مطالب المرأة بإقليم شمال وشرق سوريا في دستور سوريا المستقبل

عقد الملتقى الحقوقي التشاوري الخاص بمطالب المرأة في الدستور السوري الجديد، بمدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، وسلطت المشاركات الضوء على جملة من المطالب التي من شأنها أن تحافظ وترفع وتضمن حقوق المرأة السورية ومجتمعها.

الحسكة ـ واجهت المرأة السورية سياسة التهميش والإنكار لدورها الأساسي في ظل حكم البعث، فبالرغم من امتلاكها الكفاءات العالية والمستوى العلمي والثقافي الجيد، إلا أنها ظلت محرومة من الكثير من فرص العمل الإداري والسياسي المتاحة لها كونها كانت حكراً على الرجال، كما حُرمت من الكثير من الحقوق ضمن العائلة والمجتمع بسبب الذهنية الذكورية والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية التي تجعل المرأة أقل مرتبة من الرجل.

في ظل الأزمة السورية ارتفع معدل هذا الحرمان حيث مارست الفصائل المسلحة التي استولت على العديد من المناطق السورية والتي تمتلك أيديولوجيات متطرفة كداعش وغيرها، انتهاكات وإقصاء للمرأة وقامت بسبي وامتلاك وبيع النساء واستغلالهن واعتقالهن وفرض عليهن البقاء في المنزل دون أي اعتبار لإرادتهن ومطالهن.

بالرغم من وجود بعض الأصوات النسوية التي نادت بالحرية وعملت على نبذ العنف والاضطهاد إلا أن الحكومة المؤقتة سعت لإسكات أصوت النساء عن طريق الاعتقال والتعذيب والسجن والإخفاء القسري والنزوح والتهجير علاوة عن المعاناة النفسية والاجتماعية التي نالت من قواهن، الأمر الذي دفع بالمرأة السورية (الكردية والعربية والسريانية والتركمانية والشركسية) في إقليم شمال وشرق سوريا إلى اتخاذ دور ريادي في قيادة ثورة الحرية  بكل قوة وإصرار، دون خوف وناضلت من أجل التغيير والحصول على حقوقها وأصرّت على لعب الدور الريادي في تغيير النظام وسياسة الإقصاء، لما قدمته من تضحيات جسام وما اكتسبته من حقوق في هذه البقعة الجغرافية لضمان حرية المرأة وحقوقها في دستور سوريا الجديد.

وعليه قدمت نساء إقليم شمال وشرق سوريا مجموعة من المطالب والرؤى في الدستور السوري الجديد، من خلال عقد ملتقى حقوقي تشاوري اليوم الخميس 13 شباط/فبراير في مدينة الحسكة، حيث طالبن بكتابة الدستور بأيدي السوريين والسوريات، وأن يتم تشكيل لجنة دستورية مؤلفة من الجنسين بنسبة متساوية، وأن يكون نظام الحكم في سوريا جمهوري "اتحادي" برلماني يعتمد التعددية اللامركزية والديمقراطية، وكون سوريا متعددة الأعراق والأطياف والطوائف والأديان والمذاهب والثقافات وهي رمز للتعايش المشترك يجب أن يكون اسمها متضمناً ما يوحي بهذه الصفات.

كما طالبن بفصل الدين عن الدولة، وإيلاء النظام البيئي والاجتماعي الأهمية الأبرز، إلى جانب دعم وتطوير اقتصاد المرأة، كما أن الدستور يجب أن يضمن كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الكردي والسرياني الآشوري وحقه في الدفاع المشروع والمحافظة على الخصائص التاريخية والبنى الديموغرافية الأصيلة للمناطق الكردية وكافة مكونات سوريا، خاصة تلك التي عانت الظلم والجور والحرمان والتهميش في ظل نظام البعث.

ولفتت النساء الانتباه إلى أهمية احترام اللغة الكردية والعربية والسريانية كونها اللغات الرسمية للدولة السورية، إلى جانب أنه لكل مواطنة ومواطن الحق بالتعلم والتعليم بلغته الأم وخلال كافة مراحل التعليم، ويجب أن تكون اللغة الرسمية لكل منطقة بحسب الكثافة السكانية فيها، كما يجب تغيير المناهج الدراسية بما يتوافق مع العيش المشترك للشعوب والمساواة ونبذ العنف والكراهية وإزالة الصورة النمطية عن المرأة وتحييدها عن الأيديولوجيات الدينية والسياسية وعلى أساس التخصص العلمي للوصول إلى الشكل الذي يساهم في تقدم البلاد وتطورها

كما أكدن على أن المواطنة حق لكل سورية وسوري وإزالة التمييز بين السوريين والسوريات، وللمرأة الحق في منح الجنسية السورية لأطفالها وزوجها دون تمييز، والمساواة الفعلية بين المرأة والرجل في كافة المجالات، بالإضافة لأهمية ترسيخ المساواة بين مختلف الطوائف والأديان والقوميات والمذاهب في سوريا ونبذ خطاب الكراهية وتجريمه، والثروات والموارد الطبيعية هي ملك المجتمع، يتم استخدامها واستثمارها وفق الاحتياجات وبشكل عادل وتأسيس الاقتصاد الذي يحقق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة والمتوازنة، بالإضافة لضمان استقلالية السلطة القضائية وفصلها عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون وقتل النساء جريمة مكتملة الأركان وتمنع الأعذار المحلة أو المخففة في حالات قتل النساء.

وقد أوضحت النساء أن الشباب هم القوة الفعالة والطليعية في المجتمع ولهم الحق في التنظيم والمشاركة في كافة مجالات الحياة، كما يجب الالتزام بالعهود والمواثيق والاتفاقيات المعنية بالمرأة، وضمان دور المرأة المتساوي في تحقيق العدالة الانتقالية، بالإضافة لضمان تمثيل المرأة بنسبة 50% في لجنة صياغة الدستور السوري الجديد.

كما ناقش الملتقى الحقوق والحريات وعلى رأسها حق الحياة مقدس وإلغاء عقوبة الإعدام، بالإضافة لحرية المعتقد والفكر والدين للجميع وحرية الرأي والتعبير، إلى جانب ضمان تمثيل المرأة بنسبة 50% في كافة مجالات الحياة السياسية والإدارية والقضائية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب حق المرأة في تولي منصب رئيس الجمهورية، وأهمية اعتماد مبدأ الرئاسة المشتركة في كافة الإدارات بما فيها رئاسة الجمهورية التي يجب شغل منصبها لدورة واحدة مدتها أربع سنوات ويحق لمن تشغله أو يشغله الانتخاب لدورة ثانية فقط

ولفتت إلى حق المرأة في تشكيل أحزاب سياسية أو جمعيات أو منظمات نسوية، ولها الحق في تشكيل التنظيمات (وحدات) العسكرية الخاصة وبقيادات نسائية ضمن الجيش السوري المستقبلي، ولها إنشاء قوى الأمن الداخلي وغيرها بما يضمن حماية النساء والدفاع عنهن، ومجلس المرأة هو شكل التنظيم الكونفدرالي للنساء على مستوى سوريا والممثل لكل النساء والتنظيمات والحركات النسائية في سوريا.

وشددن على أن رئيس أو رئيسة الجمهورية يجب ألا يكون قائداً للجيش والقوات المسلحة وأن تكون هناك هيئة للأركان يكون للمرأة كوتا ثابتة فيها ويرأس الهيئة وزير أو وزيرة للدفاع، ويجب أن تكون هناك وزارة لشؤون المرأة ضمن الحكومة، وتمنع كافة أشكال التمييز ضد المرأة ويجب إلغاء كافة القوانين والتشريعات التي تنص على التمييز ضد المرأة، كما يمنع العنف ضد المرأة بكافة أشكاله ومن ضمنها العنف الأسري، وكافة أشكال الإتجار بالمرأة واستغلالها، ومنح المرأة حقوقاً متساوية ضمن الأسرة في كل ما يتعلق بالميراث والزواج والطلاق وآثارهما، ولإرادة المرأة الاعتبار الأول والأساسي في إصدار القوانين التي تمس حقوقها.

ونوهن إلى أنه يجب أن تخصص نسبة 10% من الموازنة السنوية للدولة لتمكين المرأة اقتصادياً و10% من الموازنة لتدريب المرأة وتعليمها، كما يجب أن تكفل الدولة رعاية الأمومة والطفولة، وأن تكون مصلحة الطفل الفضلى لها الاعتبار الأساسي في كافة الحالات وعلى الدولة ضمان الاعتراف بأن الأمومة وظيفة اجتماعية وأن تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأم والأب، إلى جانب منع عمالة الأطفال وتجنيدهم بالقوات العسكرية، ويجب أن تكفل الدولة الضمان الصحي والاجتماعي للمرأة والطفل الذي له الحق في أن يحترم رأيه والتعبير عن نفسه بحرية.

كما تطرقن إلى أهمية تعزيز دور منظمات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها، إلى جانب حق ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة الكريمة وتأمين وتقديم كافة الإمكانيات اللازمة لتمكينهم من المشاركة الذهنية والجسدية في كافة مجالات الحياة، بالإضافة للمسنون الذين هم ذاكرة المجتمع وأصحاب المعرفة والخبرة في الحياة، لهم الحق في الضمان الاجتماعي والصحي والمشاركة في كافة مجالات الحياة، وللجميع الحق في العيش في بيئة نظيفة وصحية ويجب سن قوانين لحماية البيئة، مع ضمان مشاركة المرأة ولعب دورها في عملية إحلال السلام في سوريا وإعادة الإعمار، بالإضافة لإعادة النظر بالتشريعات الناظمة لشؤون المرأة والاسرة.