النظام التعليمي في إيران يواجه تحديات عديدة

في الوقت الذي لم تبذل فيه الحكومة جهوداً جادة لتحديد التحديات الخطيرة التي تواجه النظام التعليمي والتعامل معها، عملت على تأجيج هذه التحديات وجعل الوضع التعليمي أكثر خطورة، مما أدى إلى تسرب الطلاب من المدرسة وانخفاض معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة.

سروشا آمين

مركز الأخبار ـ تم تشكيل نمط التعليم الجديد الذي توجد فيه مدرسة ومعلم وفصل دراسي في البلاد منذ حوالي 150 عاماً، قبل ذلك كان الطلاب يتعلمون القراءة والكتابة فقط في المدارس المنزلية أو المساجد.

منذ ذلك الوقت وحتى الآن مر نظام التعليم بالعديد من التغييرات بهدف تحسينه، لكن في كل مرة كان هناك منتقدين. كما هو الحال الآن، حيث يعتقد الخبراء التربويون أن النظام التعليمي في إيران لا يعلم الطلاب أي مهارات ويعتمد في الغالب على الحفظ.

وفقاً لمعظمهم مشكلة النظام التعليمي لا تتمثل في كون الطلاب الذين يرتادون المدرسة الابتدائية يبلغون من العمر 6 سنوات أو أكثر، بل تكمن في تعليم الطلاب المهارات، فنظام التعليم في البلاد جعل الطلاب يفكرون فقط في الحصول على درجة علمية أو درجة النجاح، ولهذا السبب يبدؤون في حفظ محتويات كتبهم المدرسية في الليلة السابقة للامتحان، وإذا سألتهم نفس السؤال بعد أسبوع، فلن يكونوا قادرين على الإجابة عليها.

 

خطة تغيير موعد بدء العام الدراسي

يعد تغيير موعد بدء العام الدراسي أحد الموضوعات التي تمت مناقشتها تحت عناوين مختلفة في السنوات الماضية، ولكن لم يتم التوصل إلى نتيجة محددة حتى الآن.

تظهر العطل المدرسية العديدة في السنوات القليلة الماضية ومحاولة تعويض التراكم الناجم عن هذه العطل أن الآلية واللوائح الحالية لا تستجيب لمتطلبات واحتياجات المدارس في ظروف اليوم.

بالإضافة إلى ذلك أدى انتشار وباء كورونا إلى تغيير العديد من الهياكل والأطر التعليمية وأنشطة المدارس، كان تطوير التعليم الافتراضي، وتخصيص فصول لساعات مختلفة من أهم التغييرات التي حدثت في العامين الدراسيين الماضيين.

تعد إدارة وقت التعليم بالتقويم التربوي للمدارس أحد النقاط المهمة للتخطيط التربوي الذي له تأثير كبير على جودة نظام التعليم. بالإضافة إلى أن أحداث غير متوقعة مثل تلوث الهواء في المدن الكبرى، وتساقط الثلوج بغزارة، والصقيع، والفيضانات، والزلازل وما إلى ذلك يضاعف الحاجة إلى تعديل التقويم التعليمي.

 

تحديات نظام اتخاذ قرارات التقويم التعليمي

توضح مراجعة القواعد واللوائح المتعلقة بالتقويم التربوي وكيفية تنفيذها على مستوى المدرسة، أن أهم أسباب التي تؤثر على سوء حالة التقويم التعليمي للمدارس، تعدد سلطات اتخاذ القرار (أربع سلطات)، وتجاهل النهج المتمحور حول المدرسة، وعدم الالتفات إلى مستويات السلطة يعد انتهاكاً للقوانين في موافقات بعض المؤسسات وتناقض الموافقات مع بعضها البعض.

 

إغلاق المدارس أيام الخميس

وكان أهم ما تم تهديده في تغيير النظام التعليمي في زمن الحاج بابائي هو إغلاق المدارس يوم الخميس. عارض ممثلو الهيئة هذا القرار لكن الحاج بابائي أعلن أن المدارس نشطة لمدة 5 أيام فيما يخصص يوم واحد للبرامج اللامنهجية.

كان من المفترض أن المدارس لن تغلق يوم الخميس ويذهب الطلاب إلى معسكرات ترفيهية وتعليمية ويتعلمون المهارات، لكن ذلك لم يتحقق. كانت الأمهات العاملات غير راضيات أيضاً عن هذه المشكلة.

 

أضرار تغيير النظام التعليمي

يقدم الخبراء التربويون وأساتذة الجامعات دائماً المشكلات التي يواجهها نظام التعليم للسلطات، يقول الأستاذ في جامعة طهران ناصر فكوهي أن "نظام التعليم يعلم الأطفال والشباب/ات "الطاعة" و"الخضوع" و"التعلم"، يبدو أن الأطفال يفعلون نفس الشيء، لكنهم في الواقع لا يستوعبون أياً من هذه الأشياء".

من جانبها تقول عالمة الاجتماع في مجال التربية والتعليم شهلا إعزازي "لقد تغير شكل وهيكل نظام التعليم عدة مرات خلال السنوات الماضية لكن تحديد الأهداف والمحتوى حظيا باهتمام أقل".

وبحسب شهلا إعزازي فإن تنفيذ خطة تنظيم وقت التعليم باسم الإغلاق يوم الخميس بحيث تغلق عشرات الآلاف من المدارس أمام أولياء الأمور والطلاب، ليس له أساس قانوني.

 

منح جميع الطلاب درجة النجاح

بعد سبعة أشهر من العام الدراسي 2020 ـ 2021، وكون الفصول الدراسية افتراضية، يقول المعلمون عن الوضع التعليمي السيئ للأطفال والشباب/ات، أن مستوى التعلم ومحتوى الدروس متوسط ​​إلى منخفض في الحالة الأكثر تفاؤلاً "إن تقديم إحصاءات التسرب المدرسي بناءً على الطلاب الذين لم يسجلوا في المدرسة هذا العام ولم يشاركوا في الفصول الدراسية عبر الإنترنت على الإطلاق، طريقة للحد من الأزمة، إن انخفاض معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة والأمية بين الطلاب الذين أمضوا العام الدراسي بأكمله عبر الإنترنت أكثر خطورة".

يحتج المعلمون الآن على تدهور التعليم، مشيرين إلى أن مدراء المدارس طالبوا المعلمين بمنح الطلاب درجات النجاح للطلاب وعدم رسوب أي منهم في امتحانات نهاية الفصل الدراسي.

هذه خدعة لرفع متوسط ​​درجات المدرسة ثم المنطقة وأخيراً المقاطعة. بهذه الطريقة، يُظهر مديرو المناطق والمحافظات للوزارة أن مستوى جودة التعليم في منطقتهم مرتفع ومرغوب فيه ولا يحتاجون إلى مراقبة.

ومع ذلك، فإن المدراء الوزاريين في المقاطعة يرفضون منح الدرجات للطلاب ويقولون إن مثل هذا الاقتراح لم يتم تقديمه إلى مديري المناطق والمدارس سواء في شكل تعميم أو شفهي.

 

توزيع الوجبات الغذائية للطلاب بعد توقف دام عشر سنوات

على الرغم من توزيع الوجبات الغذائية المجانية على الطلاب بشكل مستمر في مدارس الدولة سابقاً، إلا أنها تلاشت تدريجياً في السنوات القليلة الماضية ثم توقفت. تم توزيع الحليب في المدارس منذ عام 1979، حتى كاد يتوقف خلال السنوات العشر الماضية بسبب عدم تخصيص الميزانية.

بعبارة أخرى، يمكن القول أنه لمدة 10 سنوات، تم نسيان موضوع تغذية الطلاب، وبسبب التغيير في أنماط تناول الطعام والمعيشة للأطفال، وقلة الإفطار والاستهلاك الشائع للوجبات الخفيفة غير الصحية بين الأطفال، أصبح هناك حاجة إلى إحياء تغذية الطلاب أكثر من أي وقت مضى.

 

إحصائيات رهيبة عن التسرب المدرسي

أُجبر ما لا يقل عن 900 ألف طالب على ترك المدرسة. هذه هي الإحصائية التي يقدمها مسؤولو وزارة التربية والتعليم بأكثر الطرق تفاؤلاً حول الأطفال والشباب/ات الذين يجب أن يكونوا صانعي المستقبل للبلد، لكنهم اضطروا إلى ترك المدرسة في العام الدراسي 2021 ـ 2022 ولا يعرف مصيرهم التعليمي. في التقارير التي نشرتها وزارة العمل والرعاية الاجتماعية في الحكومة السابقة والتعليم، يعتبر (الفقر) المتهم الأول بهذه القضية و(فيروس كورونا) هو المتهم الثاني بفشل مئات الآلاف من الطلاب في الدراسة.

يعتقد الخبراء أن التسرب من المدارس يحدث في المناطق المحرومة والريفية، وأن الثقافة والعادات البالية التي تحكم تلك المناطق تؤدي إلى تسرب الفتيات من المدرسة، فمعدل التسرب من المدرسة بين الفتيات حالياً أعلى من معدل الفتيان.

ويعتبر هؤلاء الخبراء أن الفقر، وزواج الفتيات، وتدني ثقافة الأسرة فيما يتعلق بمستوى تعليم بناتهم، والخلافات الأسرية، ووجود مدارس مختلطة وعدم وجود مدارس كافية في المناطق النائية تكون السبب في التخلي عن تعليم الفتيات.

 

نقص عدد المعلمين أبرز تحديات النظام التعليمي

تم نشر إحصائيات مختلفة حول نقص عدد المعلمين، وبحسب عضو هيئة التعليم والبحث التابعة لمجلس الشورى الإسلامي أحمد حسين فلاحي، فإن الإحصائيات التي قدمتها وزارة التربية حول نقص المعلمين تختلف عما نراه في الواقع، لافتاً إلى أن النقص في عدد المعلمين يتراوح بين 230 ألفاً و260 ألفاً.

 

أزمة الموارد المالية

وفقاً للمستشار السابق لوزارة التربية الإيرانية والخبير في قضايا التعليم إبراهيم سحرخيز فإن "الدخل الفردي المعقول لكل طالب في البلاد بعيد عن المعايير الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن نصيب الفرد المادي ليس فقط الفصول الدراسية، فالمكتبة والمختبر والبيئة المناسبة للرياضة مهمة، ولدينا الكثير من الضعف في هذه الأماكن وخاصة الفضاء الرياضي، ونحن متخلفون عن العالم. وأضاف "إن مدارسنا الحكومية ليس لديها ما يكفي من الأموال للفرد وتجهيز المعامل والورش وبناء صالة للألعاب الرياضية الداخلية للأوقات التي يحرم فيها الطلاب من ممارسة الرياضة بسبب تلوث الهواء".

 

الحصة الضئيلة للتعليم في الناتج القومي الإجمالي

وأشار إبراهيم سحرخيز إلى أن "تخصيص الناتج القومي الإجمالي للتعليم أقل من النصف بالمئة، بينما خصصت تركيا المجاورة لنا ما يصل إلى خمسة بالمئة من ناتجها القومي الإجمالي للتعليم"، لافتاً إلى أن "أقل من نصف بالمئة للتعليم تهدف إلى إضعاف تعليم المدارس العامة. هل تعرف أي مدارس عامة لا تفرض رسوماً على الوالدين للتسجيل، يتم دفع 30% من نفقات التعليم في المدارس العامة من قبل الأشخاص تحت اسم المساهمات التطوعية".

وأضاف "لا تدفع الحكومة نصيب الفرد لمديري المدارس، ويضطر المدير إلى استخدام السجلات المياه والكهرباء كذريعة وأخذ المال من الناس. قبل بضع سنوات فقط، ساهم الناس بـ 10 آلاف مليار تومان في التعليم وهذا رقم مرتفع".

 

التربية في عصر العولمة

اليوم يبدأ جميع أولئك الذين يبحثون عن التنمية والإصلاحات في جميع أنحاء العالم تقريباً من التعليم والنهج الناشئة من العصر الجديد للاتصالات والتقنيات في التعليم، بما في ذلك المنظور الأقصى القائم على التعلم الذاتي (ما وراء المعرفة)، أدى إلى حركة تدريجية في إعادة تعريف المفاهيم الأساسية للتربية.

يحصل العلم والتدريس والمعلم والطالب والمناهج والمدرسة على تعريفات جديدة. تسببت العولمة في اختفاء الحدود التقليدية للتعليم والتكنولوجيا في كثير من الحالات وتحتاج إلى إعادة تعريف. على سبيل المثال، عدم وضوح الحدود بين المدرسة والمجتمع المحلي، بين المنزل والمدرسة، بين التعليم والعمل، بين التعليم الرسمي وغير الرسمي، بين المناهج المحددة مسبقاً والخيارات الفردية، بين الطالب والمعلم، بين الوالدين وأطفالهم. بين الإنسان والآلة وحتى بين التخصصات المختلفة، تسبب في خلق تحديات كبيرة في التعليم من أجل التعامل معها والتكيف مع التغييرات التي حدثت، يجب على المخططين والمدربين التربويين اتخاذ خطوات عاجلة وجريئة لتجديد المنظومة التعليمية من جميع الجوانب والأبعاد، ومن الواضح أن إهمال هذه المهمة يعني التخلي عن المسؤولية لصالح العولمة. من خلال الدراسة والوضع الحالي في التعليم في إيران يمكن ملاحظة أنه خلال السنوات الماضية لم يتم بذل جهد لتحديد هذه التحديات والتعامل معها، فهي تدار على طريقتها التقليدية.