منظمات دولية توثق جرائم الفاشر وسط تعتيم إعلامي وانقطاع الاتصالات
كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن آلاف الأسر في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، تعاني من أوضاع إنسانية حرجة وتحتاج بشكل عاجل إلى مأوى وحماية ورعاية، في ظل تصاعد "أعمال عنف وحشية" تشهدها المدينة.
					مركز الأخبار ـ شهدت مدينة الفاشر هجوماً عنيفاً في 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي أسفر عن سيطرة قوات الدعم السريع على مركز ولاية شمال دارفور، ووفقاً لتقارير صادرة عن منظمات محلية ودولية، ارتُكبت خلال الهجوم مجازر بحق المدنيين، ما أثار مخاوف متزايدة من احتمال ترسيخ واقع تقسيم جغرافي في السودان.
في منشور لها عبر منصة "إكس"، وصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمس الأحد الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر، الوضع في الفاشر بأنه "مأساوي"، مشيرة إلى أن الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على المدينة أدى إلى ارتكاب مجازر بحق المدنيين، بحسب ما ورد في تقارير محلية ودولية، وأن هذه الأحداث أجبرت آلاف السكان على النزوح من منازلهم بحثاً عن الأمان.
وأكدت المفوضية أن هناك حاجة ملحة لتوفير المأوى والحماية والرعاية لآلاف الأسر المتضررة، مشيرةً إلى أن فرقها الميدانية في السودان تواصل تقديم مساعدات حيوية لإنقاذ الأرواح، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب النقص الحاد في الموارد، داعيةً إلى ضرورة تأمين وصول آمن وسريع للعاملين في المجال الإنساني إلى المحتاجين، لضمان تقديم الدعم في الوقت المناسب.
بدورها، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن من بين الضحايا الذين سقطوا في مدينة الفاشر، قُتل ما لا يقل عن 460 شخصاً داخل المستشفى، وفي السياق ذاته، أفادت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة بأن أكثر من 8 آلاف شخص فرّوا من المدينة خلال يومين، ليرتفع بذلك عدد النازحين منذ أن بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على الفاشر إلى 70 ألف و894 شخصاً.
رغم موجة النزوح الكبيرة من الفاشر، لم يصل إلى مخيم طويلة، الواقع على بُعد 65 كيلومتراً، سوى أقل من 6 آلاف شخص، وفقاً لما أفاد به مدير عمليات السودان في المجلس النرويجي للاجئين، الذي يتولى إدارة المخيم، أن حوالي ألف نازح فقط وصلوا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، مشدداً على أن "الأعداد لا تزال منخفضة جداً، وإذا كان هناك من بقي في الفاشر، فإن فرص بقائهم على قيد الحياة ستكون ضئيلة للغاية".
وأعربت نقابة الصحفيين المصريين في بيان رسمي عن بالغ قلقها وأسفها إزاء التصعيد الخطير والانتهاكات الإنسانية الجسيمة التي تشهدها مدينة الفاشر في السودان، حيث ترتكب جرائم حرب بحق المدنيين والصحفيين، وأدانت بشدة هذه الجرائم، مؤكدةً أن الصحفيين والصحفيات يتعرضون لاستهداف ممنهج ومنظم، في خرق واضح للمواثيق الدولية والمبادئ الإنسانية.
وأشار البيان إلى أن النقابة تتلقى تقارير مروعة من مصادر مستقلة ومن نقابة الصحفيين السودانيين، رغم التعتيم الإعلامي المتعمد وانقطاع الاتصالات، تفيد بتعرض الصحافة في الفاشر لهجوم عنيف يهدف إلى إسكات صوت الحقيقة ومنع نقل الوقائع إلى العالم.
وشهدت العاصمة الفرنسية باريس، مظاهرة احتجاجية شارك فيها العشرات في ساحة الباستيل، ضد ما وصفت بـ "مجازر" ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين بمدينة الفاشر.
وفي وقت سابق، أكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنها تلقت "روايات مروعة عن عمليات إعدام بإجراءات موجزة، وقتل جماعي، واغتصاب، وهجمات على العاملين في المجال الإنساني، ونهب، واختطاف، وتهجير قسري" في الفاشر.
وبعد سيطرتها على مدينة الفاشر، أصبحت قوات الدعم السريع تهيمن على جميع مراكز ولايات دارفور الخمس الواقعة في غرب السودان، من بين إجمالي 18 ولاية في البلاد، في المقابل، يحتفظ الجيش السوداني بالسيطرة على معظم مناطق الولايات الثلاث عشرة الأخرى المنتشرة في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، ويُعد إقليم دارفور من أكبر الأقاليم في السودان، إذ يشكل نحو 20% من مساحة البلاد، إلا أن الغالبية العظمى من السكان، الذين يُقدر عددهم بنحو 50 مليون نسمة، يعيشون في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش السوداني.