نساء متضررات... جرائم السرقة تزداد في إدلب ولا سبيل لإيقافها
ازدادت جرائم السرقة والنهب في إدلب وسط ضعف القبضة الأمنية على المنطقة وتسجيل معظم عمليات السطو المسلح باسم مجهول، مما عرض الكثيرون لخسائر كبيرة بينهم نساء دون أن يجدن من يحصل حقوقهن أو يعوضهن جزءً ولو يسيراً مما سلب منهن
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
لم تصدق هيفاء العمر (٣٧عاماً)، عينيها حين وجدت أن محلها ومشروع حياتها الذي جهدت لإنشائه تعرض للسرقة وذهبت كل جهودها بافتتاحه في مهب الريح.
"قضى اللصوص على أحلامي وطموحاتي وحاربوني في لقمة عيشي" تقول هيفاء العمر بحزن شديد، وتضيف أنها جمعت رأسمالها من التبرعات وباعت جميع ممتلكاتها بعد وفاة زوجها الذي قضى بقصف الطيران الحربي على مدينتها معرة النعمان أواخر عام 2017، لتفتح مشروعها بمدينة إدلب وهو عبارة عن محل ألبسة نسائية جاهزة ومكياجات كلفها آلاف الدولارات، لتجعل منه محط أنظار النساء اللواتي يجدن فيه طلبهن وما يرغبن بشرائه وفق تعبيرها.
محل هيفاء العمر لم ينجو من عمليات السطو والسرقة التي طالته في الـ 13 من نيسان/أبريل الماضي، حين تعرض المحل لسرقة الكثير من محتوياته الغالية الثمن والتي قدرتها هيفاء بأكثر من 7000 دولار أمريكي.
تبقى مصيبتها أقل وطأة عليها مما تعرضت له الحاجة الستينية نوف الراعي، حين أقدم رجلين ملثمين على تهديدها بالسلاح داخل منزلها الكائن في مدينة سلقين شمال غرب إدلب، وسرقة ما لديها من أموال ومصاغ ذهبية بعد أن قيدوها بالسلاسل وهربا، مما كاد يودي بحياتها بعد بقائها أكثر من يومين على تلك الحال لولا اكتشاف جارتها الأمر وإنقاذها وإبلاغ الأمن عن الحادثة.
تقول الحاجة المكلومة أنهما استغلا كبر سنها ووجودها بمفردها في المنزل بعد فقدانها لزوجها وأولادها بين قتيلِ ومهجر، ولم يتم معرفة الفاعلين حتى اللحظة رغم مضي وقت طويل على الحادثة ما جعلها على حافة الفقر والإفلاس والعوز.
وطالت الجرائم المتعددة مدنيات ونازحات في إدلب وأودت بحياة بعضهن كحادثة مقتل الشابة عبير المحمد (٣٥) عاماً في مخيم "حلب لبيه" شمال إدلب، بعد تعرضها للقتل طعناً بالسكين على يد أربع أشخاص بغية سرقة ما لديها من مال.
وروان الحسكة الأربعينية التي وجدت مقتولة في إحدى الأراضي الزراعية ببلدة حزانو شمال إدلب، بعد أن خطفت وجردت من مصاغها الذهبي على يد اللصوص وقطاع الطرق.
حوادث عديدة مشابهة تعرضت لها عشرات النساء في إدلب دون حل يلوح بالأفق بإنهاء تلك الأعمال العدوانية التي ما زالت تتعرض لها النساء رغم كل الظروف الصعبة التي مررن ويمرون بها.
وقالت منسقة السلامة في مركز تمكين المرأة في إدلب صفاء ديوب (28 عاماً)، أن النساء والفتيات ما زلن يتحملن وطأة الحرب السورية ويكافحن من أجل البقاء ورعاية أطفالهن ونادراً ما يشعرن بالحماية والأمان بسبب العنف وانعدام الأمن، إذ تسببت لهن الحرب بأعمال عدائية ونزوح جماعي ومعاناة نفسية وأضرار بالمرافق المدنية والبنى التحتية ليأتي اللصوص ليقضوا على ما تبقى لديهن من أمل وسط ظروف هي أشبه "بقانون الغاب والقوي فيها يأكل الضعيف" .
وعن أسباب انتشار الجرائم تمضي قائلة إن "الفقر أبو الجرائم وأخطرها" وفق المثل الشعبي عن الجوع والجهل، وكذلك الاضطرابات النفسية نتيجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية وتدهور قيمة الليرة السورية والغلاء، كل ذلك دفع أصحاب النفوس الضعيفة لارتكاب جرائم السطو والسرقة وحتى القتل، فالحرب السورية تسببت بتصدع اجتماعي كبير وأزمة إنسانية غيرت مبادئ الكثيرين وقيمهم وفككت الروابط الأسرية والاجتماعية.
ووفق الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية فإن المجتمع السوري تصدر المراتب الأولى في مؤشرات الفقر العالمي، وهو ما ترتب عليه ارتفاع معدل الجرائم بشكل ملحوظ والذي لم تنجو منه حتى النساء.