أزمة المصرف المركزي في ليبيا تلقي بظلالها على الشعب

أكدت الدكتورة صالحة أشتيوي، أنه على الرغم من أن ليبيا تعيش أسوء أوقاتها في ظل التوترات الأمنية والسياسية والاقتصادية، حدث نزاع على أكبر مؤسسة وهي البنك المركزي الليبي لقطع شرايين الدولة ويتحول الصراع من سياسي إلى اقتصادي.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ تعيش ليبيا بعد اندلاع ثورة 17 فبراير حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، فانقسمت المؤسسات السياسية والأمنية بين البلاد شرقاً وغرباً فيما ظل الجنوب مهمشاً فترة من الزمن، ومع هذه الانقسامات لم يتأثر المواطن الليبي كثيراً بما يدور في هذه الأروقة من صراعات.

نهض الليبيون صباحاً على خبر جعلهم يدورون في حلقة مفرغة، لأن المعلومات المتواترة حوله لم تتسم بالوضوح والشفافية، وهو خبر إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي، وخلقت الإقالة حالة من الفوضى الاقتصادية في البلاد، ارتفع الدولار، وتوقفت الرواتب، وعمقت فجوة الصراع بين الأطراف المتنازعة على السلطة.

وألقى هذا الخبر بظلاله على الشعب الليبي الذي ينتظر الآن معرفة مصير أموالهم التي تتحكم فيها ثلة من المسؤولين.

وتعليقاً على ذلك قالت الدكتورة صالحة أشتيوي المتخصصة في الشأن الدبلوماسي الليبي عن آثار هذا النزاع على الاقتصاد والمال في ليبيا "تعيش البلاد أسوء أوقاتها في ظل التوترات الأمنية والسياسية والاقتصادية، حيث يحدث نزاع على أكبر مؤسسة اقتصادية ومالية في ليبيا، وهي البنك المركزي حيث تم "تسييس" هذه العملية لقطع شرايين الدولة، ليتحول الصراع من سياسي أمني إلى صراع اقتصادي وهو مؤشر خطير على قوت الشعب، ففي البلاد لا يوجد نموذج اقتصادي جيد منذ سنوات، لذلك فهم عندما يقلون أنه لدينا اقتصاد مشوه، لا يدركون أنه ليس لدينا نموذج اقتصادي من الأساس نتبعه أسوة بدول العالم".

وأشارت إلى أن الأمر يأخذ شكل الغرابة في أن يتم اتخاذ قرارات أحادية الجانب، لافتةً إلى إن الأطراف المتنازعة لم تعِ جيداً المنظومة الدولية، والبرتوكولات المالية الدولية وكيفية التعامل، فهي لديها إدارات وبنوك معينة، فهناك طرق صحيحة للتسليم والاستلام، وإذا لم يتم اتباع هذا البرتوكول العالمي ستغلق جميع الأبواب، في وجه الحكومة.

وأوضحت أن النموذج الحالي والصراع على الشرعية وضعت البنك المركزي في عمقها، فالمحافظ ليس له علاقة بالسياسة ولكن متصدري المشهد "سيسوا كل القضايا" بما فيها المجال الاقتصادي، لافتةً إلى أن الدول المتقدمة وبعض الدول النامية، محافظ البنك ليس من جنسية الدولة التي يعمل بها، ويتم إدارة هذه العملية عن طريق مراجعة دولية، وأعضاء بالإدارة الداخلية، حتى لا تتضخم الأمور بالكيفية التي حصلت في البلاد.

وأكدت أنه لا بد من العمل على نموذج اقتصادي لتوزيع إيرادات النفط ولابد من اتفاق الجميع على كيفية توزيع هذه الإيرادات، وأن يتم ذلك بناءً على ميثاق اقتصادي اجتماعي حتى لا يظلم المواطن، مضيفةً إن لم يتم حل مشكلة البنك المركزي قريباً سيصبح المواطن يكدس العملة، ويضعها في أكياس وعندما يذهب إلى صاحب المحل لشراء ما يحتاجه في يومه لن يرضى بأخذ هذا الكم الهائل من الأموال، من أجل شراء قوته اليومي.

وقالت "إذا لم يتم معالجة هذه المشكلة بشكل سريع، فسيحدث لنا مثلما حدث في لبنان، أو فنزويلا، ومعظم الدول التي حدثت بها حروب وصراعات، اضطروا للتعامل بعد ذلك بعملة الدولار فيشتري المواطن بالعملة المحلية التي قد تبلغ آلاف الدنانير، بضع دولارات يستخدمها لشراء قوت يومه، لذلك أنا أرجو ألا نصل لهذه المرحلة".