حفاظاً على البيئة نساء تساهمن في إنعاش رئة بلدهن

في إطار برنامج غرس مليون شجرة، حرصت جمعية "تونس نظيفة" على اختيار الريفيات والأطفال لحملات التشجير في الغابات كونهن تتحلين بالروح الحماسية والمجتهدة رغم صعوبة العمل في هذه الأماكن.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ بعد أن التهمت الحرائق مساحات شاسعة من الغابات بمناطق مختلفة من تونس، تساهم حالياً 113 امرأة ريفية بمنطقة حدادة بسجنان في تنفيذ برنامج لغراسة مليون شجرة تسهر على إنجازه جمعية "تونس نظيفة" ومجموعة "تضامن خضر" حتى نهاية شهر آذار/مارس 2025.

قالت سوار بن محمود منسقة مشاريع في جمعية "تونس نظيفة" ومجموعة "تضامن خضر"، إن الجمعية تحرص بالتنسيق مع إدارة الغابات وتحت إشراف وزارة الزراعة على المساهمة في تشجير جميع المناطق الغابية والجبال التي طالتها الحرائق خلال فصل الصيف وانتظارها عامين أو ثلاثة لتقوم بعملية الإنبات من جديد بطريقة تلقائية وإن لم يحدث ذلك يتم التدخل عن طريق تنظيم حملات تشجير بداية من الخريف لتتواصل إلى الربيع.

وأضافت أن الجمعية تعمل حالياً على تنفيذ حملة تشجير واسعة النطاق بجبال سجنان من مدينة بنزرت تحديداً لزراعة 100 ألف شجرة من أنواع مختلفة (البندق, الزقوقو أو الصنوبر الحلبي, الفرنان, الخروب) بأيادي نسائية وذلك في إطار برنامج زراعة مليون شجرة في الغابات.

وأوضحت أن الجمعية أعلنت خلال العام الماضي عن الانطلاق في عملية تشجير غابات "حدادة" آملة في الوصول إلى 50 امرأة ولكن تقدمت 120 امرأة عبرن عن رغبتهن في المساهمة في التشجير، كما عبرن عن التطوع للعمل لأن الأشجار سوف تعود عليهن بالنفع والفائدة في المقام الأول على خلفية أن الغابات مصدر رزق للأهالي الذي يقطنون بجوارها.

وأوضحت "اتخذنا قرار إعطاء فرصة عمل لهؤلاء النساء للمساهمة جميعاً في غراسة الأشجار بأجر مناسب، مع إضافة مساعدة خلال شهر رمضان وفعلاً انطلقن في العمل وهناك من غادرن لظروف خاصة واستمرت عملية التشجير بمشاركة 113 امرأة وبعد اتمام عملية التشجير احتفلن بطريقتهن على رأس الجبل وجلبن إعجاب الملايين في تونس الذين تداولوا بنسب عالية الفيديو الذي بثته الجمعية على صفحتها".

ولفتت سوار بن محمود إلى أن النساء العاملات تواصلن العمل يومياً بنفس الحماس والتضحية والابتسامة التي لا تفارق وجوههن رغم أن العمل شاق وليس سهلاً إذ تحفرن مكان الشجرة بالفأس وتنزلن الشجيرات من الشاحنة وتقمن بغراستها بإحكام مع ترك حوض لسقيها بالمياه الذي تجلبنه من العين أو من الصهاريج.

وخلصت إلى القول "حرصنا على اختيار النساء تحديداً لحملات التشجير والمواصلة معهن لأن نساء الريف تتحلين بالروح المجتهدة وتقدمن التضحيات يومياً لتعشن ولتعملن كما لاحظنا أن المرأة الريفية تعاني بأتم معنى الكلمة لأنها تريد رؤية أولادها في مكانة أفضل لذلك تحرص على العمل باجتهاد وتفان كبيرين ودون تذمر".

وأوضحت أنهم دائماً ما يقومون بالتنسيق مع الغابات حتى في نوعية الشجر الذي سيقومون بزراعته ولكن هذه المرة تدخلت الريفيات في اختيار بعض الأنواع التي تردن الاستفادة منها على غرار الخروب والفرنان، وتولين مهمة الحفاظ عليها من عمليات الرعي.

وقامت جمعية "تونس نظيفة" بحملات تشجير في مناطق مختلفة من تونس منها مدينة نابل، جندوبة، باجة، بنزرت، زغوان، سليانة، وانطلقت من عيد الشجرة لتستمر إلى نهاية شهر آذار/مارس، ويشارك في هذه الحملات العديد من المتطوعين ويقضون يوماً كاملاً في الجبل وأحياناً يواصلون غرس الأشجار رغم هطول الأمطار ويتم العودة إلى نفس الأماكن بعد مدة معينة للتأكد من عملية الإنبات وفي حال العكس يتم تعويضها بأشجار أخرى.

 

إشراك أطفال المدارس

وبينت سوار بن محمود أن الجمعية تهدف أيضاً إلى حماية المحيط من خلال القيام بحملات تنظيف كل نهاية أسبوع بعد رصد المناطق السوداء بالشواطئ والمصبات العشوائية، مضيفةً أن الجمعية تستهدف أيضاً أطفال المدارس من خلال برنامج "ايكو سكول" حيث يقوم أعضاء الجمعية بتوعية الأطفال والتحدث معهم حول الإشكاليات البيئية وتشريكهم في إيجاد حلول للمشاكل التي تعاني منها مدارسهم وتطبيقها حتى يشعروا بأنهم شركاء في التغيير.

وذكرت أن تلاميذ المدارس هم شريحة مهمة جداً للحفاظ على البيئة والقيام بعمليات التشجير، لذلك حرصت الجمعية على توعية تلاميذ السنة الخامسة باعتبار أنهم أصبحوا قادرين على أن يكونوا سفراء لمن هم أقل منهم سناً، كما أنه مازال لديهم عام آخر في المدرسة لإتمام الرسالة التي بدأوها وإقناع الآخرين بأهمية الحفاظ على البيئة بالتنظيف والفرز والرسكلة وزراعة الأشجار التي تمدهم بالأوكسجين والظل والخشب والثمار.

وعن تجربتها في النشاط الجمعياتي والرسالة التي تتوجه بها للشابات، بينت سوار بن محمود أنها انطلقت مع الجمعية كمتطوعة عام 2018 وتعلمت الكثير حتى أصبحت منسقة مشاريع بعد تخرجها من الجامعة "يجب أن تنخرط الشابات في العمل التطوعي الجمعياتي لأنها تعلم الحس المدني الوطني وتساعد على تكوين شخصية صلبة معطاءة".