اتفاقية 9 أكتوبر... تهديدات سياسية تطال الإيزيديين

أكدت سهام شنكالي، العضوة الدبلوماسية في حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ)، أن المجتمع الإيزيدي يواجه مخاطر وتهديدات جدية، مشيرة إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يوظف اتفاقية 9 أكتوبر كأداة ضغط وتهديد ضد الإيزيديين.

جيهان زمو

شنكال ـ تُثير الزيادة الأخيرة في أعداد قوات الجيش العراقي في شنكال، وقرار وزارة الهجرة واللاجئين بشأن عودة اللاجئين، وتهديدات الحزب الديمقراطي الكردستاني بتنفيذ اتفاقية 9 أكتوبر، قلقاً واستياءً في أوساط المجتمع الإيزيدي.

في ظل تصاعد التوترات السياسية والأمنية في شنكال، تتزايد المخاوف داخل المجتمع الإيزيدي من تداعيات اتفاقية 9 أكتوبر الموقعة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية بهدف تنظيم الوضع الإداري والأمني في قضاء شنكال.

وقد عبر المجتمع الإيزيدي عن رفضه لها، معتبراً أنها تهمش إرادته وتعيد شنكال إلى سيطرة أطراف سياسية لم تحمه خلال الفرمان، كما ينظر إليها كأداة سياسية تستخدم للضغط عليه دون الإشراك الفعلي للإيزيديين في صياغة مستقبل منطقتهم.

 

استمرار التهديدات المستهدفة للإيزيدين

وحول آخر المستجدات في المنطقة وبشكل خاص في شنكال وأهمية العملية التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان، قالت سهام شنكالي، العضوة الدبلوماسية في حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ)، إن الشرق الأوسط والعالم يمران بمرحلة تاريخية حساسة، مشددةً على أن العملية التي بدأت في كردستان قبل نحو عام بقيادة القائد عبد الله أوجلان تُعد من أبرز التحولات السياسية والاجتماعية في المنطقة، ولها تأثير مباشر على شنكال.

وأوضحت أن عملية السلام هذه تكتسب أهمية خاصة نظراً لما تعرض له الإيزيديون من تهجير جماعي بعد الفرمان، حيث لا يزال آلاف منهم نازحين ولم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، بسبب استمرار التهديدات والمخططات التي تستهدف وجودهم وهويتهم في شنكال.

 

"إقليم كردستان بجميع أحزابه جزء من الاتفاقية"

وأكدت على أن المجتمع الإيزيدي تعرض مؤخراً لتهديدات من بعض الجهات "في الآونة الأخيرة، وجه رئيس وزراء إقليم كردستان السابق مسرور بارزاني تهديدات واضحة للغاية لشنكال في تصريحاته، لا سيما فيما يتعلق بتطبيق اتفاقية 9 أكتوبر الموقعة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية"، مشيرةً إلى أنه "بهذه الاتفاقية سعت الحكومة العراقية إلى كسب دعم الدول الأجنبية بما فيها تلك التي اعترفت بالفرمان الـ 74 على أنه إبادة جماعية، لقد تم قبول اتفاقية 9 أكتوبر كحل لقضية شنكال رغم أن المجتمع الإيزيدي قد اعترض عليها وخاصة النساء، لأن مخاطر هذه الاتفاقية كانت بنفس خطورة فرمان الثالث من آب 2014، ويعتبرها المجتمع الإيزيدي فرماناً قانونياً".

 

"اتفاقية 9 أكتوبر لا تُمثل إرادة المجتمع الإيزيدي"

وأشارت سهام شنكال إلى أنه بهذه الاتفاقية يريدون إعادة شنكال إلى ما كانت عليه قبل الفرمان "كما لو لم يحدث شيء هنا، وكما لو لم تتم خيانة هذا المجتمع، إنهم يريدون عودة شنكال إلى الخضوع لسيطرة وحكم قوى مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والحكومة العراقية، بالطبع لا يقبل المجتمع الإيزيدي هذا".

وأضافت "في سياق هذه العملية الهامة، ورغم أن بعض ممثلي إقليم كردستان يطلقون تصريحات تُظهر دعمهم لها ويدعون إلى وحدة الصف الكردي، إلا أن الواقع يكشف عن وجود مخططات مقلقة تستهدف المجتمع الإيزيدي، ومن الضروري أن يدرك ليس فقط الإيزيديون، بل جميع مكونات المجتمع الكردي، أن استمرار هذه السياسات العدائية تجاه شنكال والإيزيديين يتنافى تماماً مع أي حديث عن نهج صادق أو تعامل نزيه مع عملية السلام، الاتفاقيات المطروحة لا تعكس إرادة المجتمع الإيزيدي بأي شكل، وقد بات هذا المجتمع أكثر وعياً وإدراكاً، ولن يقع مجدداً في فخ هذه المخططات التي تهدد وجوده وهويته".

 

"الحزب الديمقراطي يعرقل عودة اللاجئين لتحقيق مصالحه السياسية"

وبينت سهام شنكالي بأن للحزب الديمقراطي الكردستاني يداً في قرار وزارة الهجرة واللاجئين "بموجب القرار المتخذ، إذا لم يعد اللاجئون إلى ديارهم بحلول نهاية العام، فسيصبحون من سكان الأماكن التي نزحوا إليها، للحزب الديمقراطي الكردستاني يد في هذا القرار، فقد قال رئيس وزراء إقليم كردستان السابق مؤخراً (إذا نفذت قرارات الاتفاق، سيعود اللاجئون)، من الواضح أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن أجل مصالحه السياسية لا يريد عودة اللاجئين".

وأشارت إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يحقق مكاسب كبيرة من المساعدات المقدمة للإيزيديين، معتبرةً أن هذا يشكل أحد الأسباب الرئيسية وراء رفضه لعودة اللاجئين إلى مناطقهم "على المجتمع الإيزيدي أن يعلم بهذه الحقائق. لم تتخذ وزارة الهجرة واللاجئين هذا القرار من تلقاء نفسها، فقد سبق أن صرّحت الوزارة بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني لن يسمح للاجئين بالعودة حتى لو رفعوا دعوى قضائية. إن سبب بقاء هذا العدد الكبير من اللاجئين في المخيمات هو الحزب الديمقراطي الكردستاني نفسه، فهو من يمنعهم من العودة. قرار الوزارة يرتكز على مصالح الحزب وهذا واضح".

 

"يجب أن يعود الإيزيديين إلى ديارهم وأرضهم"

وأكدت على أن القرارات المتخذة بشأن شنكال هي قرارات سياسية "سابقاً، تم تشكيل تحالف بين الحشد الشعبي والحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن مسألة الانتخابات، نعلم أن هذا القرار أيضاً هو قرار سياسي، ولم يتخذوه بمفردهم. كل هذا يُشكل مخاطر كبيرة على المجتمع الإيزيدي. من الضروري، وخاصة لمجتمعنا الذي لا يزال يعيش في مخيمات إقليم كردستان، أن يدركوا هذه الحقيقة، لا يمر يوم دون أن يتعرض مجتمعنا الذي يعيش في تلك المخيمات للخيانة والإذلال".

وتابعت "من الضروري أن يعي المجتمع الإيزيدي حجم الاستهداف الذي يتعرض له، خاصة عبر وسائل الإعلام الافتراضية التي تُستخدم بشكل متكرر لنشر التهديدات والإهانات والترويج لخطاب عدائي ضده، هذه الممارسات تعكس نوايا خبيثة تجاه الإيزيديين، ومن هنا تبرز الحاجة إلى الحذر وعدم الانخداع بهذه الألاعيب، على المجتمع الإيزيدي أن يتمسك بحق العودة إلى دياره وأرضه، رغم ما يُروج له".

ونوهت إلى أن "بعض المقيمين في المخيمات يقولون "لن نعود حتى يعود الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى شنكال"، من الواضح أن هؤلاء الناس باعوا أنفسهم وخانوا مجتمعهم، يجب على مجتمعنا أن يدرك هذا الخطر ويعود إلى دياره وأرضه، لقد رأينا كيف أن المجتمع الإيزيدي كان دائماً يدير نفسه في جميع الأوقات، عندما أنزل صدام المجتمع الإيزيدي من الجبال وأسكنهم في المجمعات السكنية، هل بنى لهم منازل في تلك المجمعات؟ لا، لقد بنوا منازلهم بأنفسهم بمواردهم الخاصة، على المجتمع الإيزيدي أن يصبح قوياً وحازماً وأن يعود إلى موطنه وأرضه، نداءنا لمجتمعنا هو ألا ينتظروا فضل أحد وأن يعودوا ويكسبوا عيشهم ويأسسوا حياتهم الخاصة".

 

"الجيش العراقي في شنكال يفوق عدده في الأنبار"

ولفتت سهام شنكالي الانتباه إلى الزيادة الأخيرة في عدد الجيش العراقي في شنكال "إنّ نهج الحكومة العراقية تجاه المجتمع الإيزيدي عدائي، ففي شهر آذار، أُلقي القبض على خمسة من مقاتلي وحدات مقاومة شنكال YBŞ، كان هؤلاء قد قاتلوا ضد داعش في الفرمان، وحتى الآن لم يتم الإفراج عنهم، وفي الآونة الأخيرة، يُرسل الجيش العراقي أسلحة ثقيلة إلى شنكال يومياً".

وأضافت "تُعد محافظة الأنبار، رغم كونها أكبر محافظات العراق ومركزاً رئيسياً لتحركات داعش، إلا أنها أقل كثافة من حيث انتشار القوات العسكرية مقارنةً بشنكال، حيث ينتشر الجنود العراقيون في كل زاوية، من الأسواق إلى الشوارع، حاملين أسلحتهم بين المدنيين من نساء وأطفال، هذا الحضور المكثف يُثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية، خاصة في ظل الصدمة العميقة التي خلفها الفرمان في المجتمع الإيزيدي، والتي يبدو أن هناك من يسعى إلى إبقائها حية ومنع تجاوزها"،

وأشارت إلى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني يقف خلف هذه السياسات، إذ سبق له أن دعا الحكومة العراقية إلى اتخاذ إجراءات ضد شنكال، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تنفيذ بنود اتفاق يخدم مصالحه، هذا النهج يُظهر أن الحكومة العراقية لا تتعامل مع المجتمع الإيزيدي كمواطنين متساوين في الحقوق، بل كأداة ضمن ترتيبات سياسية لا تراعي إرادتهم ولا تحترم خصوصيتهم".

 

أين يستقر عناصر داعش المُفرج عنهم؟

وعن إطلاق سراح عناصر داعش تقول "يُطلق سراح المئات من عناصر داعش يومياً من السجون، ويتم تعيينهم في مؤسسات الدولة وهيئاتها، يتعاملون براحة مع المسؤولين الحكوميين والمخابرات والجيش، ومؤخراً، حاولوا الترشح للانتخابات، مع هذا العفو العام في العراق، أُطلق سراح 33 ألف شخص، ويُقال إن 24-25 ألفاً منهم عناصر داعش، أين يستقر هؤلاء الأعضاء المُفرج عنهم؟ يُطلق سراحهم في مجموعات، ثم يختفون فجأة عن الأنظار، هذا الوضع يُشكل تهديداً للعراق بأكمله، إذا عاود داعش الهجوم، فهل سيقتصر هجومه على شنكال؟ سيهاجم الموصل وتلعفر وإقليم كردستان وجميع أنحاء العراق، لذلك، على المجتمع الإيزيدي أن يكون على دراية بهذه المخاطر".

 

"على المجتمع الإيزيدي حماية نفسه وتعزيز تنظيمه"

ونوهت في ختام حديثها إلى الرسائل التي وجهها القائد عبد الله أوجلان إلى شنكال "دائماً ما يحذر القائد أوجلان المجتمع الإيزيدي في رسائله، قائلاً (على المجتمع الإيزيدي تعزيز حمايته الجوهرية، وتعزيز تنظيمه)، هذه القضايا بالغة الأهمية. يجب أن نكون قادرين على إدراك هذه المخاطر من خلال وجهات نظر القائد أوجلان، وأن نعزز تنظيمنا، يجب أن يكون موقف المجتمع الإيزيدي والمرأة أقوى. ندعو مجدداً مجتمعنا في المخيمات للعودة إلى أرضهم، كما ندعو جميع المجتمعات في كردستان، إن كانوا من مؤيدي هذه العملية والسلام، إلى عدم الصمت حيال سياسات إقليم كردستان تجاه المجتمع الإيزيدي".