مخاوف من شمول العقوبات البديلة جرائم العنف ضد المغربيات
حذرت جمعيات نسائية في المغرب من أن دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ قد يفتح الباب أمام إفلات مرتكبي العنف ضد النساء من العقاب.

المغرب ـ في خطوة تراها المنظمات النسائية المغربية تهديداً مباشراً لمكتسبات الحماية القانونية التي انتزعت بعد سنوات من النضال، دخل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ، أمس الجمعة 22 آب/أغسطس، الأمر الذي تعتبره السلطات المغربية جزءاً من توجه أوسع نحو "أنسنة السياسة الجنائية" والحد من العقوبات السالبة للحرية.
يتيح القانون الجديد للقضاة إمكانية استبدال عقوبات سالبة للحرية بعقوبات بديلة، مثل العمل لأجل المنفعة العامة أو الغرامات اليومية أو تقييد بعض الحقوق، وذلك في قضايا محددة.
غير أن دخول النص القانوني حيز التطبيق أثار نقاشاً داخل المجتمع المدني، خاصة لدى المنظمات النسائية، التي عبرت عن قلقها من "ثغرات" قد يحملها القانون، خاصة وأن مواده لم تستثن بشكل واضح قضايا العنف ضد النساء والفتيات.
وفي هذا الإطار، أصدرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بياناً قالت فيه إن القانون برغم كونه يمثل تحولاً مهماً في مسار العدالة الجنائية بالمغرب، إلا أن تمكين الجناة في جرائم العنف الرقمي أو الجسدي أو النفسي من الاستفادة من بدائل العقوبات سيؤدي إلى مضاعفة المخاطر المحدقة بالضحايا، داعية كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة إلى التدخل العاجل.
وحذر البيان من أن المقتضيات الجديدة لا تستثني صراحة جرائم العنف الرقمي أو غيره من أشكال العنف الممارس ضد النساء والفتيات.
وأضاف أن تمكين الجناة في قضايا العنف من الاستفادة من هذه التدابير سيضاعف المخاطر المحدقة بالضحايا، ويقوض مبدأ الردع العام، داعية كلاً من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة إلى ضمان عدم شمول قضايا العنف ضد النساء بالعقوبات البديلة.
ويأتي هذا النقاش في وقت تؤكد فيه منظمات نسائية وحقوقية أن المغرب حقق خلال العقدين الأخيرين مكاسب مهمة في مجال الحماية القانونية للنساء، خاصة بعد صدور القانون 103.13 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء عام 2018.
لكن مخاوف منظمات المجتمع المدني تظل قائمة بشأن التوازن بين فلسفة القانون الجديد القائمة على إعادة الإدماج، وضمان عدم إفلات مرتكبي جرائم العنف ضد النساء من العقاب.
ومع دخول القانون حيز التنفيذ، يبقى النقاش مفتوحاً بين السلطات القضائية والجمعيات المدنية حول كيفية تنزيل مقتضياته دون الإضرار بالضحايا. ويرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كان القانون رقم 43.22 سيحقق فعلاً أهدافه الإصلاحية، أم سيعيد فتح نقاشات قديمة حول حدود العدالة الجنائية في قضايا العنف ضد النساء.