تداعيات إعصار دانيال مستمرة والأطفال الفئة الأكثر تضرراً

ما يقدر بنحو 67% من الأطفال لديهم تغيرات سلوكية سلبية منذ كارثة إعصار دانيال، و48% من الأطفال بحاجة ماسة إلى الدعم العقلي والنفسي والاجتماعي المستمر.

هندية العشيبي

بنغازي ـ بعد مرور أكثر من عام على كارثة اعصار دانيال الذي ضرب المدن الساحلية الشرقية لليبيا وراح ضحيته أكثر من 40 ألف شخص في 2023، ونزوح عشرات الآلاف من منازلهم ومدنهم، لايزال الأطفال هم الفئة الأكثر هشاشة والمتضررة من هذه الحادثة.

يتعرض الأطفال عادة خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والحروب إلى الصدمات النفسية والاجتماعية، فقد يتعرض الطفل للعديد من الاضطرابات الانفعالية والاكتئاب وإضرابات سلوكية ونفسية وعدم الثقة بالنفس وبالآخرين.

وفي مدينة درنة الليبية التي جرف الإعصار أحيائها وشوارعها ومبانيها لداخل البحر، عايش أطفالها أبشع الظروف التي ستترك بصماتها على كافة جوانب الحياة بحسب خبراء.

وقد أظهر تقييم أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، للأطفال المتضررين من الفيضانات الناجمة عن إعصار دانيال، أن ما يقدر بنحو 67% من الأطفال لديهم تغيرات سلوكية سلبية منذ الكارثة، وأن 48% من الأطفال بحاجة ماسة إلى الدعم العقلي والنفسي والاجتماعي المستمر.

تقول فوزية الهادي سالم عضوة هيئة التدريس بكلية التربية قسم العلوم النفسية والتربوية بجامعة بنغازي ورئيسة وحدة الدعم الحياتي والنفسي في مركز الأمل لمتعددي الإعاقة أن الأطفال أكثر الفئات المتضررة من الكوارث سواء أكانت هذه الكوارث طبيعية كالفيضانات والبراكين والزلازل أو من صنع البشر كالحروب والنزاعات المسلحة والصراعات.

وأوضحت أن الضرر الذي يطال الأطفال جراء هذه الكوارث يطالهم بشكل كامل، نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، ما يجعلهم عرضة للأذى بشكل كبير ويؤثر على نموهم الجسدي والعقلي، مؤكدةً أن الحروب والصراعات في ليبيا تركت أثر نفسي واجتماعي كبير لدى الأطفال في البلاد على مر السنوات الماضية.

ولفتت إلى أن التعليم ومؤسساته المختلفة من أهم القطاعات التي تخلق التوزان لدى الأطفال عقب الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية المختلفة التي يتعرضون لها والتي قد تترك آثار نفسية ظاهرة وغير ظاهرة لدى الأطفال كالخوف المستمر والفزع والكوابيس والتبول اللاإرادي. 

وبينت فوزية الهادي سالم أن الطفل يفقد ثقته بنفسه وبالآخرين عقب الأحداث الصادمة التي يعايشها، والتي تؤثر على سلوكه الخارجي ومزاجه بحيث يكون دائم العصبية والتوتر.

ودعت الأخصائيين النفسيين والمعالجين الاجتماعيين والنفسيين للتركيز على هذه النقاط خلال جلسات التأهيل النفسي للأطفال، مع ضرورة توعية الأسرة بها وبمخاطرها "الأطفال لا يدركون معنى الصدمات التي يمرون بها لهذا على الأسرة أن تتبع عدة نقاط هامة في الطفل، أولها سلوك الطفل، على الأسرة ملاحظة التغيرات التي تحدث على سلوك طفلها بعد الأزمة، وخاصة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لابد أن يُعرضوا على أخصائيين نفسيين ومعالجين نفسيين متخصصين"، معتبرة أن الحوار مع الأطفال والحديث معهم بشكل متواصل يساعدهم في التعبير عن أنفسهم بشكل جيد.

كما أثنت فوزية الهادي سالم على دور مؤسسات المجتمع المدني، في تنظيم برامج توعوية ووقائية للتأثيرات النفسية والاجتماعية التي قد تحدث للأطفال، وتدعوهم لتنفيذ أنشطة وبرامج ترفيهية للأطفال الذين تعرضوا لصدمات، وحثهم على المشاركة في جماعات عمل تطوعي، مؤكدةً أن "للمجتمع دور هام في تأهيل الأطفال والبالغين نفسياً ما بعد الصدمة".