غزو الدراما الأجنبية... تهديد خفي للقيم الأسرية والثقافة الكردية
حذرت الباحثة النفسية أواره عبد القادر من تأثير دبلجة الدراما الأجنبية على الأطفال والشباب، مؤكدةً أنها تضعف القيم الاجتماعية الكردية وترسّخ سلوكيات دخيلة، مما يهدد مستقبل الأجيال ويؤثر سلباً على التربية الأسرية.

ميهربان سلام
حلجبة ـ بالنظر إلى الانتشار الواسع لأجهزة التواصل والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبح من السهل جذب انتباه المشاهدين بشكل كبير، كما أن القنوات الإعلامية أصبحت تركز بشكل متزايد على عرض الدراما الأجنبية الخطابية، والمجتمع الكردي أيضاً بات يشكل جمهوراً متحمساً لهذه الدراما، دون إدراك لتأثيرها على الثقافة.
عرض وسائل الإعلام في إقليم كردستان الإنتاجات الأجنبية، خصوصاً البرامج الترفيهية والمسلسلات والأفلام التي تعرض على شاشات متعددة، يحدث تحولاً ملموساً في حياة المجتمع وثقافته، هذا التأثير يمتد إلى أسلوب التواصل داخل الأسرة، ويؤثر على قيم الاحترام والتعايش، مما يجعل الكثير من الأسر عرضة لتغيرات داخلية قد تضعف ترابطها الاجتماعي.
وفي هذا السياق، قالت أوارة عبد القادر، الباحثة النفسية في مديرية الشؤون الاجتماعية في حلبجة، إن دبلجة الدراما التركية والفارسية والابتعاد عن القيم الاجتماعية الكردية له تأثير كبير على الأطفال والشباب، وأن كل منزل وكل أسرة تمتلك مجموعة من الأجهزة التي يستفيد منها أفرادها، ومن أبرز هذه الأجهزة التلفاز والأجهزة المحمولة التي باتت تلعب دوراً يعادل دور الأم والأب في تربية الأسرة.
وأكدت أنه لمعالجة هذه الظاهرة، من الضروري أن يكون الآباء والأمهات أكثر وعياً، وأن يقللوا من تأثير هذه البرامج على أبنائهم من خلال تنظيم وقت المشاهدة، واختيار محتوى إعلامي صحي ومناسب، فالأهل قادرون على اختيار ما يعرض في منازلهم، ويمكنهم التحكم في البرامج التي يتابعها الأطفال والشباب، بما يضمن سلامتهم الفكرية والنفسية.
وأشارت إلى إن "التقدم التكنولوجي وانتشار وسائل المشاهدة جعل الأحداث الماضية ذات تأثير بالغ، وأصبحت الآن جزءاً من واقعنا، لذلك، من الضروري أن يكون الآباء والأمهات واعين ومدركين لما يُعرض من برامج ودراما على الأسرة الكردية، لأن نظام التربية أصبح عالمياً، مما يؤدي إلى ضعف الثقافة المحلية وسيطرة ثقافات دخيلة بعيدة عن القيم الاجتماعية".
وأضافت أن "فشل الأسرة في هذا المجال يخلق أزمة نفسية واجتماعية، لأن الأطفال الذين يتأثرون بهذه البرامج هم من سيشكلون مستقبل المجتمع، وبالتالي فإن نظام الحياة سيتأثر بهم بشكل مباشر".
وأكدت على أهمية وعي الأسرة والمجتمع، مشددةً على ضرورة أن تولي وسائل الإعلام اهتماماً أكبر بهذا الجانب "العديد من وسائل الإعلام، للأسف، أصبحت كالسُم داخل الأسر، حيث تُدخل الأخبار والبرامج والأفلام الأجنبية إلى البيوت دون رقابة، مما يجعل من الصعب التحكم في سلوك الأطفال ونمط حياتهم".
ولفتت إلى أنه من الضروري وجود نوع من الفلترة، وأن يكون العاملون في هذا المجال أكثر وعياً، ويشاركوا في دورات وورشات لفهم ما يحتاجه المجتمع الكردي وما يريده، ومعرفة ما يجب أن يُقدَّم للأجيال القادمة لضمان مستقبل صحي وسليم.
وأشارت إلى أن "نقاء أي أسرة يبدأ من الأم والأب، فإذا لم يكونا نموذجاً جيداً، فإنهما لا يستطيعان تربية أطفالهم بشكل صحيح، لذلك، يجب على الإعلام الكردي أن يبتعد عن السلوكيات الضارة التي لا تعود بالنفع، بل تُلحق ضرراً كبيراً بالمجتمع".