'نظام الكومينات يمنح النساء زمام المبادرة في بناء مجتمع ديمقراطي'
أكدت الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون الاجتماعية في مقاطعة الفرات فلك يوسف، أن تنظيم الكومينات ومجالس النساء يعد أمراً بالغ الأهمية لأن وجود مثل هذه الهيئات في الأحياء والقرى يمنع أي شخص من ممارسة العنف والتسلط.

برجم جودي
كوباني ـ في إقليم شمال وشرق سوريا، يتجه الناس منذ سنوات إلى تنظيم حياتهم وفق نموذج ومبادئ النظام الاتحادي الديمقراطي، ومن أجل ترسيخ هذا النظام بروح نابضة بالحياة داخل المجتمع، تم تأسيس نظام كومينالي يستند إلى قيم ومعايير المجتمع الديمقراطي.
يُعتبر الكومين في إقليم شمال وشرق سوريا النموذج الأساسي للتنظيم المجتمعي، ويجسّد بشكل عملي مفهوم "الاجتماعية" وترتبط هذه الفكرة ارتباطاً وثيقاً بالمرأة، حيث لعبت النساء دوراً محورياً في تأسيس الكومينات القائمة على مبدأ حرية المرأة، والتي تمثل نموذجاً خاصاً من "كومينالية المرأة".
ومن خلال هذا النموذج، تخوض النساء مواجهة مباشرة مع أنظمة الدولة القومية التي تقوم على مركزية السلطة، وتُنتج مجتمعاً أحادي الهوية وتُوظّف الهويات كأدوات للهيمنة، في المقابل تسعى النساء إلى بناء نظام كومينالي يُدار من قبل المجتمع، ويعكس تنوعه الثقافي ويعزز الروابط الديمقراطية والتشاركية بين أفراده.
"نظام الكومينات يمنح النساء فرصة لتولي زمام الأمور"
وفي سياق أهمية ودور تأسيس الكومينات ومجالس النساء، وخاصة في هذه المرحلة، قيمت الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون الاجتماعية في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا فلك يوسف، هذا المسار التنظيمي قائلة "في هذه المرحلة خاصة ضمن مسار بناء السلام والمجتمع الديمقراطي، نحن النساء بحاجة إلى تنظيم أقوى وأكثر فعالية، نظام الكومينات يمنح النساء فرصة لتولي زمام الأمور في مختلف المجالات، لقد اعتمدنا هذا النظام منذ سنوات طويلة وهناك كومينات نسائية خاصة وعامة، لكننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيلها وتقويتها لنتمكن من تنظيم أنفسنا وتثقيف ذاتنا والدفاع عن وجودنا، فالنساء هن من قدن ثورة 19 تموز واليوم يجب أن تكنّ في طليعة بناء النظام الكومينالي والمسار الجديد".
وعن أهمية الكومينات بالنسبة للنساء أكدت أنه "كلما كانت النساء أكثر نشاطاً وتنظيماً ضمن نظام الكومينات، كلما أصبح تأسيس مجتمع ديمقراطي وسلمي أكثر واقعية، كذلك فإنهن تقدمن الصفوف في حماية المجتمع والطبيعة، ومن خلال تأسيس الكومينات النسائية يمكن الحفاظ على قيم ومعايير المجتمع الكومينالي، وعلى اللغة والهوية الأصلية والثقافة الوطنية الديمقراطية، لأنه إذا كنا نهدف إلى بناء مجتمع أخلاقي وسياسي يجب أن يكون نضالنا وتنظيمنا في ذات المسار".
وشددت على أن "تأسيس الكومينات والمجالس النسائية في جميع قطاعات المجتمع هو ضرورة مثل الخبز والماء، وإذا تمكنا من ترسيخ هذا النهج فسنتمكن كنساء من لعب دورنا في نداء الذي أطلقه القائد عبد الله أوجلان في السابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي الداعي من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي".
"نعيش اليوم في قلب الحرب العالمية الثالثة"
وسلّطت فلك يوسف الضوء على تقييمات القائد عبد الله أوجلان قائلة "نحن نعيش اليوم في قلب الحرب العالمية الثالثة التي لا تزال مستمرة، ربيع الشعوب الذي أطلقه القائد أوجلان يشهد صراعاً بين عدة قوى مهيمنة، وعلى مدار سنوات طويلة من هذه الحروب، لم تحقق أي قوة مكاسب حقيقية، وهذا يعكس ذكاء تلك القوى التي تصرّ دائماً على النظام القومي الموحد والسلطة المركزية، لذلك يمكننا اليوم أن نقيّم المرحلة الراهنة باعتبارها مساراً لإنهاء أنظمة الدولة القومية، فكما يقول القائد أوجلان، نحن الآن في صراع بين الدولة القومية والكومينات، ومن أجل ذلك يجب أن يكون تنظيمنا ضمن إطار الكومينات قوياً، حتى نتمكن من تفكيك عقلية الدولة القومية من داخلنا".
"نحن بحاجة إلى حياة عادلة وسلمية"
وفي تقييمها إن الحروب المسلحة لا يمكن أن تُعتبر وسيلة مشروعة للحياة أضافت "الحروب المسلحة التي استمرت لسنوات لم تقدم حلولاً للشعوب، بل زادت من الدمار والنهب والمعاناة، لذلك نحن بحاجة إلى حياة طبيعية، هادئة، عادلة وسلمية، حياة تضمن حقوق كل فئة وكل شعب وتُصان فيها اللغة والثقافة والهوية والكرامة على أرضه، هذا النوع من الحياة لا يتحقق إلا من خلال بناء وترسيخ نظام الكومينات، وفي هذا السياق تتحمل النساء مسؤولية أكبر، كما يؤكد القائد أوجلان في تقييماته حول التاريخ الذي شهد كسر هوية المرأة والمجتمع".
"الكومينات النسائية يمكنها أن تلعب دوراً محورياً"
وأكدت إن الكومينات النسائية يمكنها أن تلعب دوراً محورياً في تقديم حلول للمشكلات الاجتماعية "من خلال تفعيل الكومينات، نستطيع التصدي للعديد من الأزمات والانهيارات، فالكومينات موجودة في كل حي وشارع وقرية وهذا يتيح للجميع أن يكونوا على دراية بما يجري وأن يضعوا برامجاً وفقاً للاحتياجات وأن يقدموا الحلول كذلك، وعبر الكومينات يمكن للناس أن يتجاوزوا العديد من الأيام المصطنعة ويصنعوا أيامهم الخاصة خصوصاً في مواجهة العنف داخل الأسرة والمجتمع والمواقف الرجعية، كما يمكن للكومينات أن تكون الرد المناسب فبإمكان الناس تأسيس الكومينات الثقافية، الفلسفية، والأخلاقية، التعليمية، السياسية، والرياضية وغيرها، فالكومين هو في جوهره تعبير عن التلاقي المجتمعي على أساس فكري وفلسفي وتشاركي".
"يجب على النساء تنظيم أنفسهن"
وفي ختام حديثها قالت فلك يوسف "نعلم أنه في الثالث من آب واجه مجتمعنا الإيزيدي إبادة جماعية، حيث ارتكبت داعش أعمال النهب والدمار والقتل والتهجير، واستخدموا كل الوسائل الوحشية ضد النساء والرجال والأطفال الإيزيديين، هذا الهجوم كان في البداية على كوباني وكان المعتدي واحداً في الحالتين، لكن الفرق يكمن في أسلوب الدفاع الذاتي، ففي كوباني وبفضل تنظيم النساء والمجتمع في كل المجالات تمكنوا من الدفاع عن أنفسهم، أما في شنكال فقد قُتلت وهُجّرت آلاف النساء وبيعن في أسواق داعش، والنتيجة في شنكال وقعت إبادة وفي كوباني بدأ انهيار داعش، بعد المجزرة التي شهدتها شنكال نظّمت النساء الإيزيديات أنفسهن واليوم تستطعن حماية أنفسهن ومجتمعهن، هذا المثال يوضح أن أهمية تنظيم النساء لا تقل عن أهمية الخبز والماء".