التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني يعدّل خططه لعام 2022

على الرغم من أن التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني يرّكز عمله على الخدمات القانونية والدعم النفسي والاجتماعي للناجيات من العنف

كارولين بزي
بيروت ـ ، إلا أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي شهدتها لبنان في الآونة الأخيرة، دفعت التجمع إلى تعديل استراتيجيته لتتناسب مع الواقع.
 
"خدمات جديدة طرأت على عملنا"
تسلط عضوة الهيئة الإدارية في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني سارة العوطة الضوء على أبرز إنجازات عام 2021 والصعوبات التي واجهت التجمع بالإضافة إلى خططه لعام 2022، وتقول لوكالتنا "يقدم التجمع النسائي الديمقراطي عادةً خدمات دعم نفسي واجتماعي وخدمات قانونية للنساء الناجيات من العنف، ولكن خلال العام الماضي وبسبب الوضع الاقتصادي الصعب، إلى جانب هذه الخدمات كنا نقدم مساعدات مادية كبدل نقل للناجيات اللواتي يتعذر عليهن الوصول إلى مراكزنا بسبب الضائقة المادية التي يمررن بها، كما كنا نؤمن لهن أدوات النظافة التي تضم فوط صحية وغيرها، لأن الفوط الصحية أصبحت من الحاجات التي برزت خلال العام الماضي بسبب ارتفاع أسعارها، ولاسيما بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 وتدهور الوضع الاقتصادي أكثر، وكذلك قمنا بتوسيع مجال الاستشارات ليشمل فئة الشباب أيضاً وليس حصراً النساء والفتيات الناجيات، وذلك من أجل أن يستفيد أكبر عدد من الأشخاص ولاسيما أولئك الذين عانوا من متلازمة ما بعد الصدمة".
وأشارت إلى أنهم في "التجمع يتابعون نوعية الخدمات التي يحتاج إليها المجتمع ولا يقدمها التجمع، فيتم إحالتها إلى جمعيات أخرى متخصصة بهذا الشأن. بالإضافة إلى ذلك، نظمنا دورات تدريبية لفئات شبابية ونسائية في مختلف المناطق، ولاسيما في مناطق الأطراف والبعيدة عن العاصمة بيروت مثل بعلبك وطرابلس وعكار وجب جنين وغيرها".
وأضافت "هذه الحملات التدريبية تنظمها النساء وفقاً لاحتياجات المنطقة، ونقدم لهن في التجمع المساعدات المادية من أجل تنفيذها، وبالفعل استطعنا أن ننجز عدداً من الحملات المجتمعية".
 
"مش قبل الـ18 مستمرة"
وأوضحت "على صعيد المناصرة لا زلنا نعمل على حملة مش قبل الـ18، وسنستمر بالعمل على هذه الحملة للأبد. ولكن واحدة من أكثر العقبات التي واجهتنا خلال العام الماضي في هذا الموضوع تحديداً، هي أن المجلس النيابي أو اللجنة المعنية لا تريد أن تجتمع للبت بقانون حماية الأطفال والطفلات من التزويج المبكر، وبالتالي بذلنا جهوداً حثيثة لحث اللجنة النيابية على الاجتماع، إلا أنها اجتمعت العام الماضي مرتين للبحث بهذا القانون وللأسف لم نصل إلى إقراره بعد. ولذلك عدنا وأطلقنا حملة مش قبل الـ18 تحت عنوان "مش وقتها"، أي "مش وقتها تتزوج، مش وقتها تحمل، مش وقتها تدخل على حياة زوجية".
وأضافت "كما أننا نظمنا حملات توعوية لنذّكر المجتمع بأن هناك العديد من الفتيات اللواتي يتزوجن بسن مبكرة، علماً أن هناك من يكرر على مسامعنا بأن هذه الظاهرة اختفت ولم يعد هناك من يزوج ابنته بسن صغيرة، ولكن للأسف هناك الكثير من حالات الزواج المبكر ولاسيما في المناطق النائية حتى أن هذه الظاهرة ذهبت أكثر إلى نوع من الاتجار بالفتيات، وتزويجهن من قبل عائلاتهن لأنهن أصبحن عبئاً اقتصادياً بنظر أهاليهم، لذلك ركزت جلسات التوعية على هذا الموضوع في مختلف المناطق، وسنستكمل عملنا لحث المجلس النيابي على إقرار قانون حماية الأطفال والطفلات من التزويج المبكر".
 
"هذه الصعوبات التي واجهت أفراد التجمع"
هناك صعوبات واجهت أفراد التجمع ولم تسمح لهم بالوصول إلى عملهم، وهي أزمة البنزين وصعوبة التنقل وارتفاع أسعار المحروقات، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي، وتقول "لدينا خمسة مراكز في لبنان توقف عملها في الفترة التي شهدت انقطاعاً حاداً للتيار الكهربائي وحتى الموظفات لم يستطعن الوصول إلى مراكز العمل بسبب شح المحروقات وحتى المتطوعات طالبن بزيادة بدل النقل نظراً لغلاء البنزين ورفع الدعم".
وتضيف "إحدى الصعوبات التي واجهتنا أيضاً، هي أننا جمعية حقوقية نعمل على المناصرة ولكننا لا نعمل في مجال الإغاثة، لكننا تلقينا طلبات عديدة للحصول على مواد غذائية ومساعدات مادية وأدوية، لذلك ندرس توجهاتنا للعام 2022، وإن كنا سندخل في مجال المساعدات وإلى أي حد. ربما سنتجه إلى تمكين المرأة اقتصادياً ولاسيما في المناطق التي تفتقد للخدمات والسيولة النقدية". 
وأوضحت "نحاول أن نعمل على تمكين النساء والفتيات من خلال تدريبهن أكثر على بعض المهن ولاحقاً نؤمن لهن فرص عمل.. وذلك يعتمد على التمويل الذي سنحصل عليه، ولكننا وضعنا هذا المشروع ضمن الأهداف الاستراتيجية للعام الحالي".
وأكدت "من المعروف أن التجمع يعمل منذ تأسيسه على الحركات السياسية والتغييرية، إذ شاركنا في ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وندعو دائماً النساء إلى المشاركة في صنع القرار، وبما أننا أمام استحقاق انتخابي قادم في أيار/مايو المقبل أي الانتخابات النيابية المقبلة. سنكون على أرض الواقع إن كان من خلال مراقبة العملية الانتخابية من منظور جندري أو عبر دعم مرشحات مؤهلات للانضمام إلى المجلس النيابي، وبالتأكيد سنصدر بياناً نعبّر فيه عن موقفنا من العملية الانتخابية في حال أجريت، ونأمل بأن تكون مرحلة تغييرية حقيقية".
وتلفت إلى أن التجمع سيجدد شراكاته مع منظمات المجتمع المدني وسنبحث عن كل المنظمات العاملة على أرض الواقع ونتعاون معها، وهذا تتم ترجمته عبر تبادل الخبرات والخدمات من أجل مصلحة المجتمع.
 
"المنظمات الدولية والمؤسسات المانحة مصادر تمويلنا"
خطط جديدة تدخل ضمن استراتيجية التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، يمكن أن تكون عبر تقديم مساعدات مادية وتدريبات تحتاج إلى تمويل، وعن مصدر التمويل في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده الدولة اللبنانية، تقول سارة العوطة "نلجأ إلى منظمات الأمم المتحدة للحصول على التمويل، أن كانت الأمم المتحدة للمرأة، اليونيسف وUNFPA وغيرها، كما أننا نذهب إلى المؤسسات المانحة مثل Plan International، بالإضافة إلى بعض السفارات الأوروبية التي نقدم مشاريعنا لها، مثل الجهات المانحة المعروفة بعملها الإنساني كالسفارة السويدية أو السفارة الألمانية التي لا تمنح تمويلاً بشكل اعتباطي بل على أساس مشروع متكامل. كما أن منظمة الأمم المتحدة للمرأة نظمت أكثر من اجتماع دعتنا إليه للاطلاع على حاجياتنا في قطاع حقوق النساء والفتيات وعلى أساسه يتم التنسيق معهم وكنا سنحصل على تمويل أكبر ولاسيما فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات".
وتطرقت سارة العوطة إلى التعديل الذي طرأ على خطط التجمع الاستراتيجية، وتقول "منذ سنتين وضعنا خطة استراتيجية، ولكن عندما أعدنا قراءتها في أيلول/سبتمبر الماضي، وجدنا أنها لم تعد مناسبة أبداً، لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي تغير كثيراً في العامين الماضيين، لذلك نعيد كتابتها من جديد، فمن الأشياء التي ظهرت إلى العلن مثلاً موضوع فقر الدورة الشهرية، غياب الدعم القانوني للنساء، إذ أن هناك العديد من النساء اللواتي يحتجن إلى استشارة قانونية ولكن التمويل لهذه المواضيع ضئيل أو غائب وهذا الأمر نرّكز عليه في استراتيجيتنا. من ناحية التمكين الاقتصادي، نقوم بتقييم الاحتياجات في المناطق لكي نرى ما هو المجال الذي يجب أن نعمل عليه، ربما لم تعد المهن التقليدية ذات جدوى والتوجه إلى المشاريع الرقمية هو الحاجة، لذلك ندرس المناطق واحتياجاتها لنصوّب أهدافنا".
وأكدت سارة العوطة أن "الاستراتيجية الحالية منبثقة من حاجات المجتمع ومتطلباته ولكن بالتأكيد من دون تغيير رؤيتنا، إذ كل ما نعمل عليه هو للوصول في النهاية إلى المساواة بين الجميع ومناهضة العنف ضد النساء والفتيات".