إدارة المرأة في الرقة جدرانٌ ثابتة لكن هدفها تغير
جدرانٌ اتسمت بالصلابة والثبات، كانت يوماً ما معتقلاً لصوت المرأة وحريتها، وتحولت اليوم إلى إدارة تقصدها المرأة لنيل الحرية، هي إدارة المرأة في مدينة الرقة بشمال وشرق سوريا
غفران الحسين
الرقة ـ .
مرت مدينة الرقة كغيرها من المدن السورية بالعديد من التغيرات والتقلبات، فمن النظام البعثي إلى سطوة داعش، واليوم الإدارة الذاتية الديمقراطية، التي تعمل على منح المرأة حقوقها، ومع التغيرات التي طرأت على المدينة بقيت الجدران ثابتة ولكن الهدف من ثباتها تغير.
وحدثتنا خلال لقاء الناطقة باسم دار المرأة في إدارة المرأة في مدينة الرقة بشمال وشرق سوريا بثينة عبدو، مشيرةً إلى مراحل تطور مركز إدارة المرأة الواقع وسط المدينة، منذ كان اتحاد نسائي في ظل النظام البعثي، إلى أن تحول إلى سجن للنساء، واليوم في ظل الإدارة الذاتية هو إدارة خاصة بالمرأة في الرقة.
وافتتحت إدارة المرأة في مدينة الرقة في 18آب/أغسطس 2018. فعندما كان هذا المركز عبارة عن اتحاد نسائي لم يقم بأي عمل يخص المرأة ويساعدها على حل مشكلاتها والتخلص من أزماتها عكس ما هو اليوم.
وعن وضع هذه الدار في زمن سيطرة مرتزقة داعش على المدينة، أوضحت "هذا الدار كان عبارة عن مقر وسجن لتعذيب النساء، العديد من النساء اللواتي تم أسرهن في هذا السجن كن سبايا أو خادمات، حرمن من حقوقهن في العيش بحرية، وتم انتزاعهن من أُسرهن، وهنالك من قتل أزواجهن أمامهن، وأُخريات أُجبرن على الزواج من أكثر من داعشي تحت ذريعة الإسلام، وأُرغمن على ارتداء اللباس الأسود وغابت ملامح الفرح والحياة، لتتحول حياتهن إلى جحيم لا يُطاق".
ومرتزقة داعش التي سيطرت على مدينة الرقة في عام 2014، لم تتوانى عن تعذيب النساء وسجنهن، وكانت تقوم بذلك عن طريق "الحسبة" التي تراقب كل نفس للمرأة، وتعمل على كبته فمنعتها من الخروج من دون الرجل، وعملت على إجبارها على ارتداء الملابس السوداء كالعباءات والدرع والنقاب وما إلى ذلك.
ومن جانبها أكدت بثينة عبدو أنه من خلال الإرادة التي تحملها المرأة وقوة صلابتها وإيمانها بأنها هي الحياة، أفتتح في نفس المركز السابق الذي اتخذه داعش سجناً، والذي كان إبان النظام البعثي مركزاً شكلياً للاتحاد النسائي، إدارة خاصة بالمرأة تحقق من خلالها حريتها، وتخطو خطوات نحو الحرية، وتثبت للعالم أجمع أن المكان هو عبارة عن حجارة صماء، لكن التغيير هو في الشخص الموجود في هذا المكان.
وافتتحت إدارة المرأة في أحياء الرقة 19مجلس خاص بالمرأة في جميع أحياء المدينة، بهدف تخفيف العبء عن كاهل النساء، إضافة للعمل على مشاريع اقتصادية وخدمية وتدريبية.
وأشارت بثينة عبدو إلى أنهن لم يغيرن من هيكلية البناء شيئاً، لكنهن أصلحن الهيكلية الداخلية من خلال إيجاد كوادر عمل محلية، تعمل بكل ما تملك من قوة لإنجاح وتطبيق حرية المرأة بالشكل الأمثل، قائلةً "سعينا لتكون إدارة المرأة أمٌ حاضنة لجميع النساء".
وتبين بأن "التغيير يبدأ من الداخل" عبارة لطالما سمعناها، وفحوى والمعنى الحقيقي وراء هذه العبارة التي تدعو لتصحيح أنفسنا وبهذا نصحح المجتمعات، وهذا ما فعلته بالتحديد المرأة في الرقة من خلال إدارة المرأة.
وعن الخطط المستقبلية لإدارة المرأة كشفت بثينة عبدو أن أبرزها العمل على تنظيم كوادر نسائية هدفها تطوير المجتمعات وتحقيق العدالة والمساواة، وفتح مشاريع مهمة للمرأة تساعدها على الانخراط في كافة مجالات المدنية والعسكرية والسياسية لإيصال صوتها ورأيها للمحافل الدولية.
وأشارت بثينة عبدو إلى الثامن من آذار/مارس اليوم العالمي للمرأة، بأن المرأة يجب أن تدافع عن حقها، لتكون قدوة للنساء اللواتي خرجن في ثورة الثامن من آذار بيد من ورد ويد أخرى من خبز يابس، هادفات لصنع الحرية الحقيقية والمساواة بينهن وبين الرجل، مطالبات بعدم التفرقة.
والمرأة التي كانت في السابق حبيسة الجدران قامت بافتتاح مراكز لها وقادت حركات التحرر النسوية كمؤتمر ستار الذي كان الحاضنة الأم لكافة النساء وفي المناطق المُحررة إدارات المرأة، كما أنها صنعت لنفسها دروع الحماية العسكرية من خلال قوات الحماية الجوهرية ووحدات حماية المرأة.
وعن عملها في دار المرأة قالت "أعمل في لجنة الصلح بدار المرأة، ساعدنا الكثير من النساء اللواتي تعرضن للظلم والاضطهاد على مدى سنوات، واستطعن من خلال الندوات والدروس والزيارات للمنازل تحقيق العديد من المنجزات".
وأكدت الناطقة باسم دار المرأة في إدارة المرأة بثينة عبدو في ختام حديثها أنه يجب على جميع النساء معرفة حقوقهن والعمل للدفاع عنها، لأن ثورة المرأة اليوم هي محط أنظار العالم، "كوني حرة فكرياً، حرة بمنزلك وعملك وتربية أولادك، لضمان مستقبل حر بكوادر حرة".
ونذكر أن إدارة المرأة في الرقة اليوم تتفاعل مع جميع النساء ومن مختلف المكونات والأطياف، وتعمل على حل مشكلاتهن، ومساعدتهن ليكن الطليعيات في المجتمع من كافة الجوانب.