دينا أبو شعبان تحدثنا عن "مناسبات" وتوجه نصيحتها للرياديات

ربما تعد الوظيفة المستقلة حلم الكثير من الفتيات بعد التخرج خاصة إذا ما وجدت بالفعل، لكن هذا خلاف ما حدث مع الشابة دينا أبو شعبان، والتي قررت ترك الوظيفة والاتجاه لفتح مشروعها الخاص لتكون من أوائل الرياديات في قطاع غزة اللواتي يفتتحن مشاريعهن الخاصة

رفيف اسليم
غزة ـ ، معتمدة على الانترنت والتسويق الإلكتروني لتطلق فكرة متجرها "مناسبات" الخاص بتوصيل الهدايا من غزة إلى دول العالم أو العكس.
 
من أين جاءت الفكرة
تقول دينا أبو شعبان ذات (33) عاماً، أن متجر "مناسبات" كان حلم بالنسبة لها وليس مشروع ومصدر رزق فحسب، لأنها خلال المناسبات المتعددة التي مرت بها سواء تخرج أو أعياد ميلاد كانت العائلة ترسل لها النقود، لكن كان أعظم ما تحتاج إليه في ذلك الوقت باقة ورد أو ربما قلادة تحتفظ بها وترسخ معها الذكريات.
مشيرة أنها كبرت وكبر معها ذلك الحلم بأن تحظى بهدية مغلفة من أهلها بالخارج لتقرر أن يكون مشروعها عندما تتخرج وتكتسب الخبرات والمهارات اللازمة لتنجحه.
وتكمل دينا أبو شعبان أن بعد انهائها للثانوية العامة درست إدارة الأعمال وحصلت على وظيفة وعملت في مجالها لعدة سنوات، لكن عندما طرحت إحدى المؤسسات المحلية أفكار لمشاريع عبر الانترنت سارعت بالتقديم لتكون الأولى من بين عشرة مشاريع أخرى، لافتة أن دراستها الجامعية ساعدتها في تحقيق نجاح ملحوظ وتخطي عقبات كوضع الخطة والتسويق، كما أن وجود أصدقائها وأقاربها في الخارج سهل توصيل تلك الهدايا كونهم كانوا مندوبيها بالبداية.
 
البحث عن التمويل
انطلاق مشروع بتلك الفكرة في عام (2016) لم يكن بالأمر السهل خاصة في قطاع غزة حسبما أوضحت دينا أبو شعبان، لأن تلك المدينة الصغيرة لم تكن قد واكبت ما وصل له العالم من تقدم كما أنه كان من الصعب أن تنال ثقتهم فكيف سيدفعون المال لشخص لا يعرفونه وما ضمان وصول الهدية لخارج حدود غزة، مكملة أنها إضافة للتحدي السابق نفذ التمويل لديها واضطرت لأن تغلق المشروع أو البحث عن بديل مع تقديم خطة عمل ناجحة تقنع الممول باستحقاق مشروعها للمبلغ المقدم.
وتضيف أنها أنشأت مجموعة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وجمعت خلالها المغتربات الفلسطينيات لتطرح موضوعات تهم النساء وتنال إعجابهم كبداية، وبعد عدة شهور أعلنت عن مسابقة وفازت بها فتاة من لبنان لكنها قررت أن تكون الهدية من نصيب صديقتها في قطاع غزة التي لم تراها منذ سنوات، مشيرة إلى أنها أخذت كافة البيانات وأوصلت الهدية للفتاة وقد كان الحدث حديث المجموعة لفترة طويلة. 
لتفاجئ دينا أبو شعبان بعد عدة أيام أن الكثير من مغتربات سوريا ولبنان والأردن ودول الخليج يتواصلن معها ليرسلن هدايا إلى صديقاتهم وعائلاتهم عن طريقها، وقد تلقت تلك الطلبات وسجلت ما يحتاجون إرساله بالفعل، موصلة إياها دون أي أخطاء تذكر مما دفعهن لشكرها ومشاركة تجاربهن على المجموعة، لافتة أن تلك المجموعة كانت هي الخطة التي قدمتها للجامعة كي تحصل على تمويل للمشاريع الناشئة "بذرة" وقد أثنت الجامعة على فكرتها ونجاحها في ذلك الوقت وهي أن تجعل الزبون هو من يسوق لها.
 
الطموح وحده لا يكفي دون العلم
وتكمل لنا دينا أبو شعبان أنها في تلك السنوات لم تكتفي بتطوير مشروعها وإنشاء مقر صغير له وهو عبارة عن غرفة استأجرتها في أحد المؤسسات، بل أكملت دراستها الجامعية وحصلت على الماجستير في إدارة الأعمال لتتفرغ بعد ذلك لإدارة مشروعها بشكل كامل، بعد أن جمعت خبرة سنوات من العمل مع علم كبير وتجارب لأكبر الشركات في العالم كي يكبر متجر "مناسبات" ويتحول إلى شركة خاصة تديرها هي.
وتشير دينا أبو شعبان أن اعتمادها على أصدقائها كمندوبين في الدول العربية وبعض الدول الأجنبية لم يعد لائق خاصة عندما أصبح لديها الكثير من الزبائن والعديد من الطلبات، مضيفة أنها طلبت منهم أن يوجدوا لها مندوبين على استعداد للعمل براتب كما وظفت عدد آخر من الشباب في قطاع غزة ليصبح عددهم كفريق ثابت 25 شخصاً، مشيرةً إلى أن عدد الأشخاص قابل للزيادة حسب ظروف العمل كما أوجدت مكان مناسب لتتخذه مقراً لها.
وتصف دينا أبو شعبان عملها بالصعب جداً، لأنها مضطرة أن تتعامل مع كافة الناس وأن تتفهم كافة احتياجاتهم كما أن عليها أن تتبع سير العمل بالداخل والخارج باعتبارها المسؤول الأول عن أي نجاح أو فشل يواجه المتجر، لافتة إلى أنه من الصعب على أي شخص أن يكون صاحب عمل خاص لأنه لن يتمكن من أخذ قسط من الراحة أو نيل إجازة أو حتى المرض فحينها ستنقلب الأمور وستحتاج لأيام عديدة كي تعيدها إلى نصابها.
 
كل ما تحتاجه في مكان واحد
توضح دينا أبو شعبان أن فكرتها منذ البداية تقوم على توفير أي نوع من الهدايا يطلبه الزبون خاصة التذكارية فالمتجول في مقرها يستطيع أن يجد الكؤوس الزجاجية ذو الأشكال الجميلة والورود والأشغال الخشبية والتطريز ومستلزمات الأفراح للعروسين، إضافة إلى الدمى والصناديق الخشبية والبلاستيك والعديد من التغليفات الرائعة، لافتة إلى أن الزبون من قطاع غزة يستطيع زيارة المكان وأخذ ما يريد ليرسله إلى الخارج أو داخل القطاع أما المغترب فيتواصل معها عبر الفيديو وتقترح عليه عدة هدايا وتغليفات أو تأخذ صورة لما يريد وترسلها للشخص.
وتشعر دينا أبو شعبان بالامتنان لفريقها الرائع من الشابات والشباب الذين ينجزون كافة أنواع المشغولات الخشبية والزجاجية والتطريز والرسم بالوقت المحدد، لأنهم شركاؤها في النجاح الذي حققته حتى اليوم فالجميع يعمل بجد كما لو أنهم أصحاب العمل نفسه، مضيفةً أن السعادة التي تتملكها حين تستطيع إيصال طلبات المغتربين تكاد لا توصف فتشعر أن تلك الهدايا كأنها وصلت لها في مناسباتها السعيدة خاصة بعد أن أصبح حلمها حقيقة.
 
نقل التجربة من أهم مراحل النجاح
اليوم تعمل دينا أبو شعبان كمحاضرة في أحد الجامعات الفلسطينية بتخصص إدارة الأعمال لتنقل ما تعلمته طوال تلك السنوات لطلابها، كما أنها تعطي عدة دورات تدريبية لعدد من الموظفين في الشركات عن آلية التسويق الناجح وخطط العمل، مركزة على صعوبات أي مشروع وهي تكوين فريق العمل، وعدم الالتفات للأشخاص المحبطين والرد عليهم بنجاح العمل والأهم من ذلك المحافظة على القواعد العامة والالتزام التام في البداية.
وتوجه دينا أبو شعبان نصيحة للشابات الرياديات الجدد أن يدرسوا احتياجات السوق جيداً قبل البدء بأي مشروع ولا يتبعن طريقة التقليد العبثي الذي يكون سبب أساسي في فشل غالبية المشاريع، منوهة ألا يستعجلوا في استعادة رأس المال فالمشروع الناجح قد يمضي سنوات على استعادة رأس ماله الخاص فلا يتبادر لأذهانهن أنهن فشلن وأن عليهن أن يغلقن ما بدئن به حديثاً، وأن يتسلحن بالعلم والبحث خلال إعداد الموازنات والنفقات المالية والخطط التسويقية للمشروع والتي يفضل أن تكون مبتكرة لتنال إعجاب الزبون.