صناعة الكمامات... مهنة لنازحات إدلب في مواجهة موجة كورونا جديدة

تعمل في صناعة الكمامات العديد من النازحات في إدلب مستخدمات مهاراتهن في الخياطة بمعايير صحية وأسعار مقبولة ما يساهم في تعزيز أدوارهن وإعالة أسرهن.

سهير الإدلبي

إدلب ـ خوفاً من بوادر انتشار موجة جديدة لوباء كورونا بدأت تضرب مناطق إدلب قامت مجموعة من النازحات بصنع الكمامات المحلية بجهود ذاتية ومواد أولية محلية، وبيعها لمن يطلبها من ساكني المخيمات، والتجار، والمراكز الطبية، والمنظمات الإنسانية.

خدوج العيسى (35) عاماً إحدى النازحات من بلدة بسامس في جبل الزاوية، ومقيمة في مخيمات قاح الحدودية، انتقلت من خياطة الألبسة على آلة الخياطة التي بحوزتها إلى إنتاج الكمامات الطبية وفق الطلبيات، والتي ازدادت مؤخراً لانخفاض أسعار الكمامات التي تنتجها مقارنةً بنظيراتها الأوربية المستوردة.

وتقول خدوج العيسى عن صناعة تلك الكمامات أنها تراعي في صناعتها الشروط الصحية عبر تعقيمها بشكل جيد مستخدمة طبقتين من القماش العازل، وتخيطها معاً وتزودها بمطاط، وبعد الانتهاء من صناعتها التي لا تستغرق الواحدة منها أكثر من خمسة دقائق، تستخدم المكواة في المرحلة الأخيرة بحرارة عالية من أجل تعقيمها بشكل جيد.

وتحصل خدوج العيسى على مقابل مادي وصفته بالجيد لقاء عملها هذا، وهو ما يساعدها في الإنفاق على عائلتها المكونة من خمسة أبناء، وزوج عاطل عن العمل جراء الإصابة بإحدى الغارات الحربية على بلدتهم متسببة له بإعاقة في قدمه اليمنى، مضيفةً "ما إن أحصل على طلبية معينة حتى أعمد إلى استلام عربون من الزبائن وشراء القماش القطني المخصص للعمل لإنتاج الطلبية في الوقت المحدد".

وحين تتوقف الطلبيات لفترة ما تستخدم خدوج العيسى آلة الخياطة إما في تدوير الألبسة المستعملة لجيرانها الفقراء والذين يقصدونها لهذا الغرض، أو لخياطة الفساتين وفق التصاميم المطلوبة من الزبونات اللواتي يرغبن بخياطة الثياب الجديدة.

وعملها في هذه المهنة ساعدها بشكل كبير في مواجهة ظروف الحياة الصعبة وسط المخيم الذي تعيش فيه مع عائلتها، والذي يفتقر للخدمات وحتى البنى التحتية والاحتياجات الأساسية.

وتقول رانيا الرحال (40) عاماً وهي نازحة من بلدة جورين ومقيمة في مخيمات أطمة الحدودية، أن النازحين في المخيمات لم يعد يبالون بخطر فيروس كورونا فلا هم أخذوا اللقاح، ولا يعمدون لاتباع الإجراءات الوقائية في كثير من الأحيان، عدا عن بعض العائلات القليلة الذين اتخذوا الأمر بجدية، ويعملون على وضع الكمامات وتجنب الانخراط في الأماكن المزدحمة.

وتعمل رانيا الرحال في صنع الكمامات وبيعها، ولكن ليس لأهالي المخيم الذين قلما يطلبونها، وإنما لمنظمات المجتمع المدني التي تسعى لشرائها منها بكميات كبيرة، وتوزيعها بشكل مجاني على النازحين في المخيمات ضمن سلال نظافة التي اعتادت منحها للنازحين كل مدة، فيلجأ بعضهم لوضعها والبعض الآخر يركنها في زاوية الخيمة كأي أدوات مهملة مع ضعف العامل التوعوي في المخيمات.

لا تجد رانيا الرحال صعوبة في صناعة الكمامات، وإنما تجدها أسهل من خياطة الألبسة لصغر حجم الكمامة، وإنتاج ما يصل إلى خمسين قطعة في اليوم الواحد، وبيعها لمنظمات المجتمع المدني الذين غالباً ما يطلبون منها كميات كبيرة.

وتعمل في صنع الكمامات عدد لا يستهان به من النساء النازحات في إدلب مستخدمات مهاراتهن في الخياطة بصناعة أجود الأنواع وفق معايير صحية جيدة وأسعار مقبولة ما يساهم في تعزيز أدوارهن المحلية، وجعلهن فاعلات ومنقذات من أكثر الأمراض فتكاً في العصر الحديث.