فاتن الرزقي: صعوبات كثيرة تحول دون تحقيق طموحاتها كرسامة

دخلت فاتن الرزقي غمار الفن التشكيلي والزخرفة والديكور، لكسر كل العراقيل التي صادفتها في رحلة البحث عن عمل، لتواجه صعوبات جمّة تحول دون تحقيقها لأهدافها كرسامة.

زهور المشرقي

تونس ـ وثقت فاتن الرزقي بريشتها العوائق والمعاناة التي واجهتها في لوحاتها المتنوعة "أشعر بمعاناة مثيلاتي وأحولها للوحة ملونة، والفنان لابد أن يكون لسان حال الناس والمحيط الذي يعيش فيه، وينقل الواقع المعاش حتى تتم إثارة الانتباه له ومحاولة البحث عن حلول للمشاكل".

حولت فاتن الرزقي (30) عاماً، وهي خريجة هندسة داخلية، أحد أركان بيتها إلى ورشة عمل، تنفذ فيه أعمالها الفنية، في ظل الوضع الصعب الذي واجهته وهي تبحث عن عمل.

 

رحلة البحث عن عمل

حصول فاتن الرزقي على شهادتها الجامعية كان أكبر طموحاتها، فالسعادة كانت تغمر قلبها كباقي الشابات التونسيات في أول سلم البحث عن عمل، لكن رحلتها مرت بتجارب صعبة اكتشفت من خلالها مدى الاستغلال الذي تتعرض له النساء في القطاعين العام والخاص، وخاصة فيما يتعلق بتدني الأجور بالمقارنة مع الرجل، لكن هذا الواقع لم يثنيها عن مواصلة العمل والاجتهاد في سبيل تحقيق طموحاتها وخلق مورد رزق بعيداً عن الاستغلال.

وقالت إن "مجال دراستي لا يبعد كثيراً عن المجال الذي ولجته الآن، بالإضافة إلى أن الرسم والزخرفة وصناعة الديكور هواية ورثتها عن والدتي، وطورتها بدراستي وممارستي لهذا الفنّ، ما مكنني من تعلم أبجديات تلك الحرفة وتقنياتها وفهم لغة الألوان وترجمتها إلى لوحات مختلفة تعبّر عن الواقع تارة وتحمل قضية تارة أخرى، فالرسم بالنسبة لي فن حامل لرسالة كونية واقعية".

 

الرسم على البلور

ترسم فاتن الرزقي على البلور وعلى الخشب وتركز على الجانب التقليدي التونسي مع عصرنته، وتعطي المرأة الجانب الأكبر في لوحاتها فهي تعتبرها رمزاً للحياة والسلام.

وأكدت على أن "التحدي الذي أخذته على عاتقي صعب لكن إيماني بنفسي وبالنجاح والتميّز، كانت دوافع لتحسين أعمالي وتطويرها وترك بصمتي الخاصة".

 

صعوبات المهنة

تعيش فاتن الرزقي تفاصيل اللوحة بشغف وإتقان يراه الناظر ويسرّ به بين خطوط رسماتها بدقة متناهية وملموسة وهي تلمس ريشتها وتختار ألوانها "الرسم والزخرفة الفنية بالنسبة لي عالم مختلف يجعلني فخورة بنفسي، كامرأة انتقلت من مجال دراستي في تخصص هندسة الديكور للغوص في عالم اللون والريشة والخطوط التي أرسمها بعناية ومعنى".

وعن الرسائل التي تحاول إيصالها من خلال فنها، هي السلام والنضال والتضحيات "لابد من النضال، فلا يمكن أن نستسلم للواقع، فالشغف وحده لا يمكن أن يكون دافعاً للنجاح في ظل وجود صعوبات جمّة".

وأوضحت أن الصعوبات التي تواجه الحرفية سواء في المناسبات الجهوية والوطنية، من غياب دعم الحرفيات والفنانات في تونس يضعف تطويرهن لعملهن، بالإضافة إلى غلاء المواد التي تستخدمها في لوحاتها حيث تكلفها ثمناً باهظاً مقارنة بالعائدات التي يحققها البيع، وزادها تأزماً ضعف إقامة المعارض.

وأشارت إلى إن "التكلفة المادية لإيجار أي مكان مهما كان صغيراً في المعارض من أكثر العوائق التي تواجه الحرفيات وتغيبهن عن المعارض"، مضيفة "مسألة الحصول على أي قرض مهما كان بسيطاً تظل كذلك من المعوقات الأساسية، بحيث يجب توفير ضمانات مادية أو عقارية أحياناً وهو ما لا تمتلكه النساء، إضافة إلى اشتراط إعادة القيام بتكوين المجال الذي ترغب فيه بخلق مشروع، وكّأنها سياسة لتعجيزهن لا لتشجيعهن، وبسبب نقص المعارض نعاني كحرفيات من صعوبة في التسويق للمنتجات".

وتخشى فاتن الرزقي من أن "يصيبني إحباط بسبب هذه السياسة القائمة على التهميش واللامبالاة لواقعنا المرير"، آمله في إقامة المزيد من المعارض وتشجيع الحرفيات والتشكيليات، ليتسنّى لهن إبراز إبداعاتهن التي تعتبر لغة قائمة بالذات ونافذة تعبرن من خلالها عن طموحاتهن وأعمالهن وقضاياهن.

 

تجسيد المعاناة

توثق وترسم فاتن الرزقي بريشتها الصعوبات والمعاناة التي واجهتها في لوحاتها المتنوعة "أشعر بمعاناة مثيلاتي وأحولها للوحة ملونة، والفنان لابد أن يكون لسان حال الناس والمحيط الذي يعيش فيه، وينقل الواقع المعاش حتى تتم إثارة الانتباه له ومحاولة البحث عن حلول للمشاكل".

وأوضحت أن وضع الفنانة التشكيلية والحرفية بات صعباً من الناحية المادية، حيث أصبحت صناعة لوحة مكلفة جداً مع غلاء المواد الأولية فضلاً عن ضعف الإقبال من قبل المواطنين غير المهتمين بالفن والحرف فيعتبرون أنها باهظة ولا تستحق ذلك السعر. 

ودعت الحكومة إلى إقامة معارض مجانية لدعم التشكيليات والحرفيات لتطوير مشروعهن وتوفير فرص عمل لنساء أخريات وتؤكد أن الجميع تأثر بأزمة جائحة كورونا، من الإغلاق على مدار عامين، فلابد من تعويض كل الخسائر.

وأكدت فاتن الرزقي على أنه رغم كل الصعوبات التي واجهتها والتي حالت دون تحقيق أهدافها إلا أنها تبقى متفائلة "رغم أنه حتى الآن لم أتمكن من تحقيق ما أطمح له، لكني أشعر برضى لأني تحررت من الاستغلال الوظيفي، وأنه مهما كانت الصعوبات كثيرة ستنجلي وسأمسك بحلمي بين يدي في يوم من الأيام".