اتحاد العمل النسائي في الحوز لدعم النساء والأطفال المتضررين من الزلزال
نظم اتحاد العمل النسائي فرع مراكش، قافلة تضامنية لفائدة نساء وأطفال قرية تاسيلا بجماعة إغيل (بؤرة الزلزال) في المغرب، وهي المبادرة التي لقيت استحساناً من قبل النساء والأطفال.
رجاء خيرات
مراكش ـ في التفاتة إنسانية توجهت عضوات من اتحاد العمل النسائي بمراكش، أمس السبت 3 شباط/فبراير، إلى جماعة إغيل وهي المنطقة التي شكلت مركز الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز في الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي، لتقديم الدعم للنساء والأطفال المتضررين من الزلزال، حيث قدمن لهن مساعدات عينية عبارة عن ألبسة لهن وللأطفال ومواد غذائية، بالإضافة إلى الدعم النفسي والاستماع.
قالت عضو اتحاد العمل النسائي نعيمة أقداد، إن هذه الالتفاتة جاءت في إطار العمل الإنساني والنضالي الذي سطره الاتحاد منذ وقوع الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز في تقديم الدعم النفسي والمادي للنساء والأطفال.
وأضافت أن عضوات الاتحاد قمن بهذه الخطوة كنوع من المساندة لنساء قرية تاسيلا اللواتي تعشن ظروفاً صعبة، بعد أن فقدن منازلهن وعائلاتهن، وهي الظروف التي ازدادت حدتها مع فصل الشتاء، حيث يصبح العيش داخل الخيام أمراً قاسياً وصعباً، في غياب تام لأبسط شروط العيش الكريم.
وأشارت إلى أن الاتحاد سبق وأن نظم قوافل مماثلة في العديد من المناطق المتضررة بالإقليم، مثل منطقة "أمزميز" وحتى داخل مدينة مراكش التي تضررت بعض أحيائها بالمدينة العتيقة، لافتةً إلى أن هذه المبادرة تأتي بشراكة مع مركز التنمية لجهة مراكش تانسيفت، حيث النساء بحاجة ماسة للدعم والمساندة بسبب الآثار التي خلفها الزلزال على صحتهن النفسية والجسدية.
وعن هذه المبادرة الإنسانية، قالت إحدى الناجيات من الزلزال خديجة أيت بوبكر إن "الجرح لا زال ينزف، خاصة عند تذكر الذين أودى الزلزال بحياتهم"، لافتة إلى أن النساء بحاجة لمثل هذه المبادرات الإنسانية أكثر من غيرهن، لأنها تشعرهن أنهن لا زلن على قيد الحياة وأن أشخاصاً ونساء آخرين في رقعة أخرى من هذه الأرض يفكرون فيهن وتساندنهن.
وتروي عن تلك الليلة الصعبة التي عاشها سكان القرية مركز الزلزال المدمر "من الصعب نسيان ما حصل تلك الليلة، كلما حاولنا أن ننسى نتذكر أقرباءنا وجيراننا الذين قضوا تحت الأتربة. كانت ليلة من أقسى الليالي التي مرت على سكان القرية. حتى الذين نجوا من الكارثة لم يكونوا قادرين على انتشال الجثث أو البحث تحت الأنقاض عن الناجين. كان الخوف والذعر منتشرين في كل مكان".
وأضافت "الكلام لا يمكن أن يعبر عما عاشته نساء القرية تلك الليلة، بالنسبة لي فقدت 13 فرداً من عائلة زوجي، والناس هنا في القرية هم تقريباً من نفس العائلات، لذلك لن نجد شخصاً واحداً في القرية لم يفقد أحد أقربائه".
بجماعة إغيل كان حجم الكارثة كبيراً، وسكان القرية قضوا أربعة أيام قبل أن تصلهم المساعدات بسبب انسداد الطرق وصعوبة دخول الشاحنات.
وتقول إحدى القاطنات في القرية عائشة أيت لحسن، إنها فقدت حفيدتها في الزلزال، وأنهم واجهوا موتاً آخر بعد وقوع الكارثة، حيث ظلوا صامدين لأربعة أيام بدون أكل، حتى فقدوا الأمل في وصول المساعدات الإنسانية لهم.
وأضافت "كان الشباب يدخلون المنازل المتصدعة لجلب بعض الخبز اليابس وكنا نتدبر منه طعاماً للأطفال حتى لا يهلكون من الجوع، واعتقدنا للحظات أننا سنموت لامحالة قبل أن تصل القوافل الإنسانية إلينا، لأن القرية بعيدة والوصول إليها ليس سهلاً، خاصة مع انسداد الطرق بسبب انهيار جزء من الجبل".
واستطاعت المبادرات والقوافل الإنسانية أن تخفف الكثير من الآلام عن نساء القرية، لكنهن لازلن تتجرعن مرارة الفقد، وهو ما أكدته خديجة بنت لحسن التي فقدت ابنة شقيقتها وابن شقيق زوجها، فيما هي لم يتم انتشالها إلا في اليوم التالي، بعد أن ظن سكان القرية أنها ماتت، ولم ينتبهوا لها إلا بعد أن سمعوا صراخها وهي تطلب النجدة.
وقالت إنها لا تستطيع لغاية اليوم أن تتجاوز الحادث الذي أثر فيها بشكل كبير، مؤكدة أن الحياة في القرية لم تعد كما كانت في السابق، وأنهم حتى وإن أعطوها مسكناً آخر لن تتمكن من العيش فيه مجدداً بسبب حالة الخوف التي تنتابها كلما تذكرت هول الكارثة.
أغلب نساء القرية تحتجن متابعة نفسية لتجاوز ما مر عليهن، إذ لولا أجواء التضامن والتعايش مع بعضهن البعض لما استطعن أن تواصلن الحياة، فإنهن تعشن كما لو كن عائلة واحدة، حتى تخففن عن بعضهن البعض جراح وآلام الفقد.
وهو ما أكدته فاطمة الزهراء أزناك وغزلان العبيقي وهما متطوعتان من منظمة "هيئة إفريقيا" (جمعية مغربية غير حكومية لتشجيع الشباب المغربي والإفريقي خريجي المعاهد والجامعات للتطوع في القرى النائية من أجل المساهمة في التنمية).
وأشارتا إلى أنهما ذهبتا إلى القرية بعد وقوع الزلزال لمساعدة النساء والأطفال، وعاشتا وسط الأهالي وكسبتا ثقة النساء ومن ثم بدأتا بمشروع إعطاء دروس محو الأمية وتلقينهن قواعد الحساب.
وعن تفاعل النساء مع المشروع، قالتا "في البداية لمسنا عدم رغبة في التعلم، خاصة مع الظروف التي يعشنها في القرية، وكذلك وضعهن النفسي الذي لم يكن يسمح لهن على تعلم القراءة والكتابة، لكننا في الأخير ومع الدعم النفسي والمواساة، تمكنا من إقناعهن بضرورة التعلم كطوق نجاة يساعدهن على تخطي محنتهن ومقاومة قساوة الحياة التي يعشنها".
ولم يقتصر دور المتطوعات على تلقين دروس محو الأمية فقط، بل إنهن تؤطرن نساء القرية من أجل تمكينهن اقتصادياً، وحثهن على خلق مشاريع مدرة للدخل حتى تتدبرن عيشتهن، إذ تبقى المساعدات الإنسانية التي يتلقينها مجرد شمعة وسط هذا الظلام الذي يحيط بهن، ويبقى الحل هو تنمية المنطقة وخلق فرص عمل لأبنائها وبناتها.