المرأة الريفية تحقق التنمية المستدامة بممارسات صديقة للبيئة

تسعى المرأة الريفية القاطنة في المناطق النائية في الشمال الغربي أو الجنوب التونسي إلى تبني ممارسات صديقة للبيئة ومحققة للتنمية المستدامة من خلال أنشطتها الفلاحية واتباع طرق تقليدية في حياتها اليومية.

إخلاص الحمروني

تونس ـ للمرأة دوراً رئيسياً في إدارة الموارد الطبيعية كالتربة والمياه والغابات والطاقة، نظراً لمعرفتها العميقة البديهية أو المكتسبة بالطبيعة، لذلك تمكنت من سن جملة من الممارسات اليومية تساعدها على تأمين معيشة عائلاتها.

وفقاً لتشخيص البنك الدولي تعد المرأة الريفية القاطنة في المناطق النائية المتواجدة في الشمال الغربي أو الجنوب التونسي مثالاً يحتذى به في الحفاظ على البيئة، حيث تسعى إلى تبني ممارسات يومية صديقة للبيئة محققة التنمية المستدامة كونها تحاول العيش بطريقة بسيطة بعيدة عن كل تعقيدات المدن الكبرى وأساليب العيش المتطورة.

وفي هذا الشأن، قالت الناشطة البيئية والمدربة بمركز التكوين الفلاحي بمحافظة سيدي بوزيد جويدة محمودي، إنها تلقت العديد من الدورات التدريبية في مجال ريادة الأعمال والاقتصاد والري، وتمتلك خبرة وعلم كافي بخصوص التنمية المستدامة والتغيرات المناخية، مضيفةً أن المرأة الريفية تتحمل الكثير من المسؤولية تجاه بيتها ومحيطها شأنها شأن المرأة القاطنة في المناطق الحضرية.

وأوضحت أنه في ظل التغيرات المناخية التي تمس أكثر المناطق الداخلية ذات الطابع الريفي، أصبحت مسؤولية المرأة أكبر وأصعب بحكم آثار هذه التغيرات السلبية والمباشرة من ارتفاع في درجة الحرارة والجفاف المتواصل وغيرها، الأمر الذي جعل المرأة تواجه الكثير من المصاعب والتحديات.

وقالت إن "ظروف عيشها لا تتشابه مع ظروف عيش المرأة الحضرية التي يتوفر لها سبل الحياة السهلة والتي تكاد تكون معدومة بالنسبة للمرأة الريفية على غرار حقها في التعليم وحقها في العمل الذي يمكنها من توفير العيش الكريم لها، وهذا الوضع يشبه حاجزاً كبير يعيق تحقيق أهدافها وأجبرها على التصرف بشكل حسن وخلق أنشطة يومية تمكنها من العمل والعيش في بيئة سليمة".

وأشارت إلى أنه على الرغم من عدم امتلاك المرأة في هذه المناطق المعرفة الكافية بأهمية المحافظة على البيئة أو التنمية المستدامة أو حقوق الأجيال القادمة إلا أنها من خلال ممارساتها اليومية تبني علاقة متينة مع البيئة من خلال التنمية المستدامة على غرار أنشطتها الفلاحية من زراعة الأرض بالخضروات والأشجار التي حققت من خلالها أمنها الغذائي كما تلبي احتياجات الأجيال القادمة، مبينةً أنه من خلال هذه الأنشطة اليومية البسيطة تنجح المرأة في خلق علاقة تجانس وتناغم بينها وبين بيئتها.

وحول هذه الممارسات قالت جويدة محمودي "كما تطرقنا سابقاً إلى نشاط المرأة الريفية الفلاحي البسيط الذي لا يعتمد على أدوية أو مبيدات فهي تزرع الحبوب والخضر والفاكهة بطرق صحية ومتنوعة، وهذا التنوع من شأنه أن يزيد من خصوبة التربة وبالتالي نضمن فلاحة ذات مردود كبير للأجيال القادمة".

وأضافت أن "المرأة تحافظ على البيئة من خلال السير على أقدامها أو امتطاءها بعض الحيوانات دون الاعتماد على الآليات التي تدمر البيئة أي تعمل يوماً كاملاً دون أن تستخدم أياً من وسائل النقل وهذا يضمن لها صحة جيدة من جهة ومن جهة أخرى تحافظ على البيئة من محلفات النفط وثاني أكسيد الكربون، كما أنها تستعمل المخلفات الزراعية الموجودة في الحقل كحطب للطبخ والطهي وبالتالي تنقص من استعمال الغازات والوقود الأحفوري".

وأوضحت أنه بالرغم من بساطة هذه الممارسات اليومية التي تقوم بها المرأة في الريف إلا أنها تلعب دوراً إيجابياً في الحد من تلوث البيئة وأيضاً في الحفاظ على جمالية محيطها فمثلاً عندما يتم تدوير النفايات الحيوانية أو النباتية (رسكلتها) أو في استخدامها للطبخ الصحي والسليم تنجح المرأة في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كما تساهم في نظافة المكان وحمايته من التلوث.

من جهتها أكدت مباركة عاني من أهالي ريف محافظة سيدي بوزيد أن دور المرأة في المحافظة على البيئة هام لأنها تقوم بأنشطة بسيطة لا تضر الأرض ولا المائدة المائية ولا الهواء، مشيرةً إلى أنه "بعد أيام سينطلق موسم جني الزيتون وبمجرد انتهائه نقص أغصان الشجر ونقوم نحن النساء بتجفيفه تحت أشعة الشمس حتى يصبح حطباً نستخدمه في طهي الطعام أو للتدفئة في الشتاء ولا نستعمل أسطوانات الغاز، وبحكم أننا نربي المواشي نستعمل روثها سماداً طبيعياً للمزروعات حتى لا نلحق ضرراً بالتربة ونستعمل جلودها فراشاً ونصنع من الصوف لباس لنا".

وأوضحت مباركة عاني أن نساء المنطقة تعتمدن فقط على المواد الطبيعية سواء في الأكل أو الشرب أو اللباس، وهن حريصات على عدم تلويث البيئة والمحافظة عليها لتأمين بيئة نظيفة للأجيال القادمة.