رواية نساء هرمزغان عن ختان الإناث... إعادة إنتاج الذات الذكورية على أجساد النساء

تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يمثل عنفاً ضد المرأة، يخلّف أذىً جسدياً ونفسياً، ويستند إلى عوامل ثقافية واجتماعية. يهدف هذا المقال لتحليل سياقاته في هرمزغان، مع إبراز نتائجه وآثاره.

مركز الأخبار ـ نُشر مقال بعنوان "الأسس الثقافية لتشويه الأعضاء التناسلية للنساء مع التركيز على الختان في محافظة هرمزغان" في العدد الأخير من مجلة "المسائل الاجتماعية في إيران" الصادرة عن جامعة خوارزمي. قام بكتابة هذه المقالة كلٌّ من أفسانة بهادر، طالبة الدكتوراه في علم الاجتماع، وعالية شكربيغي، أستاذة مساعدة في قسم علم الاجتماع، وساسان وديعة، أستاذ مساعد في قسم علم الاجتماع، وهم باحثون في جامعة آزاد بطهران، وقد تناول الباحثون في هذه الدراسة التجربة المعيشة للنساء في هرمزغان مع ظاهرة الختان.

استناداً إلى نتائج هذا البحث الميداني في هرمزغان، فإن ختان الإناث يتكرر في العديد من العائلات ليس كضرورة طبية، ولكن في إطار التقاليد وضغوط القرابة والتصورات الدينية؛ وهي دورة تبقى عواقبها الجسدية والنفسية في حياة النساء لسنوات.

تُشير مقدمة هذا المقال إلى أن أحد أشكال العنف ضد المرأة هو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، كالختان، الذي يُسبب أذىً جسدياً وجنسياً ونفسياً للمرأة، وينتج عن عوامل ثقافية واجتماعية، ولم يحظَ بالاهتمام الكافي. ويهدف هذا المقال إلى تحليل السياقات الاجتماعية والثقافية لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، مع التركيز على الختان في هرمزغان.

جُمعت البيانات الواردة في هذا المقال باستخدام نموذج التفسير الاجتماعي، ومنهج البحث، ونظرية البيانات المرتكزة على المنهجية مع نهج شتراوس وكوربين، وتقنية المقابلة المتعمقة. بلغ عدد المشاركين 15 شخصاً، تم اختيارهم باستخدام مزيج من أساليب أخذ العينات النظرية.

ويؤكد المقال أيضاً، وفقاً للنتائج، أن الموضوع الرئيسي كان تأثير المؤسسات الدينية والأسرية في استمرار "إعادة إنتاج الذات الذكورية على أجساد النساء". وشملت الظروف المسببة لتكوين هذه الإعادة: الخداع، وقلة الخبرة، والسلبية، والخوف، والمشاعر أو التصورات المزعجة. أما الظروف الوسيطة فشملت: التمسك بالتقاليد، وفرض المعايير الدينية، والقوالب النمطية الجندرية، والقوالب النمطية القمعية، والاغتراب الثقافي.

وتظهر نتائج البحث أن الظاهرة المركزية المتمثلة في "إعادة إنتاج الذاتية الذكورية على أجساد النساء" في سياق التشويه الجنسي تنشأ من "ثلاث آليات متشابكة للشرعية الطقسية، وضبط جسد المرأة، ونقل المعايير بين الأجيال" وتستمر في مجال سلطة الأسرة وشبكة القرابة.

وتشير النتائج إلى أن قرار إجراء ختان الإناث غالباً ما يتأثر بتداخل الضغوط الاجتماعية المحلية، والخوف من الوصم الأخلاقي، والقوالب النمطية الجندرية. في هذه الظروف، تجد الأمهات أنفسهن "عالقات بين منطقين متناقضين: الحفاظ على كرامتهن، والاهتمام بصحة بناتهن وسلامة أجسادهن"، "تحت تأثير سلطة النساء الأكبر سناً في الأسرة".

ويؤكد الباحثون أنه في كثير من الروايات، تعمل المعتقدات الدينية كـ "مُضفي شرعية" بدلاً من كونها العامل الرئيسي في ختان الإناث، وأن التقاليد والعادات المحلية هي التي لا تزال تلعب دوراً مهيمناً في استمرار هذه الممارسة.

وتُظهر الأبحاث أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يترك وراءه عواقب متعددة الطبقات ودائمة على حياة النساء الفردية والاجتماعية، والتي يتم تصنيفها تحت مفاهيم مثل "العيب الأنثوي"، والأذى الجسدي والنفسي والعاطفي، وعدم الرضا الاجتماعي والصراع.

بحسب البيانات الميدانية، فإن العدوى والنزيف والألم المزمن والجماع المؤلم هي من بين الإصابات الجسدية الأكثر شيوعاً. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت العديد من النساء عن عودة الذكريات المريرة بشكل متكرر، ومشاعر الإذلال، وتجارب نوع من الخيانة من قبل أسرهن؛ وهي مشاعر تؤدي إلى توتر في العلاقات الزوجية وتباعد عاطفي.

 

استراتيجية المقاومة

ويُظهر هذا البحث أن النساء، عندما يواجهن تقليد تشويه الأعضاء التناسلية، لا يرغبن في كثير من الحالات في البقاء في وضع الضحايا السلبيين.

استناداً إلى نتائج البحث، ظهرت مجموعة من استراتيجيات التأقلم في هذا المجال، تتراوح بين "المواجهة الاجتماعية" وإعادة تعريف النظرة إلى أجساد النساء. غالباً ما تتشكل هذه الاستجابات من خلال التجربة المعيشية، وزيادة الوعي، والمواجهة النقدية للمعايير المحلية السائدة.

ويؤكد الباحثون أن التعليم والتوعية بين الفتيات والأمهات، ووجود الأطباء، والاعتماد على السلطة العلمية بدلاً من الروايات التقليدية، فضلاً عن دور وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، هي عوامل رئيسية في كسر الصمت، وتبادل الخبرات، وإضعاف المعايير السائدة.

ويشير هذا المقال إلى أن تمكين المرأة والمعارضة الواعية للختان، إلى جانب توسع الفضاء الإلكتروني، قد أدى إلى انخفاض عدد حالات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في عدد من المناطق الحضرية، على الرغم من استمرارها في بعض القرى.