استراتيجية النجاة للنساء المتضررات اقتصادياً من جائحة كورونا

نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها ليبيا خلال السنوات الأربع الأخيرة، نشطت المشاريع الصغيرة التي تديرها نساء، وغطت هذه المشاريع مختلف الأشغال والأعمال البسيطة التي تستطيع المرأة العمل فيها حتى من داخل البيوت

ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
حولت الحرب التي انزلقت إليها البلاد بعد عام 2011، ليبيا التي تملك أكبر احتياطات نفطية في إفريقيا إلى بلد منهار اقتصادياً يعاني شعبه من الفقر والعوز، حيث وصلت نسبة الفقراء إلى 45 بالمئة بحسب تقارير دولية، وخاصة النساء اللواتي لا يملكنَّ مصدر دخل أو مهنة تعينهنَّ في سنوات الحرب القاسية.
اعتمدت النساء على المشاريع الفردية والصغرى، ولكن نظراً لعشوائية هذه المشاريع وانبثاقها دون خطط مدروسة جعلها عرضة للتوقف فتظهر بين الحين والآخر، عملت منظمات من المجتمع المدني، لدعم صاحبات هذه المشاريع بالتدريبات المتنوعة من أجل المحافظة على مصدر رزقهنَّ.
وقد يتطور الدعم ليصبح مادياً بمبالغ قد تصل قيمتها إلى 50 ألف ديناراً ليبيا، ومن هذه المنظمات منظمة تفرد للتمكين التي أطلقت مشروعاً يمتد لشهرين متتالين؛ لدعم صاحبات المشاريع الصغرى، ولتسليط الضوء على هذا المشروع التقينا بمؤسس ورئيس مجلس إدارة منظمة تفرد للتمكين هند البشاري لتحدثنا عنه. 
 
 
تقول هند البشاري إن هذا المشروع انطلق تحت إشراف منظمة تفرد للتمكين، "هي منظمة حديثة، بدأت فكرتها تتبلور لدي نهاية عام 2019، وانطلقت بشكل رسمي في كانون الثاني/يناير 2020، ولكن هذه الانطلاقة جاءت بالتزامن مع ظهور جائحة كورونا، والحجر الكامل، والجزئي، وبالتالي كان نشاطها محدود"، وأضافت "في عام  2021 اطلقنا مشروعنا الأول بعنوان "التسويق الالكتروني"، ويهتم المشروع بالنساء اللاتي لديهنَّ مشاريع صغيرة جداً، وعانين من فترات الركود التي حدثت بسبب كورونا، ويقوم المشروع بتقديم المساعدة الفنية لهنَّ خاصة أولئك العاملات من بيوتهنَّ، والعمل على مساعدتهنَّ على تخطي العوائق والخسائر التي أصابتهنَّ بسبب كورونا".
وكانت قد بدأت في نيسان/أبريل الفائت حملة التطعيم ضد فيروس كورونا، باستخدام لقاحي "أسترازينيكا، سبوتنيك"، لكن الحالات بازدياد مستمر بحسب تصريحات إعلامية لمسؤولين في المراكز الطبية ببنغازي.
 
مساعدة النساء للخروج من الأزمات 
وتضيف هند البشاري بأن  هذه الصعوبات يتم تخطيها من خلال استراتيجية النجاة من المشاكل التي حدثت بسبب الجائحة، حيث يشتمل البرنامج على ثلاثة محاور رئيسية ويستمر بتغطية كل محور من خلال دورة تدريبية تشمل أسبوعا كامل، "انطلق المحور الأول تحت عنوان "التسويق الرقمي"، والأسبوع الثاني تضمن "تصوير المنتجات والخدمات"، ويقوم بمساعدة الفتيات على تعلم كيفية التصوير من خلال الموبايل، وتسويق منتجاتهنَّ، وكيفية استخدام الميديا بشكل جيد لتسويق المنتجات التي يتم تقديمها، ويشمل الأسبوع الثالث طرح استراتيجيات النجاة من وضع كورونا ويغطي مجموعة من المواضيع منها نموذج العمل للمشاريع وكيفية تحسينها وتحويرها بما يتلاءم مع الوضع الحالي من المشاريع، ومساعدتهنَّ للخروج من الأزمات سواء أكانت هذه الأزمات نتيجة ضعف التسويق، وخسارة الموظفين والمقرات، وقلة ساعات العمل وغيرها، من المشاكل التي عانت منها المشاريع الصغيرة".
 
مشروع موجود في السوق وتضرر بسبب كورونا
تشير هند البشاري إلى أن "المشروع انطلق في 23 أيار/مايو بدعم من المنظمة الدولية للهجرة، والاتحاد الأوروبي، واستهدف تخريج 30 امرأة من صاحبات المشاريع، ومنذ انطلاق عملية التسجيل في المشروع التي بدأت في شهر رمضان بتطبيق تم نشره عبر الفيس بوك والتوتير بصفتهنَّ أكثر انتشاراً في ليبيا وصل العدد لـ 59 سيدة وشابة، اخترنا منهنَّ 30، وتم تقسيمهنَّ على مجموعتين من أجل التدريب"، وتوضح بأن "الاختيار تم بناءً على أن تكون المتقدمة صاحبة مشروع موجود في السوق وتضرر بسبب كورونا".
 
"نسعى لاستدامة أثر المشروع"
عن استدامة أثر المشروع بعد الانتهاء من الدورات تقول هند البشاري "سوف نختار أفضل خمسة مشاريع من المجموعة الأولى وخمسة مشاريع من المجموعة الثانية، وسيكون الاختيار بناءً على جدوى المشروع والتزام المتدربة بحضور البرنامج التدريبي، بالإضافة الى مدى مشاركتها ونشاطها في المحاضرات، أيضاً سنركز على مقومات المشروع وماهي الفرص المتوفرة له للنجاح والاستمرارية في السوق، وخلق فرص للأرباح والمكاسب، وسيتم منح فرص لهنَّ بالحصول على تدريب في مركز أعمال بنغازي لمدة ستة أشهر مجاناً، وربطها بجهات تمويل من أجل الحصول على قروض مصرفية يصل سقفها إلى 50 ألف ديناراً ليبيا، وأتمنى لمن يتم اختيارهنَّ التوفيق في رحلة التدريب والتشبيك مع الجهات الممولة لهنَّ في المستقبل".
 
تصحيح الخطط العشوائية ومعرفة فاعلية التسويق الناجح
 
 
حول الفائدة التي عادت بها الدورات التدريبية للمنخرطات بها تقول منسقة الصحة المدرسية ببنغازي المدينة، واختصاصية تغذية علاجية مبروكة إبراهيم كويري "تعلمت الكثير من هذه الدورات التدريبية، فقد ساعدتني في كيفية التسويق لمشروعي، وكيفية التصوير بطريقة جيدة ونشر صوري على مواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية دارسة البيئة الداخلية والخارجية.
وتضيف "قبل انخراطي في هذه الدورات كنت قد قمت بأنشاء مشروعي وبدأت في خطته، ولكن تراجعت لأنني كنت بحاجة إلى كثير من التأهيل من أجل إطلاق مشروعي بالطريقة الصحيحة، إذ يهتم مشروعي بالتغذية العلاجية، التي تهتم بتغذية أصحاب الأمراض المزمنة، والمناعية، والباحثين عن اللياقة البدنية، وتغذية الأم والطفل، كذلك الباحثين عن الحمية الصحيحة من أجل زيادة أو إنقاص الوزن".
 
 
من جانبها تقول الطالبة بكلية الطب البشري ومدربة في التنمية البشرية آية عبد الحفيظ أن فكرة مشروعها تتمحور حول "إقامة مركز يلم بجميع المواضيع التي تهم المرأة، سواء كانت أمور توعوية، أو أمور التربية المتعلقة بالطفل وبالسلوكيات الاجتماعية وتفادي المشاكل التي ممكن أن تواجهها، وكذلك تعديل سلوك الطفل، ومعاملة الأطفال المصابون باضطراب التوحد، إضافة إلى أمور التنمية بشرية".
وتوضح بأن مشروعها لازال طور الإنشاء "لذلك ليس لدي مقر إلى الآن، ولكن قمت بالاستفادة من فترة كورونا وبدأت بإعطاء دورات عبر الانترنت فكانت أغلب المشاركات أمهات، وأحببنَّ الفكرة، ولكن بما أنه ليس لدي خطة كاملة، أو فريق عمل كامل فكان عملي عشوائياً، ولكن هذه الدورة علمتني كيف أضع خطة للعمل، والسير عليها حتى على المدى البعيد". 
 
 
وشاركتنا الإدارية بمركز سارة للكيك والحلويات آمال إدريس بفكرة مشروعها قائلة "من خلال تجربتي بمركز سارة، بوجود عدد من المتدربات اللاتي يأتينَّ إلينا من المنظمات من أجل التدرب للحصول على عمل فيما بعد تبلورت فكرة مشروعي، وكانت فكرة إنسانية من أجل تقديم المساعدة للأرامل والمطلقات وربات البيوت اللاتي ليس لديهنَّ دخل ويأتين للتدرب"، وتضيف "كنت أقوم بتشجعيهنَّ على أن يكسبنَّ لقمة عيشهنَّ بأنفسهنَّ وألا يطلبنَّ من أحد المساعدة فانطلقت الفكرة في التعاون معهنَّ، في فكرة مشروع من أجل التجهيز للمناسبات، من جميع الجوانب، وحاولت من خلال مشروعي القضاء على البطالة لربات البيوت لذلك ساعدت بعضهنَّ للعمل من داخل بيوتهنَّ، لكن بعد ذلك رأيت أنني بدأت أخسر كثيراً وهذا يؤثر علينا سلباً، فقررت أن أشارك في هذه الدورة من أجل أن أحافظ على الجانب الإنساني في عملي وأعمل على الكسب المادي، وقد استفدت كثيراً مما تم تقديمه في هذه الدورة".