عازفة كمنجة تروي تحديات النزوح داخل بلدها الذي انهكته الحرب

روت فدوى السر فقيري رحلة النزوح من مدينتها الواقعة شمال أم درمان إلى مدينة بورتسودان وسط صعوبات عديدة واجهتهم منها اندلاع الاشتباكات المستمرة في أنحاء السودان وعدم توفر وسيلة نقل، فضلاً عن افتقار مراكز الإيواء إلى الاحتياجات الأساسية.

سلمى الرشيد

السودان ـ فدوى السر فقيري عازفة كمنجة وعضوة الفرقة القومية للآلات الشعبية، أجبرتها الحرب التي اندلعت منتصف نيسان/أبريل ٢٠٢٣، على الخروج من منزلها بمنطقة "كرري" شمال أم درمان، ونزحت إلى مدينة بورتسودان بعد رحلة مليئة بالمخاوف والتحديات ما بين الخرطوم ومدينة ود مدني مروراً بالقضارف وصولاً إلى مدينة بورتسودان.

قالت فدوى السر فقيري، وهي أم لأربعة أبناء، إن مركز إيواء النازحين بمدرسة "الرباط" في مدينة بورتسودان يعتبر مركز نوعي احتمى فيه من ويلات الحرب العديد من الموسيقيين السودانيين الذين خرجوا من منازلهم بكل من الخرطوم وولاية الجزيرة بحثاً عن الأمان.

وأضافت أن منطقة "كرري" تقع بالقرب من معسكر الجيش السوداني، مما جعل أسرتها تختار الخروج من المنطقة، لافتةً إلى أنه في الأيام الأولى للحرب كانت أصوت الرصاص فقط هي المسموعة وبعد أيام من الحرب استخدموا الطيران ومقذوفات الهاون الأمر الذي جعلهم يصابون بالهلع.

وذكرت فدوى السر فقيري، أن الوضع تفاقم مما أجبرهم للاختباء تحت السرائر خوفاً من أصوات الاشتباكات والطيران والمقذوفات، مبينة أن الاشتباكات ظلت متواصلة حتى صباح عيد الفطر الذي استقبلوه وسط أصوات الطيران والرصاص "المخيف في الأمر أن منطقتنا تحولت إلى أرض معركة حيث كانت تخرج مقذوفات الهاون من مكان قريب من منزلنا، وبعد مرور خمسة عشر يوماً قررنا الخروج من أم درمان وواجهتنا العديد من التحديات حيث لا تتوفر وسائل نقل".

وأشارت إلى أنه قبل أن يصلوا إلى منطقة كبري الحلفايا بدأت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أجبرهم على الدخول في الخندق والخروج بالاتجاه الآخر وسط استمرار الاشتباكات، مضيفةً "وجدنا حافلات تنقلنا إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة حيث كان هناك عدداً من نقاط التفتيش تطلب من السائق بالتوقف ومن ثم يسأل عن وجهته وهل من بيننا فرد يتبع للجيش السوداني؟".

وقالت فدوى السر فقيري، إن الوصول إلى مدينة ود مدني استغرق يوماً كاملاً "بعد وصولنا إلى ود مدني ذهبت إلى مركز إيواء بمدرسة عازه الذي لا يختلف عن واقع جميع المراكز التي تواجه انقطاع التيار الكهربائي وعدم تقبل الأطفال للاختلاف البيئي والثقافي، مما أدى إلى عدم القدرة على التعايش في المركز".

وبينت أن "قوات الدعم السريع دخلت إلى ود مدني وهنا كانت الكارثة تتجدد وقررنا الخروج من مدني إلى منطقة مارجان، وعندما علمنا بأن الدعم السريع لم يسيطر بعد على كل أحياء المدينة، قررنا العودة إلى مركز الإيواء حتى نحمل أغراضنا، وعند وصولنا للمركز اقتحمت القوات المركز وهربنا راجلين مسافة تقدر ٦ ساعات من مارجان إلى حي المطار"، مشيرةً إلى أنه كان هناك حالة هلع عامة.

وعن رحلة الخروج من ود مدني التي كانت صعبة ومعقدة حيث افترشوا الأرض لمدة يوم كامل، قالت إن الدعم السريع كانت تقوم بإطلاق الرصاص بصورة عشوائية مما أصاب الأطفال بنوبات من الهلع، بالإضافة إلى كبار السن "كانت معي والدتي وخالتي المريضة ومن ثم وجدنا عربة نقلتنا إلى مدينة سنار".

وذكرت أنه خلال المسافة من ود مدني إلى سنار كانت هناك العديد من نقاط التفتيش "بعد وصلونا إلى سنار في وقت متأخر من الليل افترشنا الأرض حتى صباح اليوم الثاني، وواجهتنا مشكلة ارتفاع تكلفة تذكرة الوصول إلى مدينة بورتسودان، بالإضافة إلى عدم توفر السيولة المالية الأمر الذي تسبب في بقائنا يوم آخر على قارعة الطريق".

وقالت فدوى السر فقيري، إن الرحلة إلى بورتسودان كانت طويلة وشاقة جداً عبر سنار الدندر ثم القضارف، مشيرةً إلى جملة المخاطر التي واجهتهم من ضمنها "مجموعات قطع الطرق التي توقف العربات وتنهب ممتلكات الركاب".

وأضافت "بعد وصولنا إلى مدينة القضارف مكثنا بالسوق الشعبي يومين في انتظار وسيلة تنقلنا إلى مدينة بورتسودان وبعد وصولنا توجهنا إلى مركز إيواء بمدرسة الرباط"، واشتكت من سوء الخدمات الإنسانية بالمدرسة، وعدم توفر خصوصية في المواد الاغاثية التي تصل للمركز للأطفال، بالإضافة إلى تأخر أبناءها عن العام الدراسي وعدم استيعابهم ضمن تلاميذ العام الدراسي لهذا العام.

كما أشارت فدوى السر فقيري إلى ارتفاع تكلفة الكتب المدرسية في الأسواق وتحمل الأسرة هذا العبء في ظل ظروف النزوح، مبينة أن بعض المنظمات وفرت الحقيبة المدرسية بكامل الاحتياجات من الدفاتر، ولكن لم توزع بشكل عادل بين مراكز الإيواء.