"نساء يبنين السلام خلال الحرب"... تدشين جدارية في لبنان

بعد شهور من المعارك في لبنان روابط نسائية وفنانات يبعثن رسائل السلام وأهمية الحلول بالحوار في النزاعات وذلك عبر رسوم جدارية في بلدة الشويفات.

سوزان أبو سعيد

لبنان ـ دشنت منظمات دولية ومحلية في بلدة الشويفات اللبنانية جدارية "نساء يبنين السلام خلال الحرب" والمستوحاة من مقاومة النساء في أوقات الحروب ودورهن في التعاون الإنساني والإدماج الفعال في الوساطة واتخاذ القرار.

أقامت "رابطة النساء الدولية للسلام والحرية في لبنان" بشراكة وتمويل من "نساء من أجل السلام عبر العالم" بالتعاون مع رابطة سيدات الشويفات وبلدية الشويفات ومن تنظيم جمعية "أحلى فوضى" يوم أمس الجمعة 31 كانون الثاني/يناير احتفالية بمناسبة كشف الستار عن جدارية "نساء يبنين السلام خلال الحرب" وذلك في رصيف الفن في البلدة لتخليد الجهود المبذولة من قبل النساء خلال الهجمات الإسرائيلية الأخيرة عبر الوساطة والمشاركة الفعالة.

وفي إطار التأثير التحويلي للفن في الدعوة للسلام والشمولية، استوحت هذه الجدارية مضمونها من العمل الذي أقيم لتعزيز مفهوم "طاولات سلام النساء"، والمقاومة التي تبذلها النساء من أجل خلق مساحات حوار آمنة، وعمليات سلام التي تراعي حساسية النوع الاجتماعي، والتعاون الإنساني، والإدماج الفعال في الوساطة واتخاذ القرار.

وقد نفذت الجدارية الفنانة ماري أليس برباري بالتعاون مع فنان في مجال الكاليغرافيا العربية لكلمات مثل "الوفاق، السلام، الوساطة، التعاون، عدالة، مساواة" وغيرها، وهي الجدارية الثالثة ضمن هذا الإطار التي تنفذ في البلدة.

وقدمت الحفل عضوة اللجنة الإدارية في رابطة سيدات الشويفات ريما أبو حسن والتي تحدثت عن دور الرابطة التي تأسست منذ عام 1967 "كان للرابطة دور في إغاثة النازحين وخصوصاً النساء والأطفال، حيث تم تأمين احتياجاتهم".

وعلى هامش الافتتاحية قالت رئيسة جمعية "أحلى فوضى" إيمان ناصر الدين "منذ حوالي الشهرين تواصلت معي رئيسة جمعية سيدات الشويفات ورئيسة رابطة النساء الدولية للسلام والحرية فرع لبنان حول مشروع يمثل المرأة ودورها خلال الأزمة التي مررنا بها مؤخراً، وكانت جمعيتنا ناشطة للغاية في هذه الأزمة لجهة إغاثة النازحين، وأدركتُ ما تريد إبرازه في هذه الجدارية التي تمثل تعاونا للمرة الثالثة معها، وعملنا معا لنتمكن من تصوير قدرة المرأة أن تكون وسيطة لمشاكل صغيرة وكبيرة خصوصاً وسط وجود النازحين في المدارس، وتمكنها من إيجاد الحلول"، مضيفة "هدفنا الكبير هو لبنان، لبنان الأمل والصمود والاقتصاد الناشط، وما شهدناه خلال الأزمة على الأرض كان مدعاة للفخر، حيث كان الشعب واحداً في مساعدة بعضه البعض، ويشرفني أنني لبنانية وأني أعمل باسم لبنان".

ولفتت الفنانة التشكيلية ماري أليس برباري إلى أن "هذا العمل هو نتيجة تعاون بيني وبين الفنان الكاليغرافي (الخطوط العربية) يامن صعب، وقام كل منا بجزء من الجدارية، واقترح رسم البناية مع الصواريخ والتي تمثل 'العدوان الإسرائيلي'، واقترحت أن نضع الأزهار ضمن البناية وكأن البناية تتهدم لتنمو منها الأزهار، ولنظهر أنه رغم الدمار سيعاد بناء السلام، والزهور رمز السلام، فضلاً عن كل كلمة ضمن الجدارية، وكذلك تمثل الطيور تحول الصواريخ إلى طيور سلام، والوجه هو وجه المرأة في منتصف اللوحة فهي الداعمة لكل شيء وأساس السلام، أما الشمس فتمثل الضوء وفيها كلمة الوساطة لدور النساء الفعال فيها".

من جهتها، قالت رئيسة رابطة سيدات الشويفات ورابطة النساء الدولية للسلام والحرية فرع لبنان شيرين الجردي "هذه ليست لوحة فحسب، بل هي رسالة لنقول من خلالها أننا من خلال الحروب نخلق الفرص، كما وتعبر عن أنه على الرغم من الحرب التي مررنا بها ومن أننا لا نريد الحروب، عملنا مع بعضنا البعض، وليس ذلك فحسب، بل ونسعى للأمن والسلام والمساحات الآمنة وخصوصاً للنساء والشابات، ومن هنا بدأت الفكرة وتجسدت اللوحة من خلال العمل الفني والخطوط العربية من تنفيذ جمعية 'أحلى فوضى'".

ولفتت إلى أن رابطة النساء الدولية للسلام والحرية فرع لبنان، من أقدم الجمعيات النسوية في العالم تأسست عام 1915، والتي تقول لا للحروب وتعمل للحد من التسلح وبناء السلام وخصوصاً السلام النسوي والذي يعبر عن دور الفن وكونه أداة لبناء السلام، وأن المجتمع لا ينهض إلا بالتعاون بين أفراد الشعب.

ونوهت إلى أن "الرسالة الأهم في الجدارية هي التركيز على الكلمات في اللوحة مثل المساواة والأمان والعدالة والحوار والمفاوضات السلمية وأهمها الشمس الشارقة بأدوار النساء في الوساطة، وهنا لا ندعو لأدوار فعالة للنساء في السياسة فحسب، بل أدوار فعالة للنساء في الوساطة لبناء السلام في المجتمعات، وكما شهدنا فإن عمليات السلام والمراقبة لم تشمل النساء، لذا فنحن ندعو حتى تشارك النساء في الوساطة ومباحثات السلام، والتأكيد إنه لن يكون هناك تغيير طالما ليس هناك تغيير في الرؤية الموجودة في الأشخاص الذين يمتهنون هذه الوساطات".