نازحات: التدخل التركي المستمر في الشؤون السورية لن يحقق العودة الآمنة

تعيش نساء مخيم تل السمن الذي تم تسميته بمخيم الكرامة حياتهن على أمل العودة إلى مدينتهن ومنازلهن التي احتلتها تركيا ومرتزقتها في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019.

نورشان عبدي

عين عيسى ـ طالبت النازحات من تل أبيض/كري سبي والقاطنات في مخيم تل السمن بمدينة عين عيسى بإقليم شمال وشرق سوريا بإيجاد حل لمعاناتهن، وتحقيق العودة الآمنة إلى منازلهن.

بهدف احتضان واحتواء العائلات النازحة من تل أبيض وتأمين حياة أمانة لهم، قامت الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا بافتتاح مخيم تل السمن في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 ويضم المخيم 1247 عائلة و6960 شخص غالبيتهم نساء وأطفال، ويعيش هؤلاء اليوم منذ 6 أعوام في المخيمات ويواجهون يومياً الكثير من الصعوبات، ولكنهم مازالوا مرتبطين بأمل العودة الآمنة إلى منازلهم.

في الذكرى السادسة لاحتلال تركيا لمدينة تل أبيض/كري سبي توجهت وكالتنا إلى مخيم تل السمن التابع لمقاطعة الرقة لرصد حال النساء في المخيم وتمسكهن بأمل العودة إلى مدينتهن.

 

"سنقاوم ونناضل لكي نحرر مدينتنا"

تقول عدلة خليل حمي (48)  النازحة من قرية الطيبة "في الساعة الرابعة عصراً بدأت الهجمات بشكل كبير على المدينة بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية والمسيرة، وفي اليوم الثاني اشتدت الهجمات حتى وصلت لقريتنا دخل المرتزقة القرية بالأرتال العسكرية مرفقة بالهجمات المكثفة بالمدافع والطائرات الحربية بشكل لا يوصف، عشنا أيام صعبة، الخوف سيطر على الأطفال لهذا السبب قررنا الخروج من القرية حفاظاً على حياتهم، تركنا قريتنا وظننا أننا سنعود بعد أيام لكن رحلة نزوحنا استمرت لـ 6 أعوام. افتقد منزلي المليء بالورود والأشجار، منزلي الذي اضطررت للتخلي عنه".

وترى أن هدف الاحتلال التركي ليس مجرد السيطرة على أرضهم بل زعزعة أمن المنطقة وتفكيك الصلة التي تربط بين شعوب المنطقة "عاشت العديد من المكونات في تل أبيض، كرد وعرب وتركمان وأرمن، تم اتهامنا بالإرهاب وتركيا هي أكبر داعم للإرهاب وتحارب المنطقة بهذه الحجة"، متسائلةً أين هؤلاء المرتزقة عندما سيطر داعش على تل أبيض؟

ولفتت إلى أن الاحتلال التركي دعم بشكل كبير داعش من كافة النواحي اللوجستية والصحية والعسكرية عبر معبر تل أبيض/كري سبي الحدودي "كنا نشاهد هذا الشيء بأم أعيننا، وعندما فشلوا في مهمتهم في ذلك الوقت وقواتنا هزمت داعش هاجمونا بشكل مباشر".

الاحتلال التركي بحسب عدلة خليل حمي لعب دور كبير في تخريب سوريا وتحويل الثورة السورية إلى أزمة، وبذلك كان أول تدخل عسكري في سوريا من قبل تركيا، وبهذا الشكل استطاع دعم الإرهاب بشكل علني ومباشر "إلى يومنا هذا وبعد أكثر من عشر أعوام من الثورة السورية و6 أعوام من احتلالها لتل أبيض وحتى في المرحلة الجديدة في سوريا ما زالت تركيا تقوم بالتدخل العسكري والسياسي في سوريا".

وعن التدخل التركي السافر في الشؤون والأراضي السورية تقول "لطالما هنالك تدخل من قبل تركيا بشأن سوريا لن يكون في هذه البلاد أمان واستقرار، ونحن كنازحين ونازحات تل أبيض لن نستطيع العودة الأمنة إلى مدينتنا".

ولأن الأرض لا يمكن نسيانها تؤكد أن مطالب العودة الآمنة حق سيتمرون بالمطالبة به "على الحكومة المؤقتة أن تلتزم بالاتفاقيات الموقعة وتلعب دوراً في عودتنا نحن وجميع النازحين السوريين، وعلى تركيا أن تعرف بأننا سوريين بغض النظر عن أننا كرد أو عرب أو سريان أو أرمن نحن كشعب سوري قادرين على حل شؤون بلادنا الداخلية دون تدخل تركي والوضع في سوريا لن يحل إلا بيد الشعب السوري".

 

مخيم الكرامة

من جانبها استعادت جواهر عيسى (45) النازحة من ناحية سلوك ذكريات النزوح "بداية نزوحنا لم نتأقلم عشنا الكثير من الصعوبات والمأساة وتحملنا برد الشتاء وحر الصيف في هذا المخيم، لكننا بقينا صامدين لكي نكون متواجدين بالقرب من مدينتنا ومنازلنا. أسمينا المخيم بمخيم الكرامة لأن كرامتنا محفوظة في هذا المخيم".

أجبرتهم أصوات القذائف والطائرات الحربية والمسيرة على النزوح للحفاظ على حياة الأطفال "اتجهنا أولاً إلى مدينة الرقة، ولكننا لم نتمكن من العيش هناك لذلك أتينا إلى هذا المخيم، ومنذ ذلك الوقت وحتى هذا اليوم ونحن نعيش هنا".

المشاهد المؤلمة ما تزال عالقة في الذاكرة "عندما خرجنا من سلوك رأينا بأعيننا جثامين المدنيين التي راحت ضحية الحرب وأطماع الاحتلال، إضافة إلى ذلك الألم والخوف الذي عاشه أطفالنا في ذلك الوقت، كانت لحظات صعبة جداً لحظات لن نستطيع وصفها ولا نسيانها حتى هذا اليوم".

يسمى مخيم تل السمن بمخيم الكرامة، فيرى النازحين فيه حماية لكرامتهم كونهم لم يبتعدوا عن مدينتهم "يكفي أننا نعيش ببلادنا في سوريا، عندما ننظر إلى وضع أطفالنا في هذه الخيم نتألم ونتحمل فيها الشتاء والصيف من أجل المحافظة على أملنا بالعودة إلى ديارنا، لذلك نطالب بتأمين عودة آمنة لنا".

 

"نعمل بكل جهد لكي نؤمن احتياجات الأهالي في المخيم"

عضوة إدارة المخيم يازي جمعة قالت أن المخيم افتتح من قبل الإدارة المدينة لمقاطعة الرقة، لإيواء العائلات النازحة من مدينة تل أبيض/كري سبي، في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، ويضم 1247 عائلة و6960 شخص غالبيتهم نساء وأطفال.

وبينت أنه بالرغم من تأمين مستلزماتهم واحتياجاتهم إلا أنهم نازحين يعيشون بعيداً عن منازلهم ومدينتهم، ومهما يكون حجم المساعدات المقدمة يبقى النزوح صعباً وشاقاً "لن يستطيعوا تأمين الحياة التي يتمنوها لأطفالهم لأنهم نازحين".

وعن كيفية تنظيم شؤون المخيم أوضحت "في هذا المخيم تم تشكيل كومينات ومؤسسات بهدف تسيير شؤون الأهالي وتلبية احتياجاتهم، وعن طريق الكومين يتم العمل على توزيع المساعدات والمستلزمات بشكل كامل. في المخيم ثلاث مدارس من أجل تعليم الأطفال للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، وافتتحت ثلاثة مراكز صحية تابعة للإدارة والمنظمات التي تساعد الأهالي في المخيم".

وأكدت أنه بقدر المستطاع تعمل إدارة المخيم على مساعدة الأهالي وتلبية كافة احتياجاتهم "على هذا الأساس نعمل في هذه الفترة بالتعاون مع بعض المنظمات لتأمين المستلزمات الشتوية للأهالي وتحسين الخيم لكي تكون جاهزة لفضل الشتاء".