كيف تواجه المرأة "سياسة الإنجاب القسري" في إيران؟

إن زيادة التعليم، والوعي بحقوق الإنسان، والنضالات المدنية فيما يخص حقوق المرأة، كانت مثمرة في مجال وعي المرأة بالإنجاب والاستقلالية في جسدها، وقد كسرت العديد من النساء المحرمات وعادات المجتمع غير المعقولة.

سميرة قادري

مهاباد ـ لقد أصبح القلق بشأن انخفاض عدد السكان أحد الاهتمامات الاجتماعية والسياسية للنظام الإيراني، مما أدى إلى استخدام مختلف أدوات الدعاية والإكراه لزيادة عدد الأطفال، بالإضافة إلى الضغوط التي تمارسها الحكومة، فإن ثقافة المجتمع وعاداته لسنوات عديدة أجبرت المرأة على إنجاب الأطفال بطريقة مختلفة، وهذا النوع من حرمان المرأة لحريتها له جذور قديمة.

 

الضغوط والمشاكل التي تواجه المرأة

السلطات الإيرانية من خلال تطبيق القيود وجعل سبل الوقاية من الحمل غير متاحة، والإكراهات مثل تسجيل نتائج اختبارات الحمل الإيجابية في أنظمتها الخاصة وتنفيذ خطة حماية الإنجاب، أجبرت النساء على إنجاب الأطفال، ومع ذلك استخدام أدوات مثل قروض الإنجاب، التي وفقاً للعديد من الأشخاص، لا تكفي رعاية الطفل حتى لمدة شهرين، فهم يحاولون دفع أفكارهن لتسهيل الأمر في الوضع الحالي من خلال ضغوط الثقافة السائدة التي تشير إلى المرأة كآلة إنجابية.

وفي العقد الماضي فقط، أصبحت ولادة الأطفال في السنوات الأولى من المعاشرة إلزامية، أمينة رحيمي البالغة من العمر 47 عاماً الآن أم لثلاثة أطفال، تقول عن ضغوط الثقافة والطقوس التقليدية في وقت مبكر من زواجها لإنجاب طفل "لقد مرت ثلاثة أشهر على زواجي عندما كان الجميع من حولي يتحدثون عما إذا كنت حاملاً أم لا".

وأضافت "بعد ستة أشهر من زواجي لم يحدث الحمل، فكانت الضغوطات كبيرة لدرجة أن الناس من حولي بدأوا يوصمونني بالعقم، بل وأجبروني على الذهاب إلى الطبيب لإنجاب طفل، وعندما فحصني الطبيب وأخذ التاريخ المرضي لي، قال "ربما لأنني كنت صغيرة لذلك لم أحمل بعد" في ذلك الوقت، كان على النساء أن تحملن بعد بضعة أشهر من زواجهن، وإلا فسيتم تصنيفهن على أنهن عقيمات، وستتعرضن للمضايقة".

 

زيادة الوعي العام

استطاعت العديد من النساء كسر المحرمات وعادات المجتمع غير مقبولة ومقاومة الإكراه، وهي جزء من حقوقهن الإنسانية في مجتمع أبوي، وأحدها هو اختيار أن تكون أماً.

إن زيادة التعليم والوعي بحقوق الإنسان والنضال المدني من أجل حقوق المرأة كانت فعالة في زيادة وعي المرأة بشأن الإنجاب، لذلك تعتبر النساء اليوم الأمومة جزءاً من خياراتهن التي يمكن أن يقررنها.

إنهن تعلمن أن وسائل الإنتاج ليست واحدة وأن اختيار إنجاب طفل وحتى الأمومة هو خيار شخصي يمكن أن يتأثر بعوامل مختلفة، منهن هيرو شافي البالغة من العمر 29 عاماً أم لطفل واحد، قالت عن قرارها بأن تصبح أماً "أنا أم لابنة وأنا سعيدة جداً بأن أكون أماً وأحاول تربية طفلتي كامرأة مثقفة وخلق شخصية للمجتمع يمكنها أن تكون أماً وتؤثر إيجابياً على المستقبل".

وأضافت "رغم أنني كنت دائماً أتعرض لضغوط من الأشخاص المحيطين بي بطرق غير مباشرة وحتى مباشرة من أجل إنجاب المزيد من الأطفال، إلا أنني أعلم أن ظروف حياتي في هذا الوقت تتطلب أن يكون لدي طفل واحد فقط وأنا سعيدة جداً بحياتي".

من جانبها قالت إلهام رحيميان ذات 35 عاماً ولم تقرر أن تصبح أماً، عن اختيارها "أنا وزوجي نفضل حياتنا بهذه الطريقة، ورغم أننا واجهنا الكثير من الضغوط خلال حياتنا التي استمرت 10 سنوات، إلا أننا اخترنا أن نعيش بهذه الطريقة وليس لدينا أطفال، أعلم أن كوني امرأة لا يعني أنني يجب أن أنجب أطفالاً، والآن هذا هو خياري وربما سيتغير في المستقبل، لكني أنا من سيقرر مصيري".

كما قالت مرضية محمودي البالغة من العمر 33 عاماً أم لطفلين "لدي ابنتان، وفي كثير من الأحيان الأهالي يقولون لي علي أن أنجب ابناً، لكن المهم أنني راضية عن حياتي اليوم وأحاول تربية بناتي بأفضل طريقة واليوم أريد أن أكون قدوة لهن ليعلمن أن المرأة ليست فقط لإنجاب الأطفال، وأنه يمكن لجنس الشخص أن يثبت قيمته في المجتمع"، مضيفةً "أنا أعمل وزوجي يحصل أيضاً على راتب ثابت، ولكن في كثير من الأحيان أواجه تحديات اقتصادية، نحن الاثنين نواجه تحديات أخرى مختلفة جعلتنا نقرر تربية اثنين فقط من الأطفال بأفضل طريقة ممكنة".

 

سياسات جديدة تقع على كاهل النساء

من جانبها أوضحت سانا. م رئيسة قسم القبالة في مهاباد التي تقصدها النساء من قرى مختلفة، خطة الشباب السكاني وضغط الحكومة على النساء لإنجاب الأطفال "كانت هناك حبوب منع حمل مجانية للنساء، ونحن كنا نوزعها لأن سياسة الحكومة كانت تقليل عدد الأطفال لحياة أفضل، وفي وقت لاحق، بأمر من آية الله علي خامنئي، تم تنفيذ خطة زيادة عدد سكان إيران وتم تغيير جميع السياسات، والآن يتم تشجيع النساء على إنجاب المزيد من الأطفال".

وأضافت "حتى النساء في المناطق الريفية المحرومة لا تتأثرن بهذه الخطة وتتخذن قراراتهن بأنفسهن، حيث تشتري النساء حبوب منع الحمل من السوق المفتوحة".

وعن إلغاء الفحص للنساء في مجال الصحة قالت "تسبب في ولادة المزيد من الأطفال المعاقين لأنه يتم تحديد هذه الحالات في الفحص، وحتى القابلات الحكوميات والصيدليات لا تعطين الدواء للنساء، لكن هذه الضغوطات لا تؤثر على قرار المرأة في الإنجاب، فهي تقرر مصير جسدها".

وأكدت أن "المرأة تدرك قضايا الوقت الحالي وحقوقها كإنسان، لذلك الحكومة والثقافة تهدف إلى تحدي إرادة المرأة، إلا أنها لن تنجح بهذه الطريقة، وستتخذ المرأة قرارات بشأن قضايا مهمة مثل إنجاب الأطفال بقرار منها وبسلطتها الخاصة".