حرب المياه مُستمرة وارتفاع درجات الحرارة يؤزم الوضع

لا تزال تركيا مستمرة بسياستها بقطع مياه نهر الفرات، ولا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصَّيف لما فوق الـ 40 درجة مئوية، ليسير الوضع من سيء لأسوأ، ويتأزم أكثر

نورشان عبدي 
كوباني ـ .
 
مضمون الاتفاقية السورية التركية بجر مياه الفرات 
أبرمت الاتفاقية السَّورية التركية المؤقتة لتقاسم مياه نهر الفرات بين سوريا وتركيا، في 17 تموز/يوليو 1987 وذلك خلال فترة ملء حوض سد أتاتورك والتي تمتد إلى 5 سنوات، ونصت على تعهد الجانب التَركي بأن يوفر مُعدلاً سنوياً يزيد عن 500 متر مُكعب في الثَّانية عند الحدود التَّركيّة السَّوريّة بشكل مؤقت إلى حين الاتفاق على التَّوزيع النَّهائي لمياه نهر الفرات بين البلدان الثَّلاثة الواقعة على ضفتيه. 
كما وقامت سوريا في عام 1994 بتسجيل الاتفاقية المعقودة مع تركيا لدى الأمم المتحدة لضمان الحد الأدنى من حق سوريا والعراق في مياه نهر الفرات، وبادرت في 17 نيسان/أبريل 1989 بتوقيع اتفاقية مع العراق تنص بأن تكون حصة العراق 58% من مياه الفرات في حين تكون حصة سوريا 42%، وبذلك تكون حصة سوريا من المياه 6.627 مليار متر مكعب وحصة العراق 9.106 مليار متر مكعب، وحصة تركيا 15.700 مليار متر مكعب في السنة، ولكن منذ بداية شهر شباط/فبراير 2021، وبسبب انقطاع مياه نهر الفرات انخفض منسوب المياه بشكل كبير.
وينبع نهر الفرات من تركيا، ويتدفق بالاتجاه الجنوبي الشَّرقي عبر سوريا والعراق، ويعد أطول الأنهار في جنوب غرب قارة آسيا، ويصل طوله لنحو 2.800 كيلومتر، ويعد جزءاً من نهري دجلة والفرات اللذين يتدفقان في وسط منطقة الشَّرق الأوسط، إلى بداية الخليج العربي، وتبعد منابعهما قرابة ثمانين كيلومتراً عن بعضهما.
 
الصَّيف وارتفاع الحرارة مُشكلة حقيقية 
 
 
قالت الرئاسة المشتركة لمديرية المياه في مقاطعة كوباني خاليصة حاج عبد القادر "تستمر الدَّولة التَّركية منذ بداية شهر شباط وحتى يومنا هذا بقطع مياه نهر الفرات عن مناطقنا، والتي وصلت لأدنى المستويات، وتقوم إدارة المياه بسحبها عبر الغطاسات من الآبار وتوزيعها على الأهالي".
ولانخفاض منسوب المياه تأثير سلبي مباشر على الزَّراعة وتوفير الكهرباء والمياه، وتأمين الأهالي لمعيشتهم اليومية "بسبب انخفاض المنسوب تم تقليل عدد ساعات ضخ المياه للأحياء في كوباني".
وأضافت "في أشهر الصَّيف ومع ارتفاع درجات الحرارة يعاني الأهالي قلة المياه لأن الغطاسات لا تسحب كمية كافية من المياه لسد حاجات كافة الأحياء، إذ أن الأهالي لا تصلهم المياه، ويُجبرون على شراءها من الصهاريج، فالأهالي في إقليم الفرات يواجهون صعوبات من الناحية الخدمية، وشراء المياه بشكل يومي ليس حلاً لتفادي تلك الصعوبات".
وبينت "نحن كإدارة المياه في كوباني نتقيد بتوزيع المياه على الأهالي مع انخفاض منسوب نهر الفرات، وغالباً يتم تعبئة الأحواض في ساعات المساء أي بعد السَّاعة 12 لمدة 6 ساعات فقط، وينخفض المنسوب يوماً بعد يوم أكثر، ونسعى لإيجاد حلول لإيصال المياه للأهالي في جميع أحياء المقاطعة".
وأشارت إلى أن قسم المياه يسعى لتخصيص صهاريج كبيرة لتوزيع المياه على الأحياء التي لم تصلها المياه الرئيسية بدل شراءها "هنالك الكثير من العوائل ليس لديها الإمكانية المادية لشراء المياه بالأسبوع مرتين لكل منزل، وفي الأسبوع المنصرم تم فتح خط من المياه لمدة ثلاثة أيام متتالية، وذلك بسبب عطل في بعض الخطوط ليس لارتفاع المنسوب"، وتسعى الإدارة الذاتية بإمكانياتها الضئيلة إلى تأمين المياه للأهالي.
 
نقص مياه الفرات له تأثير كبير على القطاع الصحي 
أدى انخفاض منسوب نهر الفرات وتوقف جريانه إلى خروج محطات التَّصفية عن الخدمة، وظهور الطحالب والفطريات على سطح الماء، وتسبب بتلوث المياه، مما زاد من حالات التّسمم بين الأهالي، والأطفال هم الأكثر عرضة لها.
 
 
وقالت الرّئيسة المُشتركة لهيئة الصّحة في إقليم الفرات عزيزة إبراهيم "مع بدء فصل الصَّيف وارتفاع معدلات درجات الحرارة، ازدادت نسبة حالات التَّسمم في إقليم الفرات".
وبينت "الأكثر تعرضاً لحالات التّسمم هم الأطفال، وبحسب الإحصائيات يستقبل مستشفى كوباني يومياً من 30 حتى 40 حالة تسمم، هذا عدا عن إحصائيات المشافي الخاصة وعيادات الأطباء".
وبحسب إحصائيات هيئة الصّحة في إقليم الفرات فإنه مع بدء فصل الصّيف وارتفاع درجات الحرارة منذ بداية شهر أيار/مايو يومياً تستقبل كل مستشفى 30 حالة تسمم، وخلال شهر حزيران/يونيو عالج مستشفى كوباني 1464 شخص أغلبهم أطفال.
وأوضحت بأن أعراض التَّسمم هي الإسهال والقيء، وارتفاع درجة حرارة الجسم "عند دخول المُستشفى يباشر الأطباء بتقديم العلاج اللازم لهم، لكن تأمين الأدوية بات صعباً لأن المعابر مُغلقة".
وعن الإجراءات الوقائية التي يجب على الأهالي اتباعها لحماية أطفالهم تقول "يجب شرب المياه المفلترة، أو أن على الأمهات غلي الماء وتبريدها، والاهتمام أكثر بأطفالهم خاصة في هذه المرحلة".
وناشدت الرَّئاسة المُشتركة لهيئة الصَّحة في إقليم الفرات عزيزة إبراهيم المُنظمات الدَّوليّة وحقوق الإنسان بالتّحرك وإيقاف الكارثة الإنسانية التي تواجهها مناطق شمال وشرق سوريا.
وأثر انخفاض منسوب نهر الفرات بشكل كبير على ساعات تغذية الكهرباء من السَّدود وتضرر القطاع الزّراعي أيضاً، كون الأراضي الزّراعيّة في مناطق شمال شرق سوريا خصبة وتحتاج لنسب كبيرة من المياه.