بهدف الاكتفاء الذاتي... نازحات إدلب يزرعن الخضار بين الخيام

كنوع من التأقلم مع حياتهن في المخيمات ولإضفاء بعض الجمال ليومياتهن البائسة، عمدت نساء نازحات في مخيمات إدلب لزراعة أنواع مختلفة من الخضراوات بين الخيام الموزعة على أرض جبلية جرداء، لتمنح المنطقة نوعاً من التفاؤل والحياة

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
مع بداية موسم زراعة الخضراوات الشتوية سارعت فاطمة الشيب (35) عاماً، لإحضار البذار والتهيؤ لزراعة الأرض المحيطة بخيمتها الواقعة في دير حسان شمال إدلب.
وعن رغبتها بالزراعة ومزاولتها هوايتها المفضلة تقول "طالما أحببت الزراعة والعمل في الأرض التي كانت تدر علينا مواسم وفيرة قبل أن نضطر للنزوح والرحيل عن أراضينا في ريف إدلب الجنوبي" وتضيف أنها عمدت لزراعة الخضراوات الصيفية المتعددة حول خيمتها لتحقق نوعاً ما الاكتفاء الذاتي وخاصة وسط الغلاء الكبير لأسعار الخضار في الأسواق.
وتؤكد أنها لن تتوقف عن استثمار تلك البقعة الصغيرة بشتى المزروعات سواءً الصيفية أم الشتوية.
باذنجان، بندورة، فليفلة، من أهم الخضراوات التي راحت تزرع بين خيام النازحين، يضاف إليها الخصار الورقية كالنعناع الأخضر والبقدونس، ولم تغب أشجار الزينة والزهور المتعددة الأشكال والألوان عن المشهد الذي راح يلفت أنظار المارين بين تلك الخيام البالية، عدا عن أنواع الخضراوات الشتوية التي ستبدأ بعد مدة قصيرة وبعد انتهاء الموسم الصيفي كزراعة الخس والبصل الأخضر والثوم والسبانخ والسلق وغيره.
الخمسينية فتحية الصديق لم يوقفها النزوح والتهجير عن رغبتها بالزراعة التي راحت هي الأخرى تمارسها حول خيمتها الواقعة في مخيمات كفر لوسين الحدودية وتقول "أنا عجوز وليس لدي من يعينني ولا من يشتري لي حاجياتي من السوق البعيد عن المخيم، ولذا رحت أزرع أنواع الخضار لأتمكن من الاستغناء عن شرائها، ولأحصل عليها وقتما أشاء وبطعم لذيذ وطازج لا يمكن أن تحظى به الخضار التي تباع في الأسواق".
وتشير إلى أنها واجهت بعض الصعوبات أثناء الزراعة كون المنطقة مليئة بالصخور والتربة قاسية، ولكنها قلبتها بفأسها الصغير ونظفتها من الأوساخ والحجارة الصغيرة والكبيرة حتى غدت ملائمة للزراعة.
وتعتمد معظم النساء اللواتي يزرعن الخضراوات بالقرب من مكان سكنهن في المخيمات على الزراعة البعلية التي لا تحتاج الكثير من الماء أو المبيدات الحشرية أو الأسمدة.
فيما تقول عبيدة الحصرم (38) عاماً النازحة من قرية كفرومة ومقيمة مع عائلتها المؤلفة من زوجها وأبنائها الخمسة في مخيمات كللي شمال إدلب، إنها تزرع البامية والقرع واللوبياء والمكانس كونها أصناف لا تحتاج إلى ري في ظل ندرة المياه في المخيم والتي بالكاد يستطيعون تأمينها للشرب والاستخدامات المنزلية.
وتتابع "لقد وفرنا على أنفسنا بزراعة الخضار نصف احتياجاتنا اليومية منها، عدا عن أن شتل الخضار امتدت على طول الخيام محققة لنا ظلاً وجواً معتدلاً وتمنع الغبار وأشعة الشمس الحارقة من اختراق الخيام".
المرشدة النفسية فاتن السويد (40) عاماً، أشادت بنشاط الزراعة بين الخيام التي اعتمدتها النساء في المخيمات ووصفتها بالخطوة المهمة جداً من عدة نواحي أهمها أنها تجعل منهن منتجات وليست مستهلكات، إضافة لتخليصهن من الطاقة السلبية وزيادة الطاقة الإيجابية وتمنح الشعور بالسعادة "خاصة مع منظر النباتات الخضراء الذي يشرح النفس ويسر البال ويعطي الإنسان دافعاً جميلاً للحياة وخاصة بعد كل ما مر ويمر به من ظروف قاسية".
ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة فإن نحو 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مؤكداً أن سنوات النزاع المتواصل أثرت على حياة الفئات الأشد ضعفاً واحتياجاً في البلاد، كما أضرت بحالتهم التغذوية ومن بينهم النساء والأطفال.
وأوضح البرنامج أن الآباء يكافحون أكثر من أي يوم مضى لإطعام أطفالهم بعدما أصبح سعر المواد الغذائية الأساسية الآن أعلى بـ 29 مرة من متوسط أسعارها قبل الأزمة.