المرأة ودورها عبر التاريخ في إحلال السلام

عرفت نساء مجتمعات الشرق الأوسط بدورهن الريادي في إيقاف الحروب والنزاعات، خاصةً عندما كانت تقوم المرأة برمي شالها لإيقاف النزاع.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ عرفت المرأة بحبها للسلام في جغرافية الشرق الأوسط التي لم تهدأ الحروب والصراعات فيها، وامتلكت النساء مكانة عظيمة في إحلال السلام بين الشعوب، ولعل رمي الشال الأبيض أحد هذه التقاليد التي عرفت بها النساء قديماً لإيقاف النزاعات.

تتكون بنية العديد من المجتمعات في الشرق الأوسط على القبلية والعشائرية، والتي تعرف بالتمسك بالعادات والتقاليد ومنها ما رفع من شأن المرأة، كقدرتها على حل الخلافات التي كانت يتم اللجوء فيها إلى الصلح العشائري، فقط برمي شالها الأبيض.

وحول دور المرأة في حل النزاعات العشائرية تقول آسيا حسين "عندما كان النظام العشائري سائداً، كانت المرأة تتمتع بدور كبير في إحلال السلام أثناء الخلافات العشائرية، ففي إحدى المرات عندما حدث خلاف بين قريتي كولمك وتيرمك التابعتان لمدينة كوباني في إقليم شمال وشرق سوريا، بادرت جدتي مع ابن عمها لإنهاء الخلاف في خيمة ضمت شيوخ العشيرة والقبيلة".

ولفتت إلى أنه من بين العادات والثقافة المتداولة رمي المرأة شال أبيض أثناء الخلافات، فبمجرد وقوع الشال على الأرض يجب أن ينتهي الخلاف وكأن شيئاً لم يكن.

وعن دور المرأة في إحلال السلام في الوقت الراهن توضح "لقد عملت النساء على تطوير ثقافة السلام من خلال نضالهن، وحافظن عليها من الاندثار عبر تشكيل لجان صلح ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، والتنظيمات النسوية كذلك".

ونوهت إلى أنهم ساهموا في حل الكثير من الخلافات على الصعيد العائلي والعشائري "إننا ضمن مشروع الأمة الديمقراطية نسير وفق نهج التسامح لإحلال السلام بين الشعوب".

وقارنت آسيا حسين بين الصلح العشائري والصلح من خلال القوانين "الصلح بين طرفين من خلال اللجوء إلى المحاكم يحتاج إلى توكيل محامٍ والعديد من الإجراءات، بينما الصلح العشائري أو صلح الأهالي يحكمه الضمير وليس القانون، وهنا يكمن الفرق".

وأشارت إلى أنه "ضمن مشروع الأمة الديمقراطية يتم اختيار القضاة والمحاميين من قبل الشعب"، مضيفةً "يولي المجتمع اليوم أهمية كبيرة لدور المرأة في حل الخلافات العائلية والمجتمعية وغيرها، ولكن القوى المهيمنة تخشى النساء اللواتي تسعين لإحلال السلام لذا تقوم باستهدافهن".

وعن مكانة المرأة في العشائر العربية ودورها في فض الخلافات قديماً وحديثاً تقول نوران العلي "كان للمرأة دور كبير في فض الخلافات والنزاعات بين القبائل، حيث كان يتم استشارتها والأخذ برأيها إلا أن ذلك بقي خلف الستار".

وأضافت "من عاداتنا القديمة إذا ما اشتد الخلاف بين قبيلتين بمجرد رمي المرأة شالها يتوقف النزاع، احتراماً وتقديراً لمكاناتها في المجتمع".

وأوضحت أنهم لا زالوا يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم، ولكن بما يساهم في تطور المجتمع "نرى اليوم بأن ذلك الستار قد أزيل وتسعى النساء لنشر رسالة السلام عبر مشاركتهن في كافة المجالات".

وأشارت إلى أنه "في ظل الغزو الثقافي والثورة الرقمية التي يشهدها العالم بريادة الدول الرأسمالية من المهم التمسك بعادات مجتمعنا وأن نتخلى عما هو سلبي".

وعن العادات والتقاليد عند الشركس الذين تعود أصولهم إلى بلاد القوقاز، تقول الرئيسة المشتركة للجمعية الشركسية في مقاطعة منبج تالين ضياء الدين "نظراً للظروف التي مرت بها شعوب الشركس في بلاد القوقاز من حروب ومعارك، استطاعت المرأة أن تثبت دورها بجدارة في حماية عائلتها ومنزلها"، لافتةً إلى أن المرأة تميل للسلام لذا دائماً ما تدعو لإنهاء الحروب والنزاعات.

وكما في القبائل والعشائر الكردية والعربية، فالمرأة في القبائل الشركسية كذلك تقوم برمي شالها الذي يرمز لكبريائها وجبروتها، لإنهاء الخلاف، وهو ما يتضح من خلال الثقافة المتوارثة، حيث يتعارك شابان خلال وصلة للرقص الفلكلوري بالسيوف، وتأتي شابة وترمي شالها الأبيض، ليقوم الشابان بفض النزاع بينهما تقديراً واحتراماً لها.