فيلم مغربي تتناقل بطلاته قضايا شعبهن من جيل لآخر

نجحت المخرجة لينا سوالم في احتضان العائلة والدفاع عنها، وذلك من خلال انتقال الرسائل الموجهة من أم لابنتها من جيل إلى آخر.

رجاء خيرات

مراكش ـ أكدت الممثلة الفلسطينية هيام عباس بطلة الفيلم الوثائقي "باي باي طبريا" الذي ينافس على النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الـ 20، أن ابنتها المخرجة لينا سوالم، أنصفت وأثبتت وفاءها للعائلة وتاريخها، وكذلك لتاريخ الشعب الفلسطيني.

على هامش المهرجان الذي تتواصل فعالياته لغاية الثاني من كانون الأول/ديسمبر المقبل، تقول الممثلة الفلسطينية هيام عباس أن ابنتها سبق وأنجزت فيلماً عن عائلة والدها من أصول جزائرية وهو فيلم "جزائهم"، الذي سلطت الضوء من خلاله على نصفها الجزائري، خاصةً وأن عائلة والدها مهاجرون إلى فرنسا، حيث تناولت تاريخ العائلة وسط تاريخ الجزائر، ولا سيما في الشق المتعلق بالاستعمار الفرنسي، وكيف هاجر عدد من الجزائريين إلى هناك بحثاً عن فرص عمل أخرى في الحياة.

وعن فكرة إنجاز فيلم عن والدتها الممثلة أوضحت "كان الناس يسألون لينا دائماً متى تنجزين فيلماً عن نصفك الفلسطيني، في البداية شعرت أن الموضوع ليس سهلاً، خاصة وأنه مرتبط إلى حد كبير بالقضية ولا ينفصل عما هو سياسي، وبالتالي بدأت تفكر في بنية الفيلم الذي يمكن أن تنجزه عن جزئها الفلسطيني، ومن ثم جاءتها فكرة أن تمر عبر أجيال من النساء هن والدتها التي هي أنا وأمي وجدتي ثم لينا الحفيدة نفسها".

وأضافت "عندما أخبرتني قلت لها أعطيني دوراً أؤديه أما أن اتحدث عن نفسي أمام الكاميرا فليست مهنتي، أدركتُ بعد ذلك خطتها في بناء الفيلم، وشعرت أنني جزء لا يتجزأ من هذا الخط النسائي في العائلة الذي تريد أن تبرزه داخل فيلمها، والذي شكل حلقةً مهمة داخله، حيث أنني اربط لينا بهذا الخط، لكوني أمها، وفهمت دوري جيداً داخل هذا النسق الذي تريد هي أن تروي من خلاله قصة الفيلم وبالتالي تاريخ شعب بأكمله".

وإذا كان الفيلم يحكي عن سيرتها الذاتية أوضحت أنها "في البداية اعتقدت أن الفيلم سيكون عنها وعن كيف كانت تحلم بأن تصبح ممثلة بعيدا عن فلسطين، لكن بعد ذلك أدركت أنها هي جزء داخل نسق كبير تناول نساء أخريات عبر أربعة أجيال متلاحقة، هن الجدة والخالة والأخوات الشقيقات كذلك، وهو ما أشعرها بالراحة لكون الفيلم لم يسلط الضوء على مسيرتها فقط كفنانة، بل فتح الباب أمام نساء عديدات داخل العائلة منحهن هذه المساحة للبوح والتواجد".

وأكدت على أن المخرجة لينا سوالم نجحت في احتضان العائلة والدفاع عنها من خلال الفيلم، وذلك من خلال انتقال القيم والرسائل الموجهة من أم لابنتها من جيل إلى آخر، لافتةً إلى أنها استطاعت أن تمرر لابنتها المهنة والقيم الأخلاقية كذلك، ونفت أن يكون هناك أي خلاف من أي نوع بينها وبين ابنتها فيما يعرف بصدام الأجيال، مؤكدة أنها استطاعت أن تنقل لها كل القيم والأخلاق التي تؤمن بها، فضلاً عن الأفكار والقناعات المشتركة بينهما والتي جعلتهما طوال توصيف الفيلم وحتى خارجه على وفاق تام.

وعن غياب الرجل داخل الفيلم أوضحت أن هذا الأخير أعطى مساحة للنساء للتواجد والتعبير عما يخالجهن، من خلال التاريخ الذي يريد أن يمحوهن ويلغي وجودهن، مضيفةً أن الهدف ليس إزاحة الرجل ووضعه جانباً، بل فقط لإعطاء المرأة هذه المساحة في البوح والتواجد، خاصة أن النساء هن أولى ضحايا المجتمع الأبوي والحروب التي تسود العالم.

عاشت هيام عباس تفاصيل الفيلم وقدمت بكل صدق جميع المشاهد خاصة وأن المخرجة وضعتها في أماكن معينة حتى تشعرها بالراحة وتدفعها للحديث بكل تلقائية وتسير في الاتجاه الذي كانت تريده لفيلمها.

وعما إذا كانت بعد النجاح الذي لاقاه فيلم "باي باي طبريا" شعرت أنها أنصفت عائلتها وكذلك القضية الفلسطينية، قالت "أكيد؛ لم أنصف فقط العائلة والجيل الذي كان قبلي بل إنني أنصفت كذلك ابنتي بالإمكان أن أرفض وبالتالي لم يكن الفيلم ليخرج إلى الوجود، لينا أخرجت القصة من شكلها الشخصي إلى صيغتها العالمية والجماعية، وقد ساعدتها على ذلك حتى أعطيها فرصة أن تبرز نفسها بين نساء العائلة".

أما عن أجواء تصوير الفيلم فأوضحت أن الكاميرا لم تخرج عن النطاق الحميمي العائلي، خاصةً وأن الأمر يتعلق بفيلم وثائقي، لافتةً إلى أن أغلب المشاهد كانت عاطفية وتمت في أجواء حميمية، حيث المشاعر أحياناً تسبق الأحداث، وحيث التصوير تم داخل البيوت مع الأهل المقربين، وبالتالي لم يكونوا بحاجة إلى اتباع موافقات إدارية للحصول على تراخيص تسمح لهم بالتصوير والتنقل.