تمكين النساء النوبيات... كسر القيود وإحياء التراث

في ظل التحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجهها النساء في الداخل المحلي، تبرز النساء النوبيات كنموذج قوي في مواجهة التمييز والتقاطع بين العوامل العرقية والجندرية.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعمل جمعية "الديوان" على تمكين النساء النوبيات، حيث توفر لهن مختلف سبل الدعم، من القانوني إلى الاقتصادي والفني، عبر أنشطة متنوعة تهدف إلى تحسين أوضاعهن وتعزيز مكانتهن داخل المجتمع.

تواجه النساء في الداخل المحلي تحديات متعددة بسبب الثقافة السائدة والذهنية الذكورية التي تفرض عليهن أدواراً اجتماعية محددة وتقيّد خروجهن عنها. وتعاني النساء النوبيات من تمييز مضاعف نتيجة التقاطع بين انتمائهن العرقي والنوعي، إلا أنهن استطعن تجاوز هذه الصورة النمطية تماماً وحققن نجاحات بارزة في مجالات عدة.

تقدم جمعية "الديوان" مجموعة من الأنشطة المتنوعة لنساء النوبة في مصر، وتوفر لهن العديد من الخدمات تشمل الدعم القانوني وكذلك الفني وتوفير آليات مختلفة على التمكين الاقتصادي.

وعن الأنشطة الداعمة لسكان مدينة النوبة تقول رئيسة اللجنة النسائية في الجمعية نجلاء أبو المجد "لدينا العديد من الأنشطة منها ما هو رياضي واجتماعي وأخرى خاصة بالتكافل، كما أن لدينا لجنة المرأة التي توجهت بالأساس نحو التمكين وفي مقدمته الاقتصادي من خلال مجموعة من الدورات التدريبية".

وأضافت "تمكنا من تعليم الفتيات والنساء مجموعة من الحرف اليدوية ومنها تصميم حقائب الخرز والكرج وغيرها من الحرف التراثية النوبية واستهدفنا من خلال ذلك الحفاظ على الطابع والهوية"، لافتةً إلى أن "عدد كبير من النساء تمكن من امتهان الحرف التي تم تدريبهن عليها وبات لهن ماركة وصفحات يسوقن منتجاتهن من خلالها، كما تم الاهتمام بفكرة التراث وعقدت عدد من الصالونات التثقيفية بشأنه".

وأشارت إلى أن الجمعية عملت على تجميع نساء النوبة على مستوى القاهرة الكبرى وعدد كبير منهن لا يعلم عن الآخر شيئاً منذ سنوات وتلك اللقاءات كان لها دور كبير في زيادة معدل الوعي والدعم بين النساء والفتيات وبتن تتبادلن الخدمات والأعمال وخلقت حالة من التشاركية والدعم فيما بينهن.                

وحول كيفية الحفاظ على التراث النوبي تقول "واحدة من أهم أولوياتنا تتمثل في العمل من أجل إحياء التراث والحفاظ على الهوية النوبية فالمشغولات التي تنتجها النساء نفتح لها آفاق ترويجية بالمعارض والبازارات ونسافر للكثير من الدول للتعرف على تلك الثقافة، ونتعمد أن ننقل المعرفة للأجيال الجديدة حتى لا تندثر الأفكار، والأمر بحاجة لاهتمام أكبر من السلطات خاصة في تذليل القدرة على حضور المعارض الدولية والتمثيل اللائق لتلك المنتجات".

وبينت إلى أنه "منذ أيام الجامعة أعمل على ذلك الملف في أسرة سواعد النوبة ثم بعد ذلك انتقلت للعمل الحزبي لهذا الغرض ومثلت مصر في الكثير من المحافل الدولية فقد تمت دعوتي من قبل الاتحاد الافريقي ومثلت الشخصية النوبية لديه وكان لنا تواجد في الدستور في اللوبي النسائي للجنة الـ 50 للعمل من أجل الموافقة على المواد الخاصة بالمرأة، واشتركت في كتاب رصد التشريعات المؤثرة على وجود النساء في البرلمان والذي صدر بشكل إقليمي من عدة دول منها الأردن والجزائر وليبيا ولبنان وفلسطين".

وعن أبرز الأزمات التي تعاني منها النساء النوبيات أوضحت "النوبيات لا تختلفن عن غيرهن فتقاطعية النساء واحدة في الداخل المحلي وتأتي الحالة الاقتصادية في مقدمة الأزمات التي تعاني منها الكثيرات والتي أفرزت ارتفاع كبير في معطيات المعيشة وما ترتب عليها من أعباء إضافية".

ونوهت إلى أن هناك الكثيرات ممن يمتهن العمالة المؤقتة ويعانين من عدم الاستقرار في العمل، بالإضافة إلى التمييز بمختلف صوره والذي يبدو واضحاً في الأجور والترقيات وكذلك الفرص "كما أن لون البشرة يعد أحد العوائق التي تعانين منها فلا نجد مذيعات سوداوات على الفضائيات على سبيل المثال، إلا أن هناك توجه للتعامل مع هذا الأمر بعد نبوغ عدد من الفنانات ذوات البشرة السمراء"، مشيرةً إلى أن النساء بتن تسعين لكسر كل الأطر التنميطية وحققن نجاحات في قطاعات مختلفة وتمكن من الوصول للعديد من المناصب القيادية مما جعلهن محل تقدير واحترام من الجميع".

وترى رئيسة اللجنة النسائية في الجمعية نجلاء أبو المجد أن للمجتمع المدني دور مهم ومؤثر وكذلك الشخصيات العامة والقوى المؤثرة بالإضافة إلى صناع القرار لخلق حوار مجتمعي فعال ومستمر دون الانحياز لفئات دون غيرها وإيجاد حلول حقيقية لما يعانيه الأفراد من أزمات.