للنهوض بأوضاع النساء... انعقاد قمة الشباب النسوي في المغرب

أكدت الشابات والشباب المشاركين في النسخة الأولى لقمة الشباب النسوي المنعقدة في المغرب، على عدم وجود أي قطيعة بين الحركات النسائية على مر التاريخ، وهناك عمل على الترافع في قضايا المرأة في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة وبين الحركة النسوية الشابة.

حنان حارت

المغرب ـ دعت شابات نسويات من المغرب وتونس إلى تطوير آليات النضال النسائي، والبحث عن طرق ذكية للتواصل مع الفئة الشابة من أجل زيادة التأثير.

في إطار حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، انعقدت بمدينة الدار البيضاء بالمغرب، النسخة الأولى من قمة الشباب النسوي خلال اليومين الماضيين، نظمتها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة والمركز الدنماركي للنوع الاجتماعي والمساواة، بمشاركة فعاليات وقيادات مدنية من الشابات والشباب من المغرب وتونس، تحت شعار "تعزيز تأثير النسويات والشابات في المغرب وتونس".

أكدت المشاركات والمشاركين على أهمية التنسيق والتشبيك واستمرار التنسيق والتواصل من أجل تعزيز فرص النساء في الوصول للعدالة إقليمياً، وذلك لكون قضية النساء واحدة لا تتجزأ، حيث تطرقت بشرى عبدو رئيسة جمعية المساواة للتحدي والمواطنة في مداخلة لها افتتحت بها فعاليات القمة إلى الحركة النسائية بكل توجهاتها وفلسفتها التي تنص فرضياتها على المساواة الكاملة بين النساء والرجال في كل الأصعدة والمجالات.

كما تحدثت عن السياقات العامة التي نشأت خلالها الحركة النسائية المغربية والتي تأثرت في منحاها العام وباتت مرتبطة بالقضايا السياسية الظرفية والاجتماعية والاقتصادية، مشيرةً إلى أن القضايا التي طرحتها والرهانات التي ناضلت من أجلها والأشكال التعبيرية التي تبنتها عرفت اختلافاً من جيل لآخر.

وعلى هامش اللقاء قالت آسيا مازوزي منسقة مشاريع جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن الهدف من القمة تبادل الخبرات بين الشباب والشابات والناشطات النسويات على المستوى المغاربي، وذلك بهدف استعراض استراتيجيات التعاون بين مكونات الحركة النسائية الشابة في كل من تونس والمغرب.

وأوضحت أن الحدث عبارة عن جلسات تم خلالها تناول مجموعة مواضيع من بينها رأي الحركات الشابة في استراتيجيات الحركات النسائية التقليدية، وما هي الآليات التي تراها الشابات النسويات من أجل خلق وقع في مجال المساواة ومناهضة العنف ضد النساء.

وأكدت على أن النضال اليوم يحتاج إلى أسلوب مختلف، خاصة في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، لافتةً إلى ضرورة البحث عن طرق ذكية للتواصل مع الشبان والشابات، مبينةً أن الدعوة إلى تغيير طرق النضال، لا يعني انتقاد الطريقة التي كانت تعمل بها الحركات النسائية عبر التاريخ، ولكن لأن كل فترة مرتبطة بزمنها ولديها خصوصيتها "ما نعيشه اليوم يفرض علينا أن نطور أدوات العمل بطريقة أذكى، من أجل تعبئة الشابات والشباب لزيادة التأثير".

 

 

من جهتها اعتبرت المحامية أسماء سليمية منسقة قمة النسويات أن القمة فرصة للتشبيك بين الشابات النسويات التونسيات والمغربيات، بهدف خلق فضاء لتبادل الأفكار واستراتيجيات النضال النسوي علاوة على تعريف النسوية حسب منظور الشابات؛ وما هو سياق التعاون بين الشابة التونسية النسوية وبين الشابات النسويات المغربيات، موضحةً أنه بالرغم من اختلاف مشارب الفئات المشاركة، لكن يجمعهن النضال ويؤمن بالمساواة، وتعملن على مرافقة النساء ضحايا العنف من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.

 

 

وبدورها أوضحت رانيا زغطوطي ناشطة تونسية وعضوة جمعية النساء الديمقراطيات، أهمية هذه اللقاءات ودورها في إرساء التعاون بين مختلف مكونات الحركة النسائية في المنطقة، وأنها كناشطة نسوية تونسية حضرت القمة من أجل استعراض النضال النسوي في تونس الذي مر بعدة مراحل، خاصة بعد استقلال تونس، وبعد أن باتت مجلة الأحوال الشخصية حيز التنفيذ سنة 1956، معتبرةً المكاسب النسوية التي تحققت في تونس هي نضال كبير قادته النساء التونسيات.

وقالت إن هناك عدة قوانين مختصة بحماية التونسيات كقانون إلغاء تعدد الزوجات والاعتراف بحق النساء في التبني والمساواة في الأجور في القطاعين العام والخاص، لافتةً إلى أن كل هذه المكتسبات لم تأت من فراغ "صحيح أن هناك إرادة سياسية، لكن ما تحقق جاء نتيجة نضالات النساء والحركة النسائية التونسية".

وأكدت أن النساء التونسيات تناضلن بشكل يومي من أجل تحقيق السلم والأمان، مذكرة بقانون 58 لمحاربة العنف ضد النساء الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2017 والذي يعترف بكل أشكال العنف ضد النساء بما فيه العنف السياسي.

ونوهت رانيا زغطوطي إلى أن هناك حديث في تونس عن وحدات لمناهضة العنف، ولم يعد الحديث عن سقوط الدعوة العمومية، مفسرةً ذلك بأن "المرأة التونسية عندما تود التبليغ فإن هناك ضغطاً يمارسه المجتمع من أجل التراجع عن وضع الشكاية، لكن هناك قانون جاء ليجيب عن هذا الضغط الذي يمارسه المجتمع على النساء"، مشيرة إلى أنه بالرغم من المكتسبات التي تحققت، إلا أن هناك عدة إشكالات واختلالات تم الوقوف عليها تتعلق بعدم تطبيق القوانين.

كما تطرقت لظاهرة قتل النساء والتي تبدأ بالعنف الخفيف لتصل إلى حد القتل، لافتةً إلى أن جمعية النساء الديمقراطيات في تونس طرحت مشروع قانون لتنقيح المجلة الجزائية للاعتراف بجرائم قتل النساء، حتى لا تبقى خاضعة للأحكام العامة الجزائية، بل ليتم التنصيص عليها في فصل لوحدها.

وقالت إن النساء التونسيات تسعين إلى تحقيق المساواة في المجتمع خاصة وأن الدستور الذي يعتبر أعلى سلطة في البلاد ينص على مبدأ المساواة، داعيةً إلى ضرورة تطبيقها على أرض الواقع.

 

 

وانتهت أعمال القمة بتسليط الضوء على مدى انسجام عمل الحركة النسائية الشابة مع الحركات النسائية التاريخية من خلال تقارب الرؤى واستراتيجيات العمل والتأثير والنقاشات والتفكير العميق، وتقاسم التجارب الفضلى من تونس والمغرب إلى جانب تنظيم ورشات عمل ترمي للخروج باستراتيجية استباقية ناجعة للترافع في مختلف القضايا النسائية بالمغرب وتونس.

وعلى إثر ذلك انبثق عن التفكير الجماعي للشابات والشباب النسائي المشاركين في أعمال هذه القمة في يومها الثاني عدد من التوصيات كتنظيم لقاءات دورية بين الحركات النسائية بمختلف أطيافها الشابة لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون والبناء على قاعدة مشتركة، بالإضافة لإنشاء منصات تشاركية رقمية للتنسيق بين الأجيال لتسهيل العمل وتبادل الأفكار، إلى جانب إشراك القيادات النسائية الشابة في البرامج والتدريبات التي تنظمها الجمعيات النسائية لتعزيز استدامة العمل النضالي.

كما خلصت إلى أهمية إعداد خطط ترافعية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأولويات المشتركة بين الحركات النسائية، ودعت المشاركات إلى توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة تأثير الحملات النسائية على السياسات العامة القائمة أو التي تعتزم السلطات العامة تنفيذها والتي قد تضرب في عمقها حقوق المرأة الكونية والضغط من أجل تسريع إصلاح القوانين التي تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء، والتصميم المشترك لحملات توعوية مبسطة، بالإضافة إلى دعم مبادرات شبابية تعتمد على الفنون لنشر القيم النسائية، ثم التعاون مع الإعلام المحلي والدولي لزيادة التغطية الإعلامية للقضايا.