الاكتفاء الذاتي... فلاحات دير الزور يسعين لتحقيقه في الموسم الشتوي

تشكل الزراعة مصدراً رئيسياً لدخل العائلات الريفية في إقليم دير الزور بشمال وشرق سوريا، ويقع على عاتق النساء الجزء الأكبر من العمل، ويأملن بمزيد من الدعم ليزدهر عملهن

زينب خليف  
دير الزور ـ .  
أراضي دير الزور زراعية إلا أن العديد من النباتات والخضراوات لم تعرف طريقها إلى تلك الأراضي بسبب طبيعة الطقس الحار صيفاً والجاف شتاءً، إلا أن نساء ريف دير الزور اللواتي اعتدن على زراعة مختلف الخضراوات أدخلن هذا العام إلى أراضيهن زراعة جديدة وهي القرنبيط "الزهرة"، والملفوف. 
 
القرنبيط والملفوف زراعة حديثة وناجحة 
تبدأ زراعة الملفوف والقرنبيط في المشتل في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس، وتبقى لمدة شهر تقريباً حتى تصبح شتلة، ثم يتم غرسها في الأرض مع ترك مسافة متر أو نصف متر تقريباً بين الشتلات؛ لكي تأخذ مكاناً مناسباً بعد أن ينضج المحصول، وتعتبر أراضي ريف دير الزور الشرقي مناسبة لزراعتها، فتربتها الرملية والصفراء تعطي موسما جيداً.   
يعتبر نجاح زراعة الملفوف والقرنبيط لدى مزارعات دير الزور خطوة جيدة نحو ازدهار المنطقة وتطورها زراعياً، ودعم اقتصاد المرأة الفلاحة التي تشكل النسبة الأكبر من النساء، حيث يشكل ذلك تحدياً بحد ذاته للظروف المعيشية التي تمر بها مناطق شمال وشرق سوريا من حصار وقطع لمياه نهر الفرات. 
 
 
تقول المزارعة حسنة الحشاش "نعتمد على الزراعة بشكل أساسي فأنا أعمل منذ أكثر من 40 عاماً، وكانت تقتصر زراعتنا على القمح والشعير والقطن كمورد أساسي وحالياً أدخلنا زراعة جديدة وتعد المرة الأولى التي نقوم بزراعتها في الريف الشرقي لدير الزور ألا وهي زراعة الملفوف والزهرة".  
وتبين أن ما شجعهم على بدء هذه التجربة هو طبيعة الأراضي الزراعية "نظراً لقرب الأراضي الزراعية من نهر الفرات وخصوبة التربة بدأنا بهذه الزراعة دون تجربة سابقة، وكانت تجربتنا ناجحة حيث بدأنا بتوريدها، ونحن اليوم قادرين على زراعة أي نوع من الخضراوات أو المزروعات"، مضيفةً "أهتم بالمزروعات كثيراً وآمل أن تكون الأفضل فاعتمادنا الأول وتأمين القوت اليومي لعوائلنا يعتمد على الزراعة". 
وعن أهمية المغامرة أحياناً تقول إن النتائج كانت مرضية ومشجعة "سابقاً كنا نستورد بعض أنواع الخضار التي لا نزرعها من المحافظات الأخرى أو من المناطق المجاورة، وبذلك تضاف إلينا أعباء اقتصادية أخرى، ولكن في هذا العام استطعنا توفير الكثير".
عن الأعباء الملقاة على كاهل المزارعات وسط الظروف الاقتصادية والسياسية التي تعيشها المنطقة قالت "تعتمد زراعة الملفوف والقرنبيط على الأسمدة والمياه بشكل أساسي ونحن نسعى إلى توسيع مزارعنا أكثر. نعتمد على أمطار الشتاء لكنها قليلة". مبينةً أن الصعوبات التي تواجهها الزراعة الشتوية تتمثل في المجهود البدني وقلة الإمكانيات. 
تغلب روح المشاركة على المرأة فتقوم نساء القرى بتقديم الخضراوات إلى الجيران الذين لم يزرعوها "نقوم بتوزيع بعض القرنبيط والملفوف على الجيران والأقارب والقسم الآخر نقوم بتوريده إلى الأسواق". 
زراعة الملفوف تحتاج الى عنايه لأنها نبته حساسة جداً عن باقي النباتات كما تؤكد حسنة الحشاش "نغرس النبتة بمسافة تتراوح ما بين نصف متر بين النبتة والثانية؛ لكي تتوسع حسب الشكل المطلوب ولتنمو بشكل جيد ومريح، كما يستمر موسم زراعة القرنبيط والملفوف لثلاث شهور وتحتاج للمياه كل أسبوعين تقريباً".
وتضيف "نغطي ثمرة القرنبيط بأوراقها لكي تبقى بيضاء لامعة وحتى لا يتغير لونها للأصفر، وأما الملفوف فيتغير لونه إلى اللون البنفسجي وهذا نتيجة لنقص الفيتامينات ونتدارك ذلك من خلال شراء الفيتامينات من الصيدليات الزراعية". 
وفي ختام حديثها طالبت حسنة الحشاش بتقديم دعم أكثر للأراضي الزراعية وتقديم البيوت البلاستيكية لضمان نجاح المواسم المقبلة.
 
ضرورة تقديم الدعم 
إن القطاع الزراعي من القطاعات المهمة في الاقتصاد الإنساني حيث تلعب الزراعة دوراً هاماً في المنظومة الاقتصادية لمكافحة الفقر والبطالة بالإضافة لكونها مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل للمجتمعات الريفية وترتبط ارتباطاً وثيقا بكل قطاعات الاقتصاد الأخرى. 
وانطلاقاً من ذلك عمدت لجنة الزراعة في الريف الشرقي لدير الزور إلى دعم التنوع في المحاصيل الزراعية وخاصة إنتاج الخضار، فدعمت مشروع تنويع المحاصيل الزراعية في مدينة هجين حيث بدأ الفلاحون/ت بزراعة محصولي الملفوف والقرنبيط والفجل والخس انطلاقاً من مبدأ الاعتماد على الذات في مجال انتاج الغذاء، وتنمية الموارد الزراعية وتحسين الأمن الغذائي للمنطقة. 
 
 
ندى النمر من قسم المحروقات في مديرية الزراعة في هجين قالت عن أهمية دعم الفلاحات "بما أن مناطقنا مناطق زراعية وأغلب النساء يعتمدن في معيشتهن على الزراعة نحاول أن نساعد الفلاحة لكي تتوسع في مشاريع زراعية أكثر؛ لزيادة انتاجها لتفيد نفسها ومنزلها ومنطقتها". 
وأشارت إلى مشروع الملفوف والقرنبيط "مساحة المشروع الذي دعمناه 200 دونم وقدمنا له أسمدة عضوية وحراثة الأرض والشتل والأدوية والمعدات وكل ما يلزم".
وتابعت ندى النمر حديثها بالقول إن "المشروع كان ناجح ويوجد لدينا مشاريع جديدة، وهناك دراسات أكثر لمشاريع تدعم الفلاحات وفي نفس الوقت لكي نتوسع بهذا العمل"، مبينةً "واجهنا صعوبات، حيث بدأنا الزراعة بوقت متأخر كما أن الموسم تعرض لبعض الآفات التي تصيب الجذع والتي أدت إلى ضمور الشتلة، إضافةً إلى أن التسويق واجه صعوبات لكننا تخطينا كل الصعوبات حالياً وكان المشروع جيد جداً".  
واختتمت ندى النمر بالحديث عن المشاريع التي يتم العمل عليها "يوجد لدينا مشروع البيوت البلاستيكية للخضار الصيفية، وأيضاً مشروع زراعة البطاطا ومشروع مشتل، وحالياً نقوم بدراسة للبدء بهذه المشاريع لدعم الفلاحات، لنرتقي في الزراعة بمنطقتنا ولنساعد المرأة أكثر".