جريمة قتل في إيران تكشف هشاشة النظام القضائي
لا تمثل حادثة مقتل امرأة على يد خطيبها السابق في العاصمة الإيرانية طهران، مجرد جريمة فردية، بل تكشف عن خلل بنيوي في حماية النساء، وتُعيد طرح الأسئلة حول غياب آليات الردع، والمحاسبة، والإنصاف في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.
مركز الأخبار ـ يفلت العديد من مرتكبي جرائم قتل النساء في إيران من العقاب بسبب ثغرات قانونية، وتحيّزات جندرية في النظام القضائي، وضعف آليات الردع والمساءلة، هذا الإفلات يعكس بنية سلطوية تُهمّش حقوق النساء وتُعفي الجناة من المحاسبة الفعلية.
أعادت قضية مقتل مبينا زارع البالغة من العمر 30 عاماً والمقيمة في إسلام شهر، الضوء على عمق التمييز الجندري والقصور في منظومة العدالة القانونية في إيران، فوفقاً لتقرير رسمي صادر عن شرطة التحقيقات الجنائية، فقد تم الإبلاغ عن اختفاءها، في الأول من الشهر الجاري، ليُعثر على جثتها بعد ثلاثة أيام داخل حديقة منزل والد خطيبها السابق في مدينة رباط كريم.
وبحسب التقرير، قُتلت مبينا زارع على يد خطيبها السابق داخل ورشة والدِه، في جريمة مخطط لها مسبقاً، إذ غادر المشتبه به البلاد قبل العثور على الجثة.
ورغم تداول روايات تفيد بأن جسد الضحية أُحرق في فرن لصهر الألمنيوم، فإن الجهات الرسمية لم تؤكد هذه التفاصيل، بما في ذلك موقع الجريمة وطريقة التخلص من الجثة، واكتفت بالإشارة إلى أن القتل وقع في مكان غير محدد.
مع انتشار تفاصيل القضية، ولا سيما تأكيد هروب الجاني خارج إيران، يرى الحقوقيون ونشطاء حقوق المرأة أن هذه الجريمة تتجاوز كونها حادثة فردية، لتُجسّد نمطاً من العنف البنيوي الذي يُسقط النساء ضحايا، ويمنح الرجال حصانة غير معلنة من المساءلة، في ظل بنية قانونية تفتقر إلى العدالة الجندرية.
وفي الرواية الرسمية لجريمة مقتل مبينا زارع، يتم تناول القضية ضمن إطار جنائي تقليدي وهو بلاغ اختفاء، اكتشاف الجثة، فرار المشتبه به، وملاحقته عبر الإنتربول. إلا أن هذه السردية تُغفل تماماً السياقات الاجتماعية والقانونية التي تُسهّل وقوع مثل هذه الجرائم.
التعتيم الرمزي لجرائم القتل يجسد نمطاً من التمييز الجندري
وفي التقارير المنشورة من قبل وكالات أنباء إيران، يُذكر موقع الضحية وهويتها بشكل واضح، بينما يُحجب اسم القاتل الكامل، ما يُثير انتقادات واسعة، حيث يرى كثيرون أن هذا التعتيم الرمزي يُجسّد نمطاً من التمييز الجندري، يُبرّئ الرجل ضمنياً من المسؤولية، ويُلقي عبء "العار" على المرأة، في انعكاس واضح لبنية سلطوية تُكرّس اللامساواة وتُضعف العدالة الجندرية.
ومع تأكيد مغادرة القاتل البلاد فور ارتكاب الجريمة، تصاعدت التساؤلات على منصات التواصل الافتراضي حول التناقض الصارخ في تطبيق القيود القانونية منها كيف يُمنع المعتقلون السياسيون من السفر حتى بعد الإفراج عنهم، بينما يتمكن شخص متهم بالقتل من مغادرة إيران خلال أيام؟.
هذا التفاوت يسلّط الضوء على خلل بنيوي في منظومة الرقابة القضائية والأمنية، التي كثيراً ما تتساهل مع الرجال، خصوصاً من أصحاب النفوذ المالي أو العائلي، وقد تجلّى هذا الخلل سابقاً في قضية الاعتداء الجنسي المرتبطة بلاعب كرة القدم الشهير بجمان جمشيدي، الذي غادر إيران رسمياً إلى كندا فور الإفراج عنه، دون أن يواجه أي مساءلة قانونية.