ناشطات وسياسيات: المحاكمة العادلة بعيداً عن توظيف القضاء حق دستوري
دعت نشاطات وسياسيات تونسيات إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين/ات، والكف عن التدخل في الملف القضائي والعمل على إرساء محاكمات عادلة بعيداً عن توظيف القضاء لخدمة أجندة معينة.
تونس ـ أكدت مشاركات في الملتقى "الوطني للدفاع عن ضحايا توظيف القضاء والمحاكمات غير العادلة"، على أن حلم بلاد تضمن الحقوق والحريات لن يندثر مادام هناك أصوات صادحة وحرة، محذرات من تجاهل مرفق العدالة الذي يواجه تحديات انهكته وسلبته استقلاليته.
عقدت منظمة الأورومتوسطية للحقوق بالعاصمة تونس اليوم السبت 20 نيسان/أبريل، الملتقى "الوطني للدفاع عن ضحايا توظيف القضاء والمحاكمات غير العادلة"، بالشراكة مع جمعيات تونسية.
سلط المشاركون/ات في الملتقى الضوء على التطورات التي شهدها ملف الانتهاكات وتراجع الحريات الجماعية والفردية، فضلاً عن التطرق لوضعية السجناء السياسيين/ات وسجناء الرأي وضحايا المحاكمات غير العادلة ومساعي توظيف القضاء لخدمة السلطة السياسية.
كما تم مناقشة خطورة الوضع الذي تمرّ به تونس نتيجة التفرد بالحكم، محذرين من توظيف السلطة القضائية التي كانت نتيجة لثورة الكرامة تماشياً مع مصالح سياسية، ودعا الحاضرون/ات عموم التونسيين والتونسيات إلى الدفاع عن مكاسب ثورة الحرية وعلى رأسها حرية التعبير والمشاركة السياسية عبر التداول السلمي عن السلطة بانتخابات نزيهة تشارك فيها مختلف الأطراف دون إقصاء على أساس إيديولوجي وسياسي.
وعلى هامش الملتقى قالت الناشطة الحقوقية بجمعية "تقاطع" أسرار بن جويرة أن تونس المتجذرة بأصلها الأفريقي والمتقدمة عربياً والمنفتحة على العالم ونصيرة كل القضايا العادلة وكل حركات التحرر في كل ربوع الأرض لا يمكن أن تعود إلى الوراء، فحلم بلاد تضمن الحقوق والحريات لن يندثر مادام هناك أصوات صادحة وحرة لازالت مؤمنة بهذه القيم الكونية للإنسان.
وأوضحت أن الأزمة التي عاشتها تونس أواخر السبعينات كانت ناتجة عن الاستبداد بالسلطة والحكم الفردي وكانت تلك الأزمات فرصة لعودة الحياة للمجتمع المدني الذي انتفض ضد الهيمنة والفاشية، معتبرةً أنّ المصير ذاته يتكرر لكن بأساليب أخرى.
وأكدت أسرار بن جويرة على صمود المجتمع المدني أمام الديكتاتورية واحتضان جزء كبير للمعارضة السياسية الحزبية التي تشكلت وأدت إلى اندلاع ثورة 14 يناير عام 2011؛ إلى أن "التاريخ اليوم يعيد نفسه لكن في شكل مهزلة ومأساة وتونس ليست استثناءً، فنفس المصير في مصر والمغرب والجزائر ونفس الانتهاكات وتقريباً نفس تكتيك قمع المعارضة عبر تلفيق التهم الكيدية من أجل تثبيت حكمهم وتخوين الأصوات الحرة، ومناضلو/ات المجتمع المدني وتصويرهم كأنهم/ن أعداءً للدولة".
ولفتت إلى عدم وجود ضمانات لمحاكمات عادلة للسجناء السياسيين وسجناء الرأي، محذرة من تجاهل مرفق العدالة الذي يواجه تحديات وإجراءات انهكته وسلبته استقلاليته ودجنته ليصبح وظيفة ملحقة وتابعة للسلطة التنفيذية، وفق تعبيرها.
وتساءلت حول كيفية انصاف الضعفاء في مواجهة نزوات السلطة وأحقادها في اختراق ملفات أشبه بسيناريوهات أفلام "هذا القوس في تاريخ تونس يجب أن ينتهي بمراسيمه ودستوره ومؤسساته السياسية ولا بد من إطلاق سراح السجناء السياسيين والرأي والكف عن العبث بمؤسسات الدولة وإقرار المحاسبة الجزائية لكل من تورط في جرائم هذا النظام".
وتتفق القيادية بحزب القطب المعارض، شيماء الجبالي، مع أسرار بن جويرة في الدعوة الملحة لإطلاق سراح السجناء والسجينات السياسيين/ات، مؤكدةً أنّه من المؤلم أن تصبح "المعارضة" تهمة.
وأشارت إلى أن حزبها اليساري يعارض مسار 25 تموز/يوليو، منوهةً إلى أن توجه السلطة إلى القطع مع الحرية ومبادئ الثورة لن تقبله المعارضة بل ستناضل سلمياً إلى حين استعادة الديمقراطية التي فقد الكثيرين على إثرها حياتهم، لافتةً إلى أن حلم بلاد تضمن الحقوق والحريات لن يندثر مادام هناك أصوات صادحة وحرة لازالت مؤمنة بهذه القيم الكونية للإنسان.
وأكدت "نحن نناضل من أجل الحقوق ومن أجل بلاد ذات طرح اقتصادي واجتماعي لكن للساق وجدنا أنفسنا نعمل من أجل التعبير بحرية والتدوين دون خوف من المراسيم التي جاءت لتقيد حرية الصحافة والرأي، على غرار المرسوم 54، الذي قيّد مختلف الأيديولوجيات والتوجهات وحتى المواطن العادي الذي يتجرأ على وضع صورة أو تعليق نقدي".
وحذرت من الانحياز عن مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية، خاصةً وأنها جاءت بدماء التونسيين/ات، لافتةً إلى ما أسمته بتلاعب المؤسسة القضائية وتوظيفها خدمة لمصالح معروفة "القضاء يطوّع لخدمة السلطة السياسية وهو ما نرفضه قطعياً، حيث بات الحديث عن قضاء تعليمات بدل الحديث عن قضاء مستقل وحر ومحايد الذي يعتبر ضماناً للسياسيين/ات فقط بل ضمانة لكل المواطنين/ات في تطبيق عادل للقانون ونشر العدل والقيم الإنسانية الكونية".