طوب اللبن ثقافة مستمرة إلى يومنا الراهن في ريف دير الزور

تشهد قرى وبلدات دير الزور بشمال وشرق سوريا، لجوء الأهالي إلى استخدام الطوب الطيني أو ما يعرف بـ "اللبن" كبديل للإسمنت إثر ارتفاع تكاليف مواد البناء.

زينب خليف

دير الزور ـ شهدت قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي بشمال وشرق سوريا، عودة البناء بالطوب الطيني من جديد بعد اندثارها لفترة محدودة وغيابها عن الواجهة؛ نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء والأكساء التقليدية.

يعتبر البناء بالطوب الطيني مهنة متوارثة، كان يستخدمها أهالي القرى في بناء الجدران والمنازل وحظائر الحيوانات والماشية، ولكن نتيجة تطور مواد البناء الأساسية اندثرت عند الكثير من أهالي ريف دير الزور الشرقي لفتره محدودة.

ونتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء لجأ عدد كبير من الأهالي إلى بناء منازلهم من الطوب الطيني في الآونة الأخيرة، نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وعدم قدرتهم على استخدام الإسمنت والحديد في البناء، فيما اتخذ البعض منهم هذه العمل مصدر دخل لتامين قُوت يومهم.

وعن الأسباب التي دفعتها للعمل في مهنة صناعة الطوب الطيني، تقول مريم العلي إحدى نساء ريف دير الزور الشرقي "اتخذنا هذه المهنة للعمل بها في سبيل تأمين قوت يومنا ولتحسين أحوالنا المعيشية ومن أجل أن نستفاد نحن وغيرنا من أهالي المنطقة الذين لا يملكون القدرة على تأمين مواد البناء الأساسية مثل الحديد والإسمنت".

ويعتبر صناعة الطوب الطيني من المهن الشاقة التي تتطلب مجهوداً بدنياً كبيراً على الرغم من مكاسبها القليلة كما توضح مريم العلي، فهن تضطررن للعمل في هذه المهنة لإعالة أسرهن في الوقت الذي تعانين فيه من أوضاع معيشية صعبة إثر الأزمة الاقتصادية.

وحول كيفية صناعة الطوب الطيني والمواد الداخلة في تركيبتها تقول "نستخدم التراب والقش والمياه بشكل أساسي في صناعة الطوب الطيني، حيث يتم خلط كميات محددة مع بعضها البعض لتتشكل عجينة طينية تسكب في القالب المصنوعة من الحديد أو الخشب".

وأضافت "نقوم بصناعة الطوب الطيني بشكل جماعي في ساعات الصباح الباكر، حيث نقسم القالب إلى قسمين على شكل مكعبات في بداية الشهر الذي ترتفع فيه حرارة الشمس، وننتظر 3 إلى 4 أيام ليجف تماماً وتصبح قابلة للاستخدام"، مشيرةً إلى أنهم يصنعون الطوب الطيني طيلة فصل الصيف أي حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر.

ولفتت إلى أنهم يقومون بصناعة حوالي 1500 قطعة لبن بشكل يومي حيث هناك إقبال كبير من قبل الأهالي على الطوب الطيني نظراً لقلة تكلفتها وحاجتهم لها، "إننا نسعى دائماً لتطوير عملنا في مهنة صناعة الطوب وغيرها من المهن التراثية الأخرى"، مشيرةً إلى أن "هذه الثقافة تعود لأجدادنا الذين كانوا يستخدمون هذه الطريقة لبناء منازلهم وحافظوا عليها من الاندثار، وها هم أهاليا القرى لا يزالون يستخدمونها في تشييد منازلهم".

 ومن جانبها تعمل صبحة الحمد على بناء منزل من الطوب الطيني ينتشلها من السكن في الخيام في محاولة لتخطي كلفة بناء المنازل الحديثة المبنية من الطوب الإسمنتي، مشيرةً إلى أن المنازل المبنية من الطوب الطيني تلائم العوامل الجوية خاصة في الأرياف فهي بادرة صيفاً ودافئة شتاءً.

وأضافت "إن المنازل المبنية من الطوب الطيني تحتاج إلى ترميم كل عام، فهو إثر العوامل الجوية يكون مهدداً بالانهيار، فمن الممكن أن تضعف الجدران وتنحني تحت تأثير المطر، ولا يمكن تجنب ذلك حتى عن طريق دعم المنزل بمواد مقاومة للرطوبة".