الأزمة الاقتصادية تدفع النساء الجزائريات لإعالة أسرهن

أصبحت المرأة الجزائرية شريكاً لا يستهان به في إعالة الأسرة خاصة في السنوات الأخيرة التي تستلزمُ نفقات وأعباء متراكمة لم تعد تقوى على تحملها الكثير من العائلات بسبب الغلاء وتدني القدرة الشرائية

رابعة خريص

الجزائر ـ أصبحت المرأة الجزائرية شريكاً لا يستهان به في إعالة الأسرة خاصة في السنوات الأخيرة التي تستلزمُ نفقات وأعباء متراكمة لم تعد تقوى على تحملها الكثير من العائلات بسبب الغلاء وتدني القدرة الشرائية، مما استدعى دخول المرأة إلى ميدان العمل حتى ولو كان ذلك من المنزل كممارسة بعض الحرف التي تحولت بمرور الوقت إلى وسيلة لتلبية الحاجيات الضرورية.

طرأت تغييرات كثيرة على أحوال الجزائريات تأثراً بالأحوال الاقتصادية، وأصبحت النساء من مختلف الأعمار تتصدرن المشهد لأنهن حملن على عاتقهن مسؤوليات أسر بأكملها.

 

تحمل المسؤولية

زينب لكحل في العقد الثالث من عمرها، أم لطفلين، واحدة من النساء اللواتي تحملن عبء الحياة وصعوباتها وساهمن ولو بجزء بسيط في إعالة أسرهن، من خلال العمل على صنع حاملات المفاتيح والكؤوس وتحف فنية مختلفة من عجينة السيراميك، منذ سنوات.

وبالنسبة لزينب لكحل فإن العمل الذي تمارسه لا يمثل مصدر دخل فقط بالنسبة لها، ففيه تجد راحتها وتفرغ طاقتها السلبية، وتطمح أن تدخل كل بيت بتحفها الخاصة التي تصنعها يدوياً، وتقول "اعتبر أن عمل المرأة سواء خارج المنزل أو من داخله، دليل على قدرة المرأة في تحمل مشقة الحياة لإعالة عائلتها".

وعن بدايتها في هذا المجال توضح "منذ الصغر أهوى الرسم، لكن لم أطور من موهبتي لأنني امتهنت التعليم بعد التخرج لمدة خمس سنوات كاملة، غير أنني توقفت، كان بداخلي صوت يناديني لأمارس ما أهواه، كلما كنت اتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أعجب بالمشغولات اليدوية".

وتضيف "بدأت بصنع المشغولات اليدوية كهواية، وبحكم صعوبتها لم أنجح في صناعة أي شكل لعدة مرات، كنت أصنع عجينة السيراميك بنفسي ثم أصنع الشكل الذي أريده، بدايتي كانت بحامل المفاتيح مكتوب عليه الاسم بالخط العربي، لقد لاقى عملي استحساناً كبيراً ما دفعني لمواصلة ما أصنعه بحب وأرسم السعادة على وجه من يقتنيه وأنا سعيدة بما أجنيه كدخل من هذه المهنة".

 

"أعلت أسرتي بعد توقف زوجي عن العمل"            

نبيلة بوفكان في العقد الرابع من عمرها تقول إنها "ربة منزل، ومنذ المشكلة التي حدثت مع زوجي خلال سنوات التسعينيات بعد الإعلان عن خصصة المؤسسات العمومية بسبب الأزمة التي كانت تمر بها البلاد آنذاك وتسريحه من العمل، لم أجد أمامي سوى العمل في الخدمة المنزلية لإعالة أسرتي".

وتعتبر نبيلة بوفكان واحدة من النساء الجزائريات اللواتي جمعن بين النشاط الجمعوي والبدء بمشاريع خاصة لتتمكن من إعالة أسرتها وسد حاجيات أطفالها في الوقت الذي توقف فيه زوجها عن العمل، "بدأت بمشروعي الخاص في صناعة الحلويات التقليدية عام 2000، واطمح لفتح محل خاص بي اعرض فيه كل ما يخص الحلويات التقليدية بعد أن نجحت في المشاركة في العديد من المعارض التي تقام في الجزائر".

ولا تعتبر نبيلة وزينب الوحيدتان اللتان ساهمتا في إعالة أسرتهما وغيرتا نمط عيشهما نحو الأفضل، فإيمان هلال وهي في العقد الرابع من عمرها لم تمارس أي مهنة خارج أسوار منزلها لعدم تقبل زوجها فكرة عملها خارج المنزل، استطاعت الخروج والعمل في محال صنع المعجنات التقليدية التي تشتهر بها الجزائر على غرار "المطلوع" و"الديول" بالإضافة إلى تحضير "المسمن" أو "المعارك" أو "البغرير"، بعد أن توقف زوجها عن العمل، لتضطر هي لإعالة أسرتها.

ونجحت إيمان هلال في استقطاب الزبائن، فلم تتوقف حركة المبيعات وازدادت أرباحها، تقول إنها تمكنت من إنجاز مشروع صغير مربح لا يحتاج إلى أموال كثيرة إلى جانب النشاط والمرونة.

 

امرأة بقبعتين

من جانبها تروي الأستاذة جامعية جميلة دفايرة، تجربتها في إعالة أسرتها "شاءت الظروف أن يصاب زوجي بوعكة صحية ويجري عملية جراحية في العمود الفقري ومن ثم التوقف عن العمل، فوجدت نفسي أنا المسؤولة عن كل شاردة وواردة في البيت".

وتضيف "كنتُ أعمل خارج البيت حتى يتسنى لي سد حاجياته وكل مستلزمات الحياة، إضافة لتوفير مبلغ أجرة المنزل فالراتب كنت أقسمهُ على ثلاثة أجزاء، يخص القسط الأول لتغطية مصاريف الإيجار، والثاني لتغطية مصاريف البيت، والثالث لتحصيل مبلغ السكن المراد اقتناءه، ناهيك عن المصاريف الطبية".

وتصف وضعها بالقول "كنت امرأة بقبعتين، فعند دخولي إلى البيت انزع قبعة الأستاذة الجامعية وأضع قُبعة ربة المنزل"، لافتةً إلى أن التجربة التي مرت بها أرادت أن تتقاسمها مع النساء اللواتي يساهمن بشكل وآخر في إعالة أسرهن اجتماعياً واقتصادياً، فأصبحت تعمل كمرشدة أسرية في إحدى الجمعيات وتساعد النساء قدر المستطاع".

وأوضحت أن "المرأة تعتبر عنصراً أساسياَ وفعالاً في المجتمع الجزائري حيث تقوم بتربية الأبناء ليكونوا منتجين ومساهمين في بناء المجتمعات".