النساء تتصدرن قائمة ضحايا تسيس المساعدات الإنسانية في غزة

تستخدم القوات الإسرائيلية سلاح التجويع ضد المدنيين في قطاع غزة، وهو من أقسى الأسلحة التي يمكن استخدامها خلال الحروب خاصة ضد النساء والأطفال.تستخدم القوات الإسرائيلية سلاح التجويع ضد المدنيين في قطاع غزة، وهو من أقسى الأسلحة التي يمكن استخدامها خلال الحروب

رفيف اسليم

غزة ـ حولت القوات الإسرائيلية المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى مصيدة للموت، من خلال تسيس تلك المساعدات وفرض نمط معين لتوزيعها على سكان القطاع تحت مسمى التوزيع الذاتي، متجاهلة دور المؤسسات الأممية كمنظمة الأغذية العالمية والأونروا في عملية التوزيع، وحاجة الفئات المهمشة لها بالمجتمع، كالنساء اللواتي تصدرن قائمة الضحايا، بسبب عدم قدرتهن على الوصول لها.

تقول الباحثة المتخصصة في الصراع العربي الإسرائيلي إلهام شمالي، أنه قبل الحديث عن تسيس المساعدات الإنسانية لابد من تسليط الضوء على وضع المرأة الفلسطينية خلال الهجوم، وتعرضها إثره لإنهاك جسدي ونفسي لا ينتهي منذ ما يقارب 20 شهر، في ظل وصفها بالمخلوق الضعيف على الرغم من أنها لا تزال تمثل 49%، ومواجهتها لويلات النزوح المتكررة وحدها دون معيل.

وعن تسيس المساعدات الإنسانية أوضحت إلهام شمالي، أن تلك الخطوة كانت تسعى السلطات الإسرائيلية لتنفيذها من خلال إعطائها بعد إنساني، لكن الصور التي تأتي من مراكز توزيع المساعدات في كل يوم عن عدد القتلى والجرحى والمفقودين تبين نيتها في استخدام سلاح التجويع ضد المدنيين في القطاع، وهو من أقسى الأسلحة التي يمكن استخدامها خلال الحروب خاصة ضد النساء والأطفال.

 

"المساعدات الإنسانية في غزة اصبحت جريمة حرب واضحة"

وبينت أن افتتاح المزيد من مراكز التوزيع لمؤسسة غزة الإنسانية هي جريمة أخرى تضاف لسجل جرائمها بحق الفلسطينيين، خاصةً أنها تقصد بتلك الخطوات إنهاء عمل الأونروا ومنظمة الأوتشا والعديد من المنظمات الأممية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، والتي كانت تكفل حق الوصول العادل والأمن من المساعدات الإنسانية لسكان المدينة المحاصرة.

وتأتي تلك الخطوة بحسب إلهام شمالي، كـ "خطوة تكميلية بعد السيطرة العسكرية على القطاع للانتقال للسيطرة على المدينة عبر خلق مؤسسات تسد ذلك الفراغ بعيداً عن حكم حركة حماس، لافتةً أن الهدف الآخر من إيجاد تلك المؤسسة هو خلق حالة من الفوضى وزيادة عدد القتلى فمنذ الـ27 من أيار/مايو هناك ما يزيد عن 300 شهيد ذهبوا لتلقي تلك المساعدات ولم يعودوا بينهم 9 من المفقودين وهي جريمة حرب واضحة".

وتأخذ مراكز التوزيع طابع التفاوض وفقاً لها "عندما نشرت المؤسسات الدولية تقارير حول المجاعة في قطاع غزة وسوء التغذية، حاولت السلطات الإسرائيلية عبر المساعدات الإنسانية وعملية "عربات جدعون" استحداث لتلك الفكرة "أي منظمة غزة الإنسانية" لكسب الوقت، وتقسيم قطاع غزة من خلال التحكم في الكثافة السكانية وإجبارهم على التواجد بالقرب من تلك المراكز".

وأوضحت أنه "حسب الخطة العسكرية لعملية عربات جدعون من المفترض أن يكون هناك 4 مراكز لمؤسسة غزة الإنسانية والتي لم يتواجد منها سوى اثنتين فقط واحدة في رفح، حيث يجبر المواطنين على سلك طريق معين في مدينة معدومة الملامح وكل من يحيد عنه يتم إطلاق النار عليه، والأخرى في نتساريم والاثنتان جنوب القطاع، أي أنها لم تخصص أي مراكز لها في شمال القطاع".

وتهدف القوات الإسرائيلية كما أشارت إلهام شمالي، من خلال خطتها إلى "حشر السكان في منطقة معينة من رفح وليس كل رفح، لكن تلك العملية تتطلب تغيير ديموغرافي، فاليوم يوجد في مناطق الشمال أكثر من مليون ومئتان ألف فلسطيني تعمل على حشرهم بالخط الساحلي غربي القطاع بعد سيطرتها على ما يقارب 80% من مساحة غزة".

ونوهت إلى أن ما يحصل عليه شمال القطاع ومدينة غزة من المساعدات الإنسانية هي "عدد قليل من الشاحنات التي يسيطر عليها اللصوص وقطاع الطرق، لذا أولئك المواطنين موضوعون تحت خيارين كلاهما قاسي الأول وهو الموت جوعاً في شمال القطاع أو النزوح الذاتي وهو نزوح قسري مغلف تفرضه القوات الإسرائيلية على مواطني الشمال والمدينة".

 

"الفوضى والجوع سيدا المشهد في غزة"

وعن توجه المواطنين لتلك المراكز بينت أنه لا يزال إقبال المواطنين عليها ضعيف إثر عمليات القتل الممنهجة، لافتة إلى أنه هناك 14 ألف أرملة مطلوب منها مواجهة الرجل في الوصول لتلك المراكز لانتزاع تلك الطرود وسط جميع المخاطر التي سبق الحديث عنها.

ولفتت إلهام شمالي، إلى أن المؤسسات الأممية كان لديها تقارير وبيانات عن عدد السكان وحالاتهم بالتالي عندما كانت ترسل رسائل لاستلام الطرود كان هناك عدالة في وصولها للنساء وللأطفال الأيتام كذلك، بينما اليوم الفوضى والجوع سيدا المشهد، مشيرةً أنها شاهدت بعض النساء كن ضحايا وقتيلات لتوفر قوت أطفالها.

وأكدت الباحثة المتخصصة في الصراع العربي الإسرائيلي إلهام شمالي على أن حمل كيس طحين ما يقارب وزنه 25 كيلو هو تحدي للمرأة الفلسطينية وكذلك الانتظار يوم أو يومان أمام البوابات وانتظارها حتى تفتح، متمنيةً في ختام حديثها انتهاء الحرب لتتمكن المؤسسات النسوية والمجتمع المدني من العمل على تحسين واقع النساء وتمكينهن نفسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، ومن كافة النواحي الأخرى.