السختورة... أكلة شعبية محببة في إدلب وفرصة عمل لنازحات ومعيلات

اشتهرت إدلب بالسختورة الأكلة الشعبية الدسمة والمحببة لدى شريحة واسعة من الناس، ولأنها طبق صعب التحضير وأمام عدم معرفة الكثيرين من عشاق هذا الطبق كيفية تحضيرها

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، تولت المهمة عدد من النازحات متخذات من إعدادها فرصة عمل تدر عليهن دخل جيد وإن لم يكن متواصلاً.
بينما همت لتسخين المياه حتى وصلت درجة الغليان استعداداً للبدء بعملية التنظيف، تقول خالدية الحمود (41) عاماً، أنها استفادت من حبها لأكلة السختورة ومهارتها في تنظيفها لتتخذها فرصة عمل تواجه بها ظروف حياتها الصعبة في مخيم مشهد روحين حيث تقيم بعد نزوحها من مدينة معرة النعمان منذ أكثر من عامين ونصف.
وأشارت إلى أن الكثير العائلات والمطاعم تحضر لها السختورة لتنظيفها وتصبح جاهزة للإعداد مقابل أجر مادي يعادل ٥٠ ليرة تركية للسختورة الواحدة. 
وعن طريقة تنظيفها تتابع "بعد غلي الماء أضع أجزاء السختورة فيه قطعة تلو الأخرى، وأخرجها بسرعة وأبدأ بإزالة الشعر والصوف منها، لتبدأ المرحلة التالية وهي تعريضها للنار مباشرةً لمدة بسيطة ريثما يتم حرق ما تبقى من أوبار وصوف وشعر لم تفلح المياه الساخنة في إزالتها".
ولم تنتهي عملية التنظيف عند هذا الحد وإنما تعمد خالدية الحمود لمرحلة غسل السختورة بالماء البارد مع حفها بالسكين بشكل جيد وإعادة غسلها بالمياه لأكثر من خمس أو ست مرات إلى أن تتأكد من تنظيفها بالشكل الأمثل وجهوزيتها للطهي.
العديد من النساء المعيلات والنازحات يعملن في المهنة التي أصبحت رائجة بشكل كبير في المخيمات لكثرة محبي السختورة كما يطلق في حماه وإدلب، والقشة في حلب، والمقادم والروس في دمشق، وتتألف من "رأس الخراف أو العجل وأحشائها وأطرافها"، وشغفهم لتناولها في كل الأوقات.
مريم الشيخ (٣٠) عاماً، تستلم في اليوم الواحد أكثر من ٣ سختورات فيما لا يكون هناك عمل في أيام أخرى، تقول "تنظيف السختورة ليس بالأمر السهل ولكنه عمل مربح وما أجنيه في يوم واحد أحياناً أنفقه على بقية أيام الأسبوع".
مريم الشيخ المعيلة الوحيدة لأبنائها الثلاثة بعد اعتقال زوجها منذ أكثر من خمسة أعوام، اتخذت هذا العمل مهنة لها لتعتمد على نفسها وتؤمن قوت أطفالها، فهي فرصة العمل الوحيدة التي أتيحت لها وخاصةً أنها لا تملك أي مهنة أخرى أو شهادات تأهلها للتوظيف.
من جهتها تجد سلوى المعلم (٣٢) عاماً، في أكلة السختورة "لذة لا تضاهيها لذة" وهي تحب طبخها بشكل مستمر، غير أن عدم معرفتها بطريقة تنظيفها التي تحتاج الكثير من المهارة والصبر كان يحول دون قدرتها على إعدادها طيلة العام، فأتاح لها وجود من يعمل في تنظيفها مؤخراً فرصة لتحضيرها باستمرار دون عوائق.
وعن طريقة إعدادها تقول إنها تفضلها محشية بالأرز واللحم والبهارات وصنع فتة الكوارع والرأس التي تتألف من لحم السختورة المطهو مع اللبن والطحينة والثوم والخبز المقمر، مشيرةً إلى أن السختورة من الأكلات المحببة لدى عائلتها وهي وجبة حاضرة في العزائم والأعياد والأعراس وطيلة فصل الشتاء.
وعن فوائد السختورة الغذائية تتحدث خبيرة التغذية مرام الأحمد (٣٤ ) عاماً، أن السختورة تمد الجسم بالطاقة والدفء في ظل برودة الطقس، وغنية بالمغذيات الكثيفة سهلة الهضم، وتساعد الجسم على الشفاء من بعض الأمراض نظراً لاحتوائها على الكولاجين والبرولين وجليكاين والجلومافين، وتقلل السختورة من التهاب الجلد وتقوي العظام والجهاز المناعي، إلا مرضى القلب والشرايين من تناولها بكثرة لاحتوائها على نسبة كبيرة من الدهون.
وفي ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة في مخيمات إدلب تسعى النازحات لخلق فرص عمل من لا شيء، متحديات كل ما يمرين به من فقر وغلاء وفقدان المعيل.