'أصبح عكازاي رفيقا دربي'

رغم تعرضها لحادث في صغرها فقدت على إثره إحدى ساقيها، إلى أن سارة جمعة تقوم بالعديد من الأعمال منها الخياطة وبيع الملابس والاحتياجات المنزلية.

سوركل شيخو

الحسكة ـ تعرضت سارة جمعة التي تعيش مع والدتها في بلدة "قبور القراجنة" التابعة لمقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، لحادثة مؤلمة في طفولتها في سن الـ 13 عاماً، وتحولت حياتها إلى صراع.

تعلمت سارة جمعة البالغة من العمر 28 عاماً، الخياطة ومن خلال العمل في هذه المهنة قامت بجمع بعض المال وحولت غرفة صغيرة في منزلها إلى محل لبيع احتياجات المنزل والأطفال من طعام وملابس.

 

"أردت أن أذهب إلى المدرسة مثل إخوتي"

تحدثت سارة جمعة عن الحادثة التي تعرضت لها عندما كانت في الثالثة عشر من عمرها وتسببت في تغيير حياتها "كنت أحب الدراسة كثيراً، حاولت أن أجعل أهلي يتقبلون فكرة أن أذهب إلى المدرسة مثل إخوتي لكنهم لم يسمحوا لي بذلك، من أجل أن نعمل حيث كنت أعمل على نقل الحجارة السوداء إلى شاحنة كبيرة وفي ذات يوم كانت الشاحنة تعود إلى الوراء فدهست قدمي، ونُقلت إلى دمشق وحلب وعالجني الأطباء هناك لمدة شهرين ولكن لم ينجح الأمر، لذلك بتروا ساقي اليمنى".

ولفتت إلى أنها مرت بمرحلة صعبة وكانت طفولتها مختلفة عن البقية من حولها "كانت مرحلة صعبة للغاية، لم أحصل على دعم نفسي من مجتمعي، بالعكس، كانوا يعتبرونني دائماً أقل شأناً. كنت أريد أن أمشي وألعب وأرقص مثل أي شخص آخر، ولكن مع مرور الوقت، تأقلمت مع هذا الوضع وقررت الاستمرار في العيش".

 

الفرحة التي لم تكتمل

وعن الجهود المبذولة للحصول على ساق صناعية، تقول "قمت بتركيب ساق صناعية مرة، مشيت بها لأكثر من 6 أشهر دون الحاجة إلى عكازين وبحسب الأطباء، لم يكن ينبغي أن أتعب ساقي كثيراً، لكن من سعادتي في تلك الفترة ذهبت إلى العمل وكنت أجمع القطن، وبسبب ذلك لم تكتمل فرحتي وتضررت ساقي واضطررت إلى استخدام العكازات، من ثم قمت بتركيب ساق صناعية مرة أخرى، ولكنها تضررت بعد 15 يوماً، وأنا الآن أمشي باستخدام عكازين".

وأشارت سارة جمعة إلى أنها هذه المرة لم تتخذ القرار لمصيرها حسب رأي إخوتها والمجتمع، بل اتخذته بنفسها "لا يوجد إنسان بلا أحلام ورغبات في هذه الحياة، لذلك كانت رغبتي بعد الدراسة هي تعليم الخياطة، أردت أن أكون خياطة، لكن إخوتي رفضوا ذلك، وبعد المحاولة، فعلت ما أرغب به، لأنه إذا لم أفعل ذلك فلن يفعل أحد أي شيء من أجلي. قبل أربع سنوات شاركت في دورة الخياطة التي بدأتها حركة الشابات في المدينة والتي استمرت أربعة أشهر وعلى الرغم من أنني لم أكن أعرف القراءة والكتابة لكنني نجحت وتفاجأ المعلمون الذين كانوا يقومون بتعليمنا الخياطة. الأمر ليس صعباً بالنسبة لي، لأنني أحب القيام بذلك والآن أقوم بالخياطة".

 

"لكل امرأة قصة، يجب أن نكتب قصصنا بإيدينا"

وتقول إنه بسبب الوضع الذي تمر به المنطقة، ليس لديها هدف كبير "لا يستطيع المرء تحديد مستقبله، لأن الوضع يتغير لحظة بلحظة، ولكن النساء قويات، وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلنا نقف مرة أخرى والشيء الأكثر أهمية هو أن يكون لكل امرأة مهنة".

وفي ختام حديثها، لفتت سارة جمعة أن "العكازات رفيقا دربي منذ 15 عاماً، منذ أن تعرضت لحادث في قامشلو، بقيت في الفراش لمدة شهر ونصف بسبب كسر 4 فقرات في ظهري. في ذلك الوقت تمنيت لو أني فقدت كلا ساقي ولم أبقى طريحة الفراش، ولكني بعد شهر ونصف وبعد أن جبرت كسور ظهري وقفت مرة أخرى. في اللحظة التي وقفت فيها، احتضنت عكازي وقبلتهما، وبكيت. صحيح أني أمشي بالعكازات ولكنني أستطيع أن أرقص بهذه العكازات. بالإضافة إلى ذلك، أنا أيضاً أصنع خبز الصاج والتنور وأقوم بكل الأعمال. يجب أن يكون لدى المرء إيمان وثقة بالنفس، وكل امرأة لديها قصة يجب أن تكتبها بأيديها".