صاحبات المشاريع الصغرى: نعاني من غياب الدعم وأزمة في التسويق

قالت صاحبات المشاريع الصغرى في تونس على هامش المعرض الذي أقيم في العاصمة تونس، أنهن تعانين من غياب الدعم

زهور المشرقي

تونس ـ قالت صاحبات المشاريع الصغرى في تونس على هامش المعرض الذي أقيم في العاصمة تونس، أنهن تعانين من غياب الدعم، إضافةً إلى أزمة تسويق في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.

أشرفت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن في تونس، إضافةً للمنظمة الدولية للهجرة، على تنظيم معرض فني تخللته برامج تنشيطية وتوعوية متنوعة، فضلاً عن تركيز قرى إيكولوجية للتعريف بالمنتوجات النسائية والشركات الناشئة وهياكل الدعم والمساندة في هذا المجال.

وخلال المعرض تحدثت لطيفة السعيداني، وهي حرفية شابة عرضت منتوجاتها المصنوعة من الفخار، عن ولعها بهذه المهنة التي أوصلتها نساء منطقتها بسجنان، إلى العالمية بعد أن تم تصنيفها ضمن التراث اللامادي في اليونسكو، مضيفةً أنها اكتسبت المهنة من والدتها حتى باتت مختصة ومشاركة في كل المعارض الدولية.

وأشارت إلى أن الصعوبات التي تعيشها كحرفية شابة متمثلة بغياب توفير الدعم من وزارة المرأة ومؤسسات الدولة، إضافةً لصعوبة الحصول على المواد الأولية لصناعة الفخار "نضطر للصعود إلى الجبل لجلب الطين مع عدم توفر وسائل نقل، الأمر الذي زاد من صعوبة عملنا". لافتةً إلى أن جائحة كورونا فاقمت من تأزم وضع نساء سجنان، تلك المنطقةِ الريفية النائية على حد تعبيرها.

كما تطرقت إلى مشاكل الترويج والتسويق لمنتوجاتهن بحكم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس، زادتها الصعوبات المتراكمة بسبب جائحة كورونا، فضلاً عن غياب الدعم الكامل للحرفيات مقارنة بالسنوات الماضية.

واعتبرت أن نساء سجنان أوصلن الفخار إلى العالمية، لكنهن لم يلمسن أي تطور واضح في وضعهن الاجتماعي، حتى حين يتم استدعائهن للمشاركة في المعارض لا يجدن أماكن مخصصة لهن مجاناً أو أماكن إقامة. كما تؤكد.

 

 

بدورها عبّرت حدّة السعيداني، والتي تلقب بعميدة الحرفيات، عن تخوفها من اندثار فخار سجنان يوماً ما، بسبب غياب الدعم اللازم من الدولة وانتهاج سياسة اللامبالاة من قبل وزارة الأسرة والمرأة تجاههن كريفيات، مشيرةً إلى أنّ الجيل الحالي لا يكترث لصناعة الفخار.

وقالت إن صناعة الفخار تشكل مورد رزق رئيسياً لها ولعائلتها، موضحةً أنها بذلت جهوداً لتكوين العديد من الفتيات من مختلف الشرائح العمرية، "سرعان ما لاحظتُ عزوفاً عن الانخراط في ممارسة هذه المهنة، خاصةً بعد إدراكهن وضع الإمكانات الشحيحة، وطول فترة إنجاز الأواني التي تتراوح فترة إنجاز واحدة منها فقط، بين يومين وأسبوع".  

 

 

صعوبة الترويج

وبرغم هذه الصعوبات بينت حدّة السعيداني بأنها تسعى إلى تشجيع الفئة الشابة للإقبال على صنعة الجدات لإحيائها، مع إدراكها أنه لا يمكن أن توفر لقمة العيش والاحتياجات الضرورية، حيث لا تتجاوز المبيعات في اليوم، أربعين ديناراً أي قرابة 13 دولاراً، وهو مبلغ لا يمكنه أن يفي بإعالة أسرة في يوم واحد.

ويعدّ فخار سجنان من أجود أنواع الفخار ويعرف بـ "فخار نساء سجنان" الذي يتم إعداده بطريقة تقليدية باستعمال نوع من الطين المميز والذي يجلب من أعلى سفح الجبل، وهي الصناعة التي تتطلب "الصبر والثقة".

ودعت حدّة السعيداني الدولة إلى التدخل لإنقاذ هذا التراث عبر مدّ النساء بقروض تحفيزية، وهو ما سيحد من خطر فقدانهن مصدر قوت عائلاتهن. كما شكت محدثتنا من غياب التغطية الاجتماعية والصحية للعاملات في هذا القطاع.

وكان فخار سجنان قد أدرج عام 2018 ضمن التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، في منطقة تضم حوالي 440 حرفية مسجلة بمندوبية الصناعات التقليدية.

من جانبها، قالت مريم الصوفي، وهي فنانة تشكيلية مختصة في فن الرسم التجميعي، وهو من الفنون شبه النادرة بتونس إنها تلقت الدعوة تزامنا مع الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة من المنظمة الدولية للهجرة بتونس لعرض لوحاتها في المعرض، وهي عبارة عن عملية قص من أشياء مختلفة كالمجلاّت القديمة ومواد يتم الاستفادة منها، واستعمالها في الحياة اليومية كالمناديل وغيرها ويتم توظيفها في لوحة فنية.

 وأكدت الفنانة التشكيلية، أنها تعمل على إيصال رسالة سلام وتلاقي بين الحضارات والأديان في لوحات استثنائية متكاملة، مشيرةً إلى أن ما تمارسه يعطيها مساحة البحث والاكتشاف لعوالم مختلفة.

كما تحدثت عن وضع الفنانة التونسية الصعب نتيجة غياب الدعم من الهياكل المختصة، سيما وأن الفن من الأعمال الحرة غير المرتبطة براتب شهري معين، الأمر الذي يخلق صعوبات أمام الفنانة التي تطمح إلى التطوير والإبداع وتقديم الأفضل.

 

 

بدورها، ربطت عواطف الوسلاتي، باعثة العلامة التجارية "روزان" التي تعتبرها قصة عشق مرتبطة بالطبيعة والثروات التي تمتاز بها تونس، وتسعى من موقعها إلى تثمينها في مواد تجميلية طبيعية لخلق فرص عمل للنساء المولعات بهذا المجال، مشروعها الناشئ بولعها بالأعشاب الطبية والورود التي تستفيد منها في التقطير لخلق مواد تجميلية خالية من المكونات الكيميائية، وزيوت للعناية بالبشرة والشعر، مشيرةً إلى أن منتوجاتها طبيعية صالحة للعائلة بأكملها.

وتطرقت إلى المشاكل التي تعيشها كشابة في بداية مشروعها، ومن أبرزها غياب الدعم لإنشاء مخبر يساعدها في مزيد من الابتكار والإنتاج ما سيساهم في تشغيل العديد من النساء.

وناشدت الدولة والجمعيات النسوية التنموية والمنظمات المختصة لتوفير الدعم كوسيلة لاستمرار مشروعها، لافتةً إلى أن تونس تزخر بالعديد من الثروات الطبيعية التي من السهل أن تخلق فرص عمل للنساء، وتساعدهن في محاربة ظاهرة تأنيث الفقر وهشاشة تشغيل المرأة.

وأشارت إلى نقص واضح في الدورات التكوينية لمزيد من التعمق في هذا المجال، والتعرف أكثر على هذه الثروة المنسية. وخلصت إلى القول "متأكدة من نجاحي برغم أن هذه الحرب أخوضها بمفردي وبإمكانيات ضئيلة، ساعية إلى التعريف بمنتوجاتي في تونس وخارجها، مع إصراري على إنتاج مواد لا تلحق ضرراً بالطبيعة والمستهلك".

 

 

وبالنظر إلى أن صاحبات المشاريع الناشئة تعتبرن أن أول مشكلاتهن تكمن في كيفية التسويق، أفادت درة بوشداخ، وهي ممثلة عن مؤسسة GOMYCODE المختصة في التسويق الرقمي، أن المؤسسة قدمت دورة تدريبية للنساء لمساعدتهن في كيفية التسويق لمنتوجاتهن انطلاقاً من هاتفهن الجوال، لافتةً إلى أن كل المشاكل الترويجية تحلّ بفهمهن قواعد وأسس التسويق وتوقيته وهو ما تجهله النساء. وعبّرت عن استعداد مؤسستها لمساعدة النساء في وضع خطط تسويقية تفتح أمامهن آفاقاً أرحب للكسب.