محققة حياة تشاركية ضمن منزلها... نازحة ستينية تمتهن الحدادة

أكدت المهجرة من مدينة عفرين المحتلة فاطمة شمو، أنها كسرت قيود العادات والتقاليد من خلال عملها بمهنة الحدادة، محققة حياة تشاركية ضمن منزلها لبناء عائلة ديمقراطية حرة تسودها المساواة بين الجنسين.

روبارين بكر

الشهباء ـ لفتت امرأة ستينية من مدينة عفرين المحتلة ونازحة إلى مدينة الشهباء، الأنظار بامتهانها الحدادة وتألقها في مهنة يدوية شاقة كانت حكراً على الرجال، واضعة لنفسها بصمة مضيئة في وجه كل من يستهدف إرادة المرأة ويسعى للقضاء عليها.

لا تستقيم الحياة الاجتماعية دون بناء تشاركي بين المرأة والرجل، ولا تُبنى الأسرة (النواة الأولى للمجتمع) بغياب أحد الجنسين فكلاهما يكمل الآخر على جميع الأصعدة ابتداءً من المنزل وحتى في العمل للوصول إلى مجتمع متساوٍ.

تعيش فاطمة شمو المهجرة من مدينة عفرين، في مقاطعة الشهباء بإقليم شمال وشرق سوريا، وكانت تلازم زوجها بمهنة الحدادة منذ أكثر من 30 عاماً بعد زواجهما وتقضي معه ساعات طويلة داخل ورشة الحدادة، وحول عملها في هذه المهنة، بينت أن زوجها كان يمتهن الحدادة وهي بعد أن وجدت صعوبة هذا العمل عليه لوحده قررت العمل بجواره مع أن زوجها في البداية منعها لصعوبة هذه المهنة وقال إنها غير قادرة لتحمل تعب الحدادة، ولكن إصرارها جعله يقبل بالعمل سوياً ومن ثم قاموا بفتح محل صغير داخل منزلهم بمدينة عفرين.

وأضافت "على مدار أعوام عديدة عملنا ضمن المنزل وكنا نعلم أبنائنا أيضاً هذه المهنة. كنا نبيع الأدوات التي نصنعها في البازار بعفرين، حتى تم افتتاح فرع الصناعة، ومن ثم قمنا بافتتاح محل ضمن الصناعة من أجل بيع الأدوات فيه".

ولفتت إلى أن "المرأة إن كانت صاحبة إرادة قوية تستطيع أن تثبت نفسها بكل مكان، ولا يوجد أي عمل يكون حكراً على الجنس الآخر فقط، فالمرأة تمتلك قوة كبيرة وبتلك القوة تستطيع أن تحارب العالم بأسره وتقف أمام العادات والتقاليد وتفشل السياسات التي تمارس ضد دورها ومكانتها في الحياة".

وعن معاناة النزوح وتأثيره على عمل النساء، أكدت فاطمة شمو أن "الإنسان عندما يُهجّر من منطقته يواجه معاناة مضاعفة، نتيجة الظروف المعيشية الصعبة فقد تركنا كل ما نملك في عفرين والآن مدينة الشهباء محاصرة لذلك هناك صعوبة في تأمين مستلزمات عملنا، لكننا نقاوم بإرادة قوية أمام كافة الظروف حتى نعود يوماً ما إلى مدينتنا المحتلة".

ولفتت إلى أن "مجتمعنا يمتلك ذهنية تفرق بين دور المرأة والرجل في المجتمع، ولكنني لم أكنّ يوماً أتأثر بهذه الذهنية ما دمت أعرف مكانة المرأة ودورها في المجتمع، فبإرادتنا أنا وزوجي واجهنا كافة المشاكل وتجاوزناها لنقضي على هذه الذهنية التي تهمش المرأة".

وعن صعوبة عمل الحدادة، قالت فاطمة شمو "مهنة الحدادة عمل صعب ليس على المرأة فقط بلا على الرجل أيضاً خاصة بعد أن أصبحنا كبار في السن وبالرغم من مشقته، إلا أننا نعتبره بمثابة رياضة صحية للجسد".

وفي ختام حديثها، وجهت فاطمة شمو رسالتها وصوتها لجميع النساء بكافة أرجاء العالم، بضرورة مواجهة الذهنية المتسلطة التي تسعى للقضاء على دور المرأة ومكانتها في المجتمع.