الجزائر... الصفح عن الجناة يوسع رقعة العنف ضد المرأة

بحجة الحفاظ على الاستقرار الأسري، يحصل الجاني على الصفح بينما يزيد ذلك من ضعف موقف الضحية أمام الضغوط الاجتماعية من أجل المُسامحة وقد يُثنيها عن السعي إلى الانتصاف أمام المحكمة.

رابعة خريص

الجزائر ـ أكدت المُحامية والناشطة الحُقوقية عائشة زميت، على أن العنف ضد النساء في الجزائر في ازدياد، ولا رادع فعلي لمرتكبيه، مقترحةً "تفعيل المُساعدة القضائية" بالإضافة لإعادة النظر في بعض المواد في قانون العقوبات.

رُغم تعزيز الجزائر لترسانتها القانونية وتبنيها لإجراءات جديدة لمُكافحة العنف ضد النساء بمختلف أعمارهن، غير أن الواقع يُخفي سجلاً مُظلماً من العنف المُسلط عليهن، وهُو ما يدفعنا اليوم للتساؤل، من المسؤول عن هذا الوضع؟ هل له صلة بالقوانين أم أن الأمر يتعلق بإخفاق المجتمع ككل وهُنا يمكن الإشارة إلى التنشئة الاجتماعية القائمة على التمييز الجنسي في التربية واللامساواة بين الجنسين داخل الأسرة.

قالت المُحامية والناشطة الحُقوقية عائشة زميت أنه "تم إحراز تقدم كبير في مجال الحُقوق المُكتسبة للمرأة الجزائرية وهو ما نلمسهُ في القانون رقم 15 ـ 19 المتضمن تعديل قانون العقوبات الذي جرم العنف ضد النساء بصفة خاصة سواء كان هذا العنف جسدي أو معنوي، لكن المُلاحظ ميدانياً عدم وجود رادع فعلي لمرتكبي هذه الجرائم".

وتنص المادة 266 مكرر من القانون ذاته على عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات إذا كان العجز الناجم عن الضرب والجرح العمدي لا يتجاوز 15 يوماً، وإذا تجاوز هذه المدة فتشدد العقوبة لتصبح الحبس من سنتين إلى 5 سنوات، أما إذا أدى الضرب والجرح إلى عاهة مستديمة، فترتفع العقوبة لتصبح السجن من 10 سنوات إلى 20 سنة، فيما إذا أدى العنف الجسدي إلى الوفاة دون قصد إحداثها، فتكون العقوبة السجن المؤبد.

وحول العنف الأسري والاقتصادي والمقصود منه الاستيلاء على الموارد المالية للمرأة، أوضحت عائشة زميت "سابقاً كانت النساء في بعض المناطق المتفرقة من الجزائر تُحرمُ من الميراث، وما نلمسهُ حالياً لاسيما مع تطور الحياة الاجتماعية هو التسلط على المورد المالي للمرأة لا سيما العاملة سواء من قبل الأب أو الأخ وحتى الزوج"، وهناك شكل آخر من العنف برز في السنوات الأخيرة وهو "الابتزاز الإلكتروني"، فالكثيرات تتعرضن للابتزاز بتشويه سمعتهن.

وهناك أيضاً "العنف الجنسي"، وتصفه بـ "أخطر أشكال العنف الممارس ضد النساء بسبب التستر عن هذه الظاهرة وعدم لجوء الضحايا في كثير من الأحيان إلى إيداع شكاوى قضائية لعدة أسباب تتعلق بالعادات المجتمعية والأعراف وخوف المرأة من انتقام محيطها المتمثل مثلاً في الأخ أو الزوج".

ولمُحاربة هذه الظاهرة، قالت عائشة زميت إنه "يجب إعادة النظر في بعض المواد في قانون العقوبات على غرار المادة التي تنص على أن الصفح عن الضحية يوقف المتابعة القضائية في هذا النوع من الجرائم، لأن المرأة تتعرض لضغوطات كبيرة من محيطها للصفح عن الجاني بحجة الحفاظ على الاستقرار الأسري وفي هذه الحالة تُسحب الشكوى وقد تصل هذه الضغوطات سقف التهديد في حالة إصرارها على استكمال مسار المتابعة القضائية".

وقد انتقدت مُنظمة هيومن رايتس ووتش سابقاً قانون 2015 لأنه يتيحُ للمعتدي التهرب من العقوبة أو الحصول على حكم مُخفف إذا سامحته الضحية، معتبرةً أن ذلك سيزيد من ضعف موقف الضحية أمام الضغوط الاجتماعية من أجل المُسامحة وقد يُثنيها عن السعي إلى الانتصاف أمام المحكمة.

كما اقترحت عائشة زميت "تفعيل المُساعدة القضائية" والمقصود بها "تمكين النساء اللواتي لا تملكن الأموال الكافية لممارسة حقوقهن أمام القضاء دون دفع المصاريف القضائية"، ولا يمكن اليوم حصر مُعالجة ظاهرة العنف ضد المرأة في الحلول القانونية فقط حسب المتحدثة، بل المطلوب التركيز على تربية النشء على تقدير دور بالمرأة ومساهماتها والتوقف عن وضع العوائق في طريقها.