نساء مخمور تحافظن على ثقافة بوطان الأصلية
على الرغم من النزوح والهجرة التي شهدتها نساء بوطان على مدى الثلاثين عاماً الماضية، إلا أنهن حافظن على ثقافتهن من خلال الالتزام بالعادات والتقاليد، سعياً لحماية تراثهن من سياسات القمع والاستبداد.

نوبلدا دنيز
مخمور ـ تشتهر منطقة بوطان في شمال كردستان بتربية الحيوانات، حيث أصبحت هذه الممارسة جزءاً أساسياً من أنماط حياتهم. لا يعتبر السكان ذلك مجرد مصدر للرزق، بل يرونه أيضاً وسيلة لتعزيز العيش المشترك بروح التعاون.
خانم طي، من سكان منطقة بوطان في شمال كردستان، هاجرت من قريتها بسبب الهجمات الوحشية التي شنها الاحتلال التركي في التسعينات، والتي شملت حرق ونهب ومجازر ضد المدنيين. بعد أن مرت عبر سبع مخيمات، استقرت في مخيم الشهيد رستم جودي (مخمور). ورغم التحديات والظروف الصعبة التي تواجهها، تُعتبر خانم طي واحدة من الأمهات اللواتي يكرّسن جهودهن لتربية الحيوانات والاهتمام بالزراعة.
عبرت خانم طي عن جمال قريتها بالكلمات التالية "أنا من قرية سربية التابعة لناحية سلوبي في شرنخ، الحياة الطبيعية في قريتنا كانت تجذبني كثيراً، كنا نعمل في الزراعة وتربية الحيوانات، وكنا سعيدين جداً بهذه الأعمال لأننا كنا نتشارك ونعمل معاً".
"كانت الزراعة وتربية الحيوانات مصدر عيشنا"
فيما يتعلق بتربية الحيوانات والاهتمام بالزراعة، قالت "كنا نستعد لفصل الشتاء، وفي الربيع كنا نقوم بإنتاج اللبن والجبنة والسمن النباتي من الحليب الذي نحصل عليه من الأغنام، كما كنا نتوجه إلى الجبال لجمع الأعشاب الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، كنا نعتني بتربية الحيوانات ونعمل في الزراعة، حيث كنا نزرع جميع احتياجاتنا في الحقول. عشنا حياتنا بهذه الطريقة، ورغم كل التحديات، كانت روح التعاون والمشاركة بين أهالي القرية مصدر قوتنا وسعادتنا".
وتحدثت عن تجربتها في سرد قصة حياتها والمآسي التي واجهتها بعد تهجيرها من قريتها، حيث أوضحت خانم طي أن "الزراعة وتربية الحيوانات جزء من ثقافة بوطان. بعد الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال التركي في مناطقنا، مثل الحرق والقتل وطمس الهوية الكردية، تم إجبارنا على التهجير القسري. بعد التنقل بين سبعة مخيمات، استقرينا في مخيم مخمور، وعملنا على إعادة بناء المنطقة من الصفر. ورغم كل ذلك، لم نبتعد عن ثقافتنا، وبدأنا مرة أخرى في تربية الحيوانات".
"الجهد هو الذي يزيد الإنسان قوة"
وبينت خانم طي أن الجهد والرعاية الصحية التي يبذلها الفرد في أعماله هي ما يثمر الحياة، مشيرةً إلى أنه "على الرغم من التحديات التي نواجهها في تربية الحيوانات والزراعة، إلا أن الجهد الذي نبذله يمنحنا الطاقة والحماس للاستمرار في هذه الأعمال"، مؤكدة أن الجهد هو أساس العيش.
وأعربت عن حبها واهتمامها بالحيوانات "بعد الهجرة والمعاناة التي عشناها في تلك الفترة، أصبحت الزراعة وتربية الحيوانات جزءاً لا يتجزأ من حياتي، ولا أستطع العيش بدونها"، مضيفةً "عندما كنا نحن نساء القرية نذهب معاً إلى الأراضي الزراعية من أجل الحصاد، كانت أجواؤنا مليئة بالغناء وسرد القصص والذكريات".
وفي ختام حديثها، تمنت خانم طي أن تعود تلك الأيام مرة أخرى، وأن يتمكن الجميع من العودة إلى قراهم والعيش في أمان واستقرار.