملؤهما الشوق والحسرة.

تحليق الطائرات المسيّرة التابعة للاحتلال التركي حال دون اقترابها من القرية، فاكتفت بالتقاط صور لمنزلها من مسافات بعيدة، وعبّرت عن مشاعرها الصادقة، مؤكدةً أن الرجوع ليس مجرد حلم بل وعد لا يموت.

ووصفت لحظات الرعب التي عاشتها تحت القصف "كنت أظن أن كل قذيفة هي الأخيرة، وأن الحرب ستنتهي ويعود كل شخص إلى بيته، لكن الأمل انهار حينما سقطت القذائف على منزلي، رغم أن الجميع كان يعلم أننا مدنيون غالبيتنا نساء وأطفال لا علاقة لنا بالحرب، كانت القواعد العسكرية للعدو قريبة جداً منا".

 

أمل حي رغم الركام

وأضافت ميليا مانو وهي تلوّح بمفتاح منزلها "هذه المرة الأولى التي أقترب فيها من قريتي بعد النزوح، رغم أن البيت مدمّر، فإنني لا زلت أؤمن بالعودة، حتى لو أعدت إعمار غرفة ومطبخ فقط، سأكون راضية، أريد أن أزرع الأرض من جديد، أن أستعيد حديقتي، مفتاح المنزل لم يفارقني، وهو محفور في قلبي قبل أن يكون في يدي، أنا الآن قريبة من المكان الذي أحبه، وهذا يخفف عني ألم الأيام القاسية".

وتابعت حديثها بصوت يحمل الإصرار "نتيجة القصف والنزوح، تحولت أراضينا من خُضرة إلى جفاف، ومن الحياة إلى الصمت، الأرض فقدت أصحابها، ليست المشكلة في إعادة البناء، بل في العودة الآمنة، هذا هو التحدي الحقيقي".

 

"يجب فتح تحقيق دولي"

وأكدت ميليا مانو أن الاحتلال التركي انتهك حقوق المدنيين واستهدف البنية التحتية للمنطقة "الأراضي الزراعية تضررت بشدة جراء القصف، وأرواح المدنيين أُزهقت، يجب على الدول أن تتعامل بجدية مع قضية الاحتلال التركي للأراضي السورية، لأننا لا نستطيع العودة إلى منازلنا أو زراعة أراضينا، لقد مرت خمس سنوات، فإلى متى سنبقى ننتظر نهاية هذا الاحتلال؟ نحن لا نطلب شيئاً سوى حقوقنا الطبيعية".

وأضافت "يجب على الدولة التركية أن تسحب قواعدها العسكرية من مناطقنا، لكن مطلبنا الأهم هو أن تُحاسب على جرائمها التي ارتكبتها، يجب أن يكون هناك تحقيق دولي، كيلا تبقى تركيا بمنأى عن المساءلة، في النهاية، يجب أن تتحقق العدالة، ويعود المدنيون إلى قراهم، العدالة والإنسانية هي ما يطالب به من فقدوا كل شيء في هذه الحرب".

 

"صمودنا سلاح موجّه ضدهم"

وفي ختام حديثها، قالت ميليا مانو "الاحتلال التركي يرى وجودنا وكأنه سلاح موجّه ضده، رغم أننا كنا فقط في منازلنا ولم نحمل السلاح في وجههم، حتى زراعتنا أصبحت تُعتبر تهديداً، وأرضنا تُعد سلاح في أيدينا، نحن نزرع الأرض، لكنهم يرون ذلك كأننا نحاربهم، مطلبنا هو السلام، وبدون السلام لا أؤمن أن شيئاً يمكن تحقيقه".