سارة قنديل... تعمل للوصول إلى منتوج صاف يستجيب لمقومات العسل الطبيعي

لم تعد مهنة تربية النحل وإنتاج العسل بعيدةً عن النساء في المغرب، فهناك العديد منهن اقتحمن المجال، ومن بينهن سارة قنديل التي كبرت وترعرعت في البادية

حنان حارت
المغرب ـ ، وتمكنت من إتمام دراستها ووجدت في النحل والعسل ضالتها. 
 
طقوس المنحل
تفقد صناديق النحل للتحقق من كمية العسل التي تنتجها كل خلية، داخل المنحل (مكان تربية النحل) يفرض على سارة قنديل 28 عاماً، في كل مرة ارتداء ملابس بيضاء فضفاضة تغطي كل جسمها، وانتعال حذاء خاص، ووضع قناع للوجه والرأس يكون مشبكاً حتى يسمح لها بالرؤية، وارتداء قفازات جلدية سميكة، ثم تتسلح بمدخن لحمايتها من لدغات النحل.
داخل ضيعة فلاحية بقرية جوالة بجماعة بومعيز التابعة لإقليم سيدي سليمان بدأت هذه الشابة قصة شغفها مع النحل، تقول عن ذلك "علاقتي مع النحل لم تأت بمحض الصدفة فوالدي مربي نحل وجدي أيضاً، فأنا ترعرعت مع النحل، وبيني وبينه علاقة حب لا تنتهي، منذ الطفولة كنت أراقب والدي حينما يذهب إلى المنحل؛ وكيف يتعامل مع هذه الكائنات، ومن ثمة أصبح لدي فضول كبير لاقتحام هذا المجال".
 
بداية الاحتراف
اضطرت سارة قنديل بعد زواجها، إلى ترك قريتها الصغيرة التي ترعرعت فيها، وبسبب استقرارها في مدينة الدار البيضاء، لم تتمكن من إيجاد عمل يتناسب مع اختصاصها وطموحاتها، فاختارت وهي الحاصلة على دبلوم النباتات الطبية والعطرية، أرض والدها الزراعية مكاناً لمشروعها وأيضاً فرصة لتوسيع مجال عملها، "تربية النحل وإنتاج العسل، أقرب مجال إلي، ولدي خبرة جيدة فيه؛ لهذا قررت المضي في هذ المجال وأتابع جميع مراحله من تربية النحل إلى إنتاج العسل والتسويق".
تتكفل سارة قنديل اليوم بعملية تسويق مختلف أنواع العسل الذي تنتجه، حيث أنشأت صفحة على موقعي فيسبوك والإنستغرام، وأسست علاماتها التجارية، وبدأت في بيع العسل الطبيعي عن بعد، عن هذه التجربة تخبرنا "أصبحت أسافر بين الفينة والأخرى إلى قريتي من أجل جلب العسل الطبيعي من مزرعة والدي، وأحرص أن تراعي منتجات العسل المقاييس العالمية التي تسمح مستقبلاً بتصديره". 
 
تربية النحل
يعيش النحل داخل صناديق مستطيلة الشكل بداخلها مجموعة من الإطارات، والتي يطلق عليها اسم خلايا النحل، وتضم أعداداً كبيرة من النحل، بها عدة آلاف من العاملات، وبضع مئات من الذكور على رأسها توجد ملكة واحدة. وهناك أنواع كثير من النحل، فالنوع المغربي يسمى بـ "أنترميسا"؛ وهو عبارة عن نحل صغير الحجم لونه أسود، وبه شعيرات قصيرة قليلة العدد حاد الطباع، وما يميزه أن له قدرة على إنتاج العسل تحت الظروف الجوية السيئة. 
وفيما يتعلق بمراحل إنتاج العسل، فهي متعددة تختلف باختلاف فصول السنة، وبعد انتهاء فصل الشتاء وانطلاق فصل الربيع يبدأ النحال بتفقد خلايا النحل بدقة، ويتأكد من سلامة الملكة. 
ويعد فصل الصيف هو وقت جني العسل، خلال هذه المرحلة يكون على النحال مراقبة الخلايا والإطارات الموجودة بها، وتغيير المملوءة بأخرى فارغة، ولا بد عند القيام بهذه المهمة أن يستعمل "المدخنة" من أجل إبعاد النحل عن الخلية. 
وترى سارة قنديل أن النساء يستوعبن كما الرجال، أساليب تربية النحل ومختلف الأطوار التي تتطلبها العملية، من أجل الوصول إلى منتوج صاف يستجيب لمقومات العسل الطبيعي، وتضيف "حاولت الاستفادة من التكنولوجيا لتسويق المنتوج، وأصبح لدي زبونات من مختلف المدن، وقد نجحت في الأمر، وأصبحت على دراية كبيرة بكل ما يهم النحل".
 
التحدي والنجاح
وقدمت سارة قنديل نصيحة للنساء اللواتي يرغبن في إقامة مشاريع خاصة بهن لكنهن متخوفات "إن كان لدى المرأة فكرة مشروع أو كانت ترغب في ممارسة أي نشاط، ما عليها إلا البدء وتنفيذ الفكرة. برأيي العمل وممارسة شيء تحبه المرأة، أولاً سيجعلها سعيدة وقادرة على العطاء فيه، حتى لو كان المجال بعيداً عن تخصص الدراسة فلا يهم. المهم هو الإيمان بالفكرة والسعي نحو تحقيقها دون الاهتمام لكلام الناس، واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن "الناس سيتحدثون عنك سواء فشلت أو نجحت، لهذا لا يجب الاكتراث لأي شخص يحاول أن يزرع في نفسك شكوك بعدم النجاح، المهم أن نفعل ما نحب، لأن ذلك لن يجعلنا نمل ولن يشعرنا بالتعب، وحتى إن حدث وأحسسنا بالإنهاك، فإن ذلك سيكون له طعم مختلف؛ ممزوج بالنجاح والفرحة والرضى عن النفس".