زينب خليف 

دير الزور ـ بدأت نساء مدينة هجين في ريف دير الزور الشرقي بشمال وشرق سوريا بجني محصول السمسم، وسط عدم رضى عن الإنتاج هذا العام. 

يعتبر محصول السمسم من المحاصيل الهامة في ريف دير الزور الشرقي، وعادت زراعته من جديد بعد تحرير المنطقة في ربيع عام 2019، وعودة الأهالي واستقرارهم فيها. 

والدور الكبير في انتشار زراعة السمسم يعود لحوض نهر الفرات وخصوبة التربة وقربها من نهر الفرات وقلة تكاليف الانتاج في السابق لكن اليوم أصبحت الزراعة تشكل عبء كبير على المزارعين وتضيق سبل عيشهم لعدة أسباب أبرزها حجب تركيا لمياه نهر الفرات وقلة الأمطار وقلة اليد العاملة الخبيرة.

تعمل نساء دير الزور بالطريقة البدائية والعشوائية لجني محصول السمسم، التي اعتمدها المزارعون منذ مئات السنين حيث يقمن بجمع بذاره يدوياً، مما جعل هذه الزراعة ثانوية في المنطقة. خاصة أنها غير مدعومة بمادة المازوت من أجل السقاية مما يجعل سقايته مكلفة، كذلك يقتصر تصديره على التسويق الداخلي. 

 

 

تقول آية محمد الإبراهيم أن السمسم موسم هام بالنسبة لها كيد عاملة، "موسم السمسم من المواسم المهمة التي تساعد في تأمين سبل عيشنا، حيث أن عمله يعتمد بشكل أساسي على النساء، ويعد فرصة للتعاون ومساعدة بعضنا"، وأضافت "نحصده بشكل يدوي ونجمعه على شكل حزم، وكل ذلك بحذر لإن أي تأخير في حصاده أو تقديم سيتلف الموسم فتسقط رؤوس الشجرة وتتناثر الحبوب على الأرض".

قليلون من يعرفون أن لمحصول السمسم موسمين في كل عام لإن عمر النبة قصير، كما تقول آية الإبراهيم "للسمسم موسمين الأول تبدأ زراعته في بداية أيار تقريباً ويسمى بالموسم الربيعي، ونبدأ بجني محصوله منذ منتصف أيلول، أما الموسم الثاني فتبدأ زراعته في شهر حزيران أما جني محصوله فيبدأ في كانون الأول ويسمى الموسم الخيري". 

العمل في الأراضي وخاصة بموسم السمسم يكون كله بشكل بدائي كما تقول آية الإبراهيم مما يشكل معاناة بالنسبة لهم بداية من حراثة الأرض وليس انتهاءً برش البذار "عندما نحرث الأرض نواجه صعوبة فنحن لا نملك الآليات الحديثة، نحرث بالمجرفة والفأس والمعول، وننثر البذور ونغطيها بالتربة التي يجب أن تكون ناعمة كي لا تلتقط الطيور البذار".

وعن عدد المرات التي يجب أن تروى بها الأرض المزروعة بالسمسم قالت إنها تعتمد بشكل أساسي على المناخ الجوي، وتتراوح السقاية من ثلاثة إلى أربع مرات في كل موسم.  

وبينت أن "موسم السمسم يحتاج إلى جهد مضاعف لجنيه فعند نضوج المحصول يتم جمعه باليد من الحقل ومن ثم ينقل إلى مكان نظيف وتوزيعه إلى حزم صغيرة وتركها لتجف وبعدها تتم عملية ما يسمى بطب السمسم ومن بعدها غربلته وتنقيته من الشوائب ليصبح جاهزاً للبيع". 

والسمسم محصول مهم يدخل في تركيب الكثير من المعجنات والخبز والزعتر، كما يستخرج منه زيت السمسم الذي هو من الزيوت المهمة للاستخدام، وكذلك يستفيد العاملون من حطبه للمواقد.

تعاني العاملات في السمسم من درجات الحرارة المرتفعة والغبار لذلك يبدأنَّ منذ ساعات الصباح الأولى وحتى قبل أن تشرق الشمس بالعمل، ويستمر العمل تحت أشعة الشمس الحارقة للساعة الثالثة ظهراً تقريباً كما تقول آية الإبراهيم.

 

 

تتفق نهى الصالح مع ما قالته سابقتها في أن العمل بالسمسم متعب للغاية خاصة مع عدم توفر آلات زراعية حديثة "إنه المحصول الأكثر تعباً واعتماداً على المرأة في زراعته وجنيه وجمعه وتوزيعه في حزم صغيرة ثم عملية طبه وغربلته"، مؤكدةً "هناك اعتماد شبه كامل على المرأة في جني هذا المحصول المهم الذي يحتاج لجهد أكثر من غيره من المحاصيل".

عمر السمسم قصير فهو لا يتجاوز الثلاثة أشهر، الأمر الذي قالت نهى الصالح أنه يزيد من التكاليف على المزارعين "يحتاج من 3 إلى 4 مرات سقاية وهو ما تأثر بشكل كبير هذا العام لقلة المياه بسبب قطع تركيا لمياه الفرات إضافة لقلة الأسمدة وضعف الأرض". مضيفةً "السبب الرئيسي يعود لقطع تركيا مياه نهر الفرات مما أجبرنا على اللجوء إلى حفر الآبار لري الأرض".

ومع أن السمسم من المحاصيل قليلة التكلفة وذات المردود العالي مقارنة مع باقي المحاصيل إلا أن بذرة السمسم في حال أصبحت ضعيفة لا يمكن الاستفادة منها للزراعة الموسم القادم "لا يمكننا سد التكاليف التي خسرناها، فقمنا بتضمينها أي بيعها لرعاة الأغنام". 

يحصد السمسم بالمنجل وأحياناً كثيرة بالقلع بالأيدي وفي حال كانت الأرض قاسية تسبب آلاماً للنساء "جفاف الأرض وقلة خصوبتها وقسوتها تُصعب علينا العمل".

وطالبت نهى الصالح الجمعيات الزراعية، دعم هذه الزراعة عن طريق توفير الآلات الزراعية الخاصة، وتوفير بذار وسماد مدعوم لتحسين الزراعة وزيادة نسبة المحصول.  

 

 

تقول مريم الحمد وهي تمسك بنبتات السمسم المحصودة وتجمعها في حزم وتربطها بخيوط أنها تستخدم السمسم في الزعتر وعلى البسكويت الذي تصنعه في المنزل وفي خبز التنور والفطائر، "ننقله إلى المنازل وننتظر حتى يجف تماماً، وبعد غربلة بذور السمسم نجمع النبتات الجافة لاستخدامها شتاءً في التدفئة".

يذكر أن السمسم يزرع بعد حصاد القمح ولا يتطلب تكلفة كبيرة من حيث الأسمدة والمبيدات الحشرية فهو مقاوم للأمراض بشكل كبير ومن الممكن أن يزرع بعلاً، وكان إقليم دير الزور قد تأثر بشكل كبير خلال سنوات الحرب نتيجة المعارك والنزوح الذي عاشته معظم القرى.